فن

مهرجان سماع للموسيقى الروحية.. أغاني من أجل المَسَرّة وإطفاء نار الحروب

اختتم مهرجان سماع الدولي للموسيقى الروحية فعاليات دورته الـ 15 لعام 2022، والتي حملت عنوان “رسالة سلام إلى العالم” على مسرح السور الشمالي بالقاهرة.

المهرجان –الذي لفت الأنظار إليه بشدة– يقام برعاية وزارة الثقافة وبالتعاون مع وزارة السياحة والآثار والهيئة العامة للتنشيط السياحي، ومؤسسة حوار لفنون ثقافات الشعوب.

دورة المهرجان الأخيرة شاركت فيها فرق من الأردن  والسودان والجزائر وجيبوتي ورومانيا ولبنان وكندا وجنوب السودان والمغرب وفلسطين وإندونيسيا وسوريا.. بالإضافة إلى العديد من الفرق المصرية.

المهرجان الذي تولى الفنان انتصار عبد الفتاح رئاسة دورته الأخيرة – شهد إقبالا جماهيريا كبيرا وأجواء مفعمة بالبهجة، في ظل تطلع الجمهور لاكتشاف هذا الفن الغنائي الذي لا يلقى رواجا كبيرا مقارنة بالعديد من الفنون الغنائية الأخرى.

المهرجان الذي شاركت فيه 30 فرقة غنائية تمثل مختلف ديانات العالم تقريبا – يُعبّر بصورة واضحة عن حالة التعايش التي يمكن أن يشهدها الكوكب بين أتباع الديانات والثقافات المختلفة؛ بدلا من الصراع الذي تصدر المشهد لقرون طويلة.

انتصار عبد الفتاح
انتصار عبد الفتاح

القائمون على المهرجان كانوا موفقين إلى أقصى مدى في اختيار عبارة “رسالة سلام إلى العالم” لتكون شعارا للمهرجان، حيث تشير حقائق التاريخ إلى أن الفن يظل قادرا على إصلاح الكثير مما أفسدته السياسة.

حالة التوحد بين الجمهور، الذي كان يتمايل يمينا ويسارا، وهو يصفق من فرط الفرحة، وهو يستمع إلى هذه الفرقة أو تلك، وهى تغني على ألحان بالغة العذوبة، تشير إلى أن استمرار هذا المهرجان – كفيل بإذابة جبال الجليد بين معتنقي مختلف الديانات.

جزء كبير من الرسالة الخاصة بالمهرجان.. يصل في كل مرة لمن يهمه الأمر، من خلال الإصرار على إقامة دوراته في أماكن تاريخية لها رمزيتها، مثل منطقة سور القاهرة الشمالي وقبة الغوري، قصر الأمير طاز  وبيت السناري ومجمع الأديان بمصر القديمة.

فكرة المهرجان تقوم على إحياء فن سماع الموسيقى والأغاني المرتبطة بالتراث الديني الإسلامي والمسيحي بشكل خاص والديني بشكل عام، بما يساهم في نشر ثقافة الحوار بين مختلف الشعوب، والتقارب الحضاري بين الأمم.. الأمر الذي يصب في نهاية المطاف في إطار التعايش والوئام.

انطلاقا من أن جوهر الأديان هو المحبة؛ جاءت فكرة المهرجان الذي يسعى لتوظيف الموسيقى كأداة لنشر التسامح؛ ليسود السلام في العالم بدلا من الحروب والصراعات التي كانت سببا في إزهاق أرواح ملايين البشر، في حروب لم تنطفئ نارها يوما ما، حتى ذهب البعض إلى القول أن الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يسعى جاهدا لاستخدام كل ما وصله إليه من تقدم تكنولوجي ضد نفسه.

في ظل المادية الشديدة التي تحكم كل شيء في العالم منذ عقود طويلة – تبقى العودة إلى الموسيقى الروحية أمرا ملحا؛ كي يخلص الإنسان ولو لبعض الوقت من صراعات الحياة اليومية التي تثقل كاهلنا جميعا في يقظتنا، وتطاردنا حتى ونحن نغط في نومنا في شكل كوابيس مفزعة.

البحث عن مساحات تقارب بين البشر ليس مستحيلا.. وفي ظل لغة عالمية يفهمها الجميع مثل الموسيقى؛ فإن ما كنا نظنه مستحيلا لسنوات طويلة يبدو ممكنا، القناعة التي يتوصل إليها المرء من خلال حضور عروض هذا المهرجان – أن الكثير من مشاكل هذا الكوكب يمكن أن تحل إذا اعتاد الفرقاء الاستماع إلى بعضهم البعض، تماما كما نفعل عندما نندمج في حالة من العشق الروحي، ونحن نستمع لإحدى فرق الموسيقى الروحية.

استطاعت الفرق المصرية المختلفة التي شاركت في المهرجان، والتي تغنت بكلمات خاصة بالتراثين الإسلامي والقبطي؛ أن تلفت الأنظار إليها بشدة خلال الدورة الأخيرة في المهرجان وكان من أبرز هذه الفرق فرقة “حور” النسائية للإنشاد الديني التي تأسست منذ عام وكذلك فرقة  “راشي” للألحان القبطية.

كما شهدت عروض فرقة “تواشيح” السورية إقبالا كبيرا وكذلك فرقة “النشيد” التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية التي شهدت حفلاتها حضورا جماهيريا مكثفا.

تدعيم هذا المهرجان وضمان استمراره وتسويقه دوليا بشكل مكثف خلال الدورات القادمة بوصفه أحد أوراق القوة الناعمة لمصر التي يجب استثمارها – أمر بالغ الأهمية.. فمصر التاريخ والجغرافيا تبقى وحدها قادرة على أن تحمل الدعوة بنشر المسرة على الأرض؛ ليسود السلام العالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock