رؤى

أكاذيب “سانتوس” تعيد الجدل حول “الهولوكوست”!

جورج سانتوس هو عضو الكونجرس عن الحزب الجمهوري في نيويورك، وصفته الصحف الأمريكية على مدار الاسابيع الماضية بـ “المحتال الأكبر” إذ لم يترك هذا الشخص فرصة للكذب إلا اغتنمها، بداية من الكذب بشأن اسمه الذي كان قبل أربع سنوات فقط “أنتوني ديفولدر” كذلك الأمر بالنسبة لتعليمه إذ ادعى كذبا ارتياده إحدى مدارس النخبة وحصوله على درجة أكاديمية من جامعة نيويورك، وكلية باروخ بنيويورك.. حتى الإنجاز الرياضي لم يغفله سانتوس؛ إذ زعم أنه كان لاعبا بفريق الكرة الطائرة بذات الكلية.

من الغريب أن سانتوس أيضا كذب بشأن هويته الجنسية، وصرّح بانتمائه إلى ما يُعرف بمجتمع الميم؛ لكن الأوراق الرسمية أثبتت أنه كان متزوجا من امرأة لفترة، وحدث الطلاق عام 2008.

من الأكاذيب التي أطلقها نائب الكونجرس أيضا، مجموعة لا بأس بها تتعلق بوالدته التي روّج أنها كانت إحدى ضحايا الهجوم على برجي التجارة في الحادي عشر من سبتمبر 2001، والحقيقة أن الوالدة لم تكن قد انتقلت بعد إلى الولايات المتحدة في هذا التاريخ، والطريف أنها توفيت عقب هذا التاريخ بنحوٍ من خمسة عشر عاما.. الأكذوبة الأهم من بين أكاذيب جورج سانتوس كانت بشأن جديه لأمه؛ إذ ذكر أنهما كانا يهوديين، كُتبت لهما النجاة من الهولوكوست.

11 سبتمبر

ويبدو أن هناك علاقة وثيقة بين نيويورك واليهود وادعاء النجاة من الهولوكوست، ما جعل الأمر يصل أحيانا إلى السخرية وإطلاق النكات.. لفت الأمر نظر الكاتب والأستاذ الجامعي اليهودي المعادي للصهيونية نورمان فنكلشتاين الذي ذهب إلى أن المتاجرة بالمأساة والاستثمار فيها قد دفع البعض إلى التلاعب بأرقام الناجين من المحرقة، للمطالبة بالمزيد من التعويضات. ويعلق فنكلشتاين على ذلك بسخرية لاذعة قائلا: “لا أبالغ إذا قلت أن واحدا من كل ثلاثة يهود ممن تراهم في شوارع نيويورك؛ سَيَدَّعِي أنه من الناجين. فمنذ عام 1993، ادعى القائمون على هذه “الصناعة” أن عشرة آلاف ممن نجوا من الهولوكوست يموتون كل شهر، وهو أمر مستحيل كما يبدو، لأنه يعني أن هناك ثمانية ملايين شخص نجوا من الهولوكوست في عام 1945، وظلوا على قيد الحياة، ولا يقف الأمر عند حدود التلاعب بالأرقام؛ بل يتجاوز ذلك إلى التلاعب بالحقائق نفسها. فيلاحظ أن “متحف إحياء ذكرى الإبادة النازية” في واشنطن -على سبيل المثال- يمر مرور الكرام على موضوع المذابح الجماعية التي ارتكبها النظام النازي في حق الغجر والسلافيين والمعاقين، فضلا عن المعارضين السياسيين”.

وتعني كلمة هولوكوست في التراث اليهودي، القربان المحترق بكامله، وهو أقدس أنواع القرابين عند اليهود، ويقدم كتكفير عن جريمة الكبرياء، والوحيد المسموح بأن يقدمه الأغيار(غير اليهود) كما تشير الكلمة أيضا إلى هدم هيكل سليمان، والمعنى كما يوضح الدكتور المسيري أن اليهود هم أقدس الشعوب، وأنهم قُدّمُوا كقربان على مذبح الرب، أو أنهم هيكل الله الذي هدمه الأغيار، والحقيقة التي لا تقبل الشك أننا إذا نحينا هذه الترهات جانبا وعدنا إلى أرض الواقع؛ سنجد أن الكيان الصهيوني استطاع خلال خمسة وثلاثين سنة؛ أن يحصل على سبعين مليار دولار من ألمانيا وحدها كتعويضات عن الهولوكوست

ويؤكد الباحث الفرنسي روبرت فوريسون أن أسطورة قتل ملايين اليهود في غرف الغاز قد انتهت بالكلية يوم 21/2/1979، على صفحات اللوموند، عندما أكد أكثر من ثلاثين مؤرخ فرنسي عدم استطاعتهم “قبول التحدي بصدد الاستحالة التقنية لهذه المسالخ الكيمائية السخيفة”.

اليهود

ويضيف فوريسون: “خلال التاريخ عرفت الإنسانية مائة محرقة حافلة بخسائر رهيبة بالأرواح وكوارث دموية، ولكن معاصرينا تعوّدوا أن يتذكروا واحدة فقط هي محرقة اليهود، حتى أصبحت كلمة (المحرقة) تخص اليهود فقط، دونما حاجة إلى القول، محرقة اليهود. ولم تؤد أية محرقة سابقة إلى دفع تعويضات مادية تشبه تلك التي طلبها ونالها اليهود لقاء كارثة الشواة (الاسم العبري للهولوكوست) التي يصفونها بأنها فريدة من نوعها وغير مسبوقة وهو الأمر الذي كان يمكن أن يكون صحيحا لو كانت عناصرها الثلاثة (الإبادة المزعومة لليهود، غرف الغاز النازية المزعومة، الملايين الستة من الضحايا اليهود المزعومين) حقيقية”.

أما عالم الكيمياء الألماني غيرمار رودلف – سُجن لفترة بالولايات المتحدة بسبب ما يطرحه من رؤى حول الهولوكوست- فقد أثبت من خلال دراسة له أن الغاز الذي يفترض أنه استخدم ضد اليهود والذي يفترض أن تبقى له آثار على مدى قرون في التربة، لم يوجد أثر له قط في معسكرات الاعتقال النازية.

وعندما تبلغ السخرية مداها يبلغ الاستخفاف بالعقول حدا مرعبا؛ فهل من المعقول أن يشاهد زائرو متحف أوشفيتز نموذجا أعيد تركيبه لغرفة غاز كان يقتل فيها نحو ألف يهودي كل نصف ساعة حسب المزاعم الصهيونية، ذلك لأن المواقع الحقيقية لا يمكن من خلالها تصور أي أعمال من هذا النوع، يقول المؤرخ الفرنسي إريك كونان عن هذا المشهد عندما رآه متعجبا من هذه الكذبة المركبة:” إن كل شيء فيها مزيف”.

والسؤال هل كانت في تلك المعسكرات غرف غاز وأخرى مخصصة لحرق الجثث؟ بالطبع كانت هناك غرف للغاز لكنها كانت تستعمل لتطهير ملابس السجناء وحراسهم من جراثيم الأوبئة التي كانت منتشرة في ذلك الوقت، وأما غرف المحارق فقد كانت تُستعمل لحرق جثث الموتى كوسيلة سريعة وفعالة للتخلص من جثث المرضى.

يذكر أنه منذ نحوٍ من خمسة وثلاثين، قُدّمَ الكاتب والرسام الكندي الألماني الأصل “أرنست زندل” إلى المحاكمة بسبب كتيب أصدره بعنوان “هل حقا مات ستة ملايين يهودي؟” فنّد فيه كثيرا من المبالغات المتعلقة بالمحرقة، ولكن فريق الدفاع عنه طلب من المحكمة أن تنتدب متخصصا في غرف الغاز التي تستخدم في عمليات الإعدام؛ ليضع تقريرا واقعيا عن معسكرات الاعتقال التي أقامها النازيون لليهود في بولندا، وادعى اليهود بعد ذلك أنها كانت مسرحا للمحرقة.

انتدبت المحكمة متخصصا أمريكيا يدعى “فريد لوشتر” وهو رجل كفء وفوق مستوى الشبهات، ولم يعرف عنه أي توجه سياسي. سافر الرجل إلى بولندا وصحب معه فريقَ عملٍ مكونٍ من رسّام للمواقع، ومصور سينمائي ومترجم للغة البولندية، وتوجّه الجميع إلى معسكرات الاعتقال في أوشفيتز، وبركناو، ومايدانك، وكان الهدف هو وضع تقرير علمي مفصّل وفق رؤية واضحة حول إمكانية إعدام العدد المذكور من اليهود في غرف الغاز.

فريد لوشتر

وقد أثبت لوشتر في الدراسة العلمية التي أعدها، أنه لا توجد غرف إعدام بالغاز في هذه المواقع، لأن المنشآت التي شاهدها لا يمكن استخدامها في إعدام ستة ملايين شخص، كما أورد في تقريره أنه “بعد دراسة المواد المتوافرة، وتقييم المنشآت الموجودة في أوشفيتز وبركناو، ومايدانك، ومع خبرة ومعرفة بأسس تصميم وتشغيل غرف الإعدام بالغاز، ودراسة تكنولوجيا حرق الجثث، لا يجد كاتب هذا التقرير أي دليل على أن المنشآت التي يُدّعى أنها غرف إعدام، قد أنشئت لاستخدامها في مثل هذا الغرض”.

وأضاف: “إن التقرير يَخْلُص إلى أنه بسبب تصميم وإنشاء تلك المنشآت، لا يمكن أن تكون استخدمت على الإطلاق كغرف إعدام بالغاز المذكور(سيانيد الهيدروجين) ولا بغيره”.

وبالرغم  من هذا التقرير المُفصّل الذي لا يدع مجالا للشك- ظل الكاتب أرنست زندل ملاحقا ومطاردا ومرحّلا ومسجونا بين كندا والولايات المتحدة وألمانيا لفترة طويلة.

المؤرخ البريطاني ديفيد إيرفنج الذي مَثُل أمام المحاكم بسبب انتقاده الشديد والقاسي للهولوكوست – أكد أنه لا توجد ولا وثيقة واحدة يُعتدّ بها فيما يتعلق بموضوع غرف الغاز. وأضاف: “اليهود لديهم مشكلة كبيرة في الوصول إلى ستة ملايين اسم، هناك نصب تذكاري في إسرائيل اسمه “ياد فاشيم” لوضع قائمة بأسماء ستة ملايين، ولم ينجحوا في الحصول إلا على حوالي اثنين أو ثلاثة ملايين، وتوقفوا عند ذلك”. مع العلم أنه من المستحيل أن تكون تلك الأسماء التي كتبت على هذا النصب حقيقية أو واقعية؛ وفق ما أكدته كافة التقارير المشار إليها منذ نحو نصف قرن ويزيد، فليس زندل وإيرفنج فحسب هما من هدما أي أساس منطقي لهذا الادعاء؛ فالمعلوم أن أول من شكك في الهولوكوست هو الباحث الفرنسي بول راسينيه، وكذلك الأديب الفرنسي الشهير لويس فرديناند سيلين الذي كان دائم السخرية من تلك القصة بقوله: “يبدو أنها كانت غرف غاز سحرية”.

“الهافارا” هو ما يمكن أن يحسم كثيرا من الجدل المثار حول الهولوكوست، فماذا يعني؟ ولماذا يحاول الصهاينة الوصول إلى كل وثيقة تتعلق به والتخلص منها؟

“الهافارا” هو الاتفاق الاقتصادي الذي عُقد عام 1933،  واستمر تنفيذه حتى عام 1942، بين ممثلين للصهاينة والحكومة الألمانية؛ لتهجير يهود ألمانيا إلى فلسطين، ووفق مذكرات المستشار الألماني بروننج؛ فإن كثيرين من اليهود الألمان كانوا قد تبرعوا للحزب النازي، ومن المعروف والموثق أيضا أن السلطات الألمانية قد دشنت منذ أكتوبر 1933، خطًا مباشرا بين “هامبورج” و “حيفا” بإشراف حاخامية هامبورج، وظل هذا الخط يعمل حتى سنة 1942.

والآن ونحن نشهد آلة الاحتلال الإجرامية تعمل بشراسة متناهية، قتلا وتدميرا في الأرض العربية المحتلة، في ظل صمت دولي وتواطؤ أمريكي- لا نرى عجبا في كم الأكاذيب الذي يغرق كلا الكيانين الاستيطانيين، فالأكاذيب تمثل ضرورة لمثل تلك المجتمعات -30 ألف كذبة وادعاء مضلل أطلقها ترامب خلال فترة رئاسته حسب تقرير لواشنطن بوست- التي نشأت على الإبادة الجماعية لأصحاب الأرض الأصليين، وارتكاب الفظائع دون توقف بحق الأبرياء.. لكن حكمة التاريخ تؤكد أن تلك الكيانات العنصرية البغيضة، مهما طال بقاؤها، فإن مصيرها إلى التفكك والزوال.

ماهر الشيال

باحث وكاتب ومحرر مصري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock