نظّم الحزب العربي الناصري ندوته الأسبوعية، عن “أهمية الطاقة في ظل المستجدات على الساحتين العالمية والمحلية” وقد استضافت الندوة المهندس محمد مجدى بدر الدين، نائب رئيس هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء سابقا، والخبير في شئون الطاقة، وأمين نادى الفكر الناصري في جامعة القاهرة منتصف سبعينيات القرن الماضي.
من جانبه أكّد م. محمد مجدي بدر الدين على أهمية الكهرباء باعتبارها الطاقة اللازمة للصناعة والاتصالات والتنمية وبناء المجتمعات، وأضاف أنه في ضوء أزمة المناخ العالمية وارتفاع درجة حرارة الأرض – تأتى أهمية الطاقة البديلة، الطاقة النووية الآمنة وطاقة الشمس والرياح وأمواج البحر التي يجرى استخدامها لتوليد الكهرباء، وهى التقنيات التي يجري علي نطاق واسع تطويرها واستثمارها.. وضرب مثلا بألمانيا التي أقامت مزارع رياح في داخل بحر الشمال، إلا أنه يعيب هذه الأنواع من الطاقة أنها غير منتظمة التوليد، وهو ما يمكن تداركه بتطوير تقنيات تخزين الطاقة بشكل عام سواء في بطاريات، أو بالاستعانة بمحطات الضخ والتخزين العلوي علي سبيل المثال, وقد أقامت وزارة الكهرباء مشروعها الخاص لتخزين واسترجاع الطاقة فوق جبل عتاقه باستخدام فائض الكهرباء الناتج من مزارع الرياح، وأضاف ليس هناك جدوى من إقامة محطات كبيرة الآن؛ لأن معظمها لا يعمل بكامل طاقته لتوفر فائض كبير، وهو ما يؤثر على العمر الافتراضي للمحطة، وقال بأن الشبكات الكهربية في مصر صارت موحدة في منتصف السبعينيات باستكمال بناء السد العالي، وأكد بدر الدين على أن السد العالي حتى الآن يُعدّ أكبر محطة كهرباء منفردة في مصر إذ ينتج ١٧٥٠ ميجا وات وحده يجرى ضخها في الشبكة الموحدة من خلال ١٢ توربينة هيدروليكية، يعمل منها عشرة توربينات بشكل دائم، وشدد على أن مشروع السد رغم حجم ما ينتج من كهرباء إلا أنه في الأساس أنشئ أساسا كمشروع ري لتنظيم حركة المياه، وأشار إلى أهمية التوسع في الشبكات العابرة للحدود لنقل فائض الكهرباء لدول مجاورة مثل: السودان والسعودية ولبنان وغزه لزيادة الجدوى الاقتصادية للمحطات، وعلي نفس المنوال تطمح إثيوبيا والتي يتوقع أن تنتج كهرباء أكبر من احتياجاتها لتصدير الفائض، باعتبار أن سد النهضة مُنشأ لتوليد الطاقة وليس للري، وقال بأن استهلاك الكهرباء في مصر معظمه موجه للاستهلاك المنزلي، بينما معظم استهلاك الكهرباء في الدول الصناعية موجه للصناعة؛ بما يحدث قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، وأضاف أن المحطات التي أنشئت مؤخرا بقروض كبيرة تعجز هذه المحطات عن الوفاء بها، وقد كانت تعليمات الرئيس جمال عبد الناصر للدكتور عزيز صدقي عدم الحصول على قرض إلا إذا كان القرض سيسدد نفسه بنفسه، وشدد على حتمية توطين تكنولوجيا صناعة الطاقة، وقد سبق لنا إبان الحقبة الناصرية تصنيع المعدات الثقيلة بجودة عالية، وقد كان لدينا في التسعينات مشروع طموح لتوطين هذه الصناعة، لكن مصالح المستوردين وتوابعهم أوقفت المشروع، وما كان يترتب عليه من توفير للعملة الصعبة، وتشغيل أعداد كبيرة من الشباب فضلا عن توطين الصناعة وإمكانية التصدير، وتساءل ماذا يمنع من التنفيذ الآن.. خاصة وأن لدينا الخبرات والأبحاث العلمية وجميع الإمكانيات اللازمة؛ إلا إذا كان هناك مخطط لإضعاف مصر ورهن مصيرها بالخارج، وعرج بدر الدين على الأزمة الأوكرانية الروسية الأخيرة، وما نتج عنها من أزمة طاقة تهدد حياة المواطن الأوربي، خاصة بعد توقف أنابيب الغاز، ولجوء أوربا لاستيراد الغاز المسال من قطر وغيرها، عبر بواخر عملاقة.. وهو عمل مكلف ومرهق إذا قورن بالغاز الروسي عبر الأنابيب.
وفى مداخلته أمام الندوة أكد كمال أبو عيطه وزير القوى العاملة الأسبق – على افتقاد مصر للإرادة الوطنية، ويغلب على أداء الحكومة مراعاة أصحاب المصالح والمستوردين، وذلك في معرض تعقيبه على سؤال المهندس بدر الدين، ما الذى يمنع من توطين صناعة تكنولوجيا صناعة الطاقة، وأضاف الوزير الأسبق بأن الحكومة تنحاز لمصالح عدد من المستوردين.
وقال الكاتب الصحفي الكبير محمد الشافعي بأن الرئيسي السيسي أكد في لقاء سابق على أن التصنيع إرادة دولية، وهو ما يمكن أن يجيب على السؤال المهم، في هذا الوقت الأهم لماذا لا نوطن هذه الصناعات بالغة الأهمية، رغم توفر جميع الإمكانيات؟!