مختارات، نقلاً عن موقع بي بي سي
أبلغت كل من أوكرانيا وروسيا عن تكبد خسائر فادحة في صفوف الطرف الآخر، مع احتدام معركة السيطرة على وسط باخموت شرقي أوكرانيا.
وتحاول موسكو السيطرة على المدينة الواقعة شرقي أوكرانيا منذ شهور، وسط تساؤلات عن جدوى قتال كييف هناك.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطابه الليلي بالفيديو “في أقل من أسبوع، بدءاً من 6 مارس/آذار، تمكنا من قتل أكثر من 1100 من جنود العدو في قطاع باخموت وحده، خسارة روسيا التي لا رجعة فيها، هناك بالقرب من باخموت”.
وأضاف أن “1500 جندي روسي أصيبوا بجروح بالغة بما يكفي لإبعادهم عن القتال”.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن القوات الروسية قتلت “أكثر من 220 عسكرياً أوكرانياً”.
من شأن السيطرة على المدينة أن تقرّب روسيا من هدفها المتمثل في السيطرة على منطقة دونيتسك بأكملها، وهي واحدة من أربع مناطق في شرق وجنوب أوكرانيا ضمتها روسيا في سبتمبر/أيلول الماضي، بعد استفتاءات، اعتبرتها الدول الغربية “مزيفة”.
مثل روسيا، أعطت أوكرانيا أيضاً أهمية سياسية لباخموت، إذ جعل الرئيس زيلينسكي المدينة “رمزاً للمقاومة”.
عندما زار واشنطن في ديسمبر/كانون الأول، أطلق عليها اسم “حصن معنوياتنا” وقدم علم باخموت إلى الكونغرس الأمريكي.
يقول القادة الأوكرانيون الذين خصصوا موارد كبيرة للدفاع عن المدينة، إن استراتيجيتهم تهدف إلى تقييد القوات الروسية ومنع موسكو من شن أي هجمات أخرى في الأشهر المقبلة.
وقال قائد القوات البرية الأوكرانية، الكولونيل أولكسندر سيرسكي، إن مجموعة فاغنر الروسية تهاجم قواته من عدة اتجاهات، في محاولة لاختراق الدفاعات والتقدّم إلى المناطق الوسطى من البلدة.
وأوضح سيرسكي أن الوضع في باخموت كان صعباً، مضيفاً أن قواته تصد كل المحاولات الروسية للسيطرة عليها.
كان التنظيم شبه العسكري في قلب الهجوم الروسي على باخموت. وقد راهن قائده، يفغيني بريغوزين، على سمعته وسمعة جيشه الخاص في السيطرة على باخموت.
وقال الأحد إن الوضع في المدينة “صعب، صعب للغاية، العدو يقاتل في كل متر… لكننا نتقدم وسوف نتقدم”.
وقال في تسجيل صوتي نشر على تلغرام: “كلما اقتربنا من وسط المدينة اشتد القتال”.
وقال إنه بعد السيطرة المتصورة على باخموت “سنبدأ في تجنيد أشخاص جدد من المناطق”.
والسبت، أفاد معهد دراسة الحرب، وهو مركز أبحاث أمريكي، أن هجوم موسكو كان متوقفاً.
وأضاف “مقاتلي مجموعة فاغنر من المرجح أن يصبحوا محاصرين بشكل متزايد في المناطق الحضرية، وبالتالي يجدون صعوبة في تحقيق تقدّم كبير”.
وكان هناك حوالى 70 ألف شخص يعيشون في باخموت قبل بدء الحرب، لكن لم يبق منهم سوى بضعة آلاف.
واشتهرت المدينة ذات يوم بمناجم الملح والجبس ومصنع النبيذ الضخم.
“جدوى القتال”
يتساءل البعض في أوكرانيا بشأن حاجة قوات كييف للقتال من أجل هذه المدينة، مع ما يعنيه ذلك من خسائر في صفوفها.
ومن المرجّح أن تزداد هذه الخسائر إذا تمكّنت القوات الروسية من تطويق باخموت، بعدما نجحت في قطع عدد من الطرق المهمّة لإيصال الإمدادات إلى الجنود الأوكرانيين.
وحذّر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ الأسبوع الماضي، من أنّ باخموت قد تسقط “في الأيام المقبلة”.
بالنسبة إلى القيادة العسكرية الأوكرانية، فإنّ الأمر يتعلّق بالحفاظ على باخموت أطول وقت ممكن، حتّى تستخدم روسيا هناك أكبر عدد من رجالها والأسلحة والذخيرة، وتجد نفسها ضعيفة عندما تشنّ أوكرانيا هجومها المضاد.
وقال الجنرال سيرسكي السبت “يجب كسب الوقت لجمع الاحتياطات وشنّ هجوم مضاد”.
وتعتزم أوكرانيا مهاجمة الجيش الروسي في الأسابيع أو الأشهر المقبلة من أجل استعادة الأراضي التي تسيطر عليها موسكو، بعد انتصارات سابقة في العام 2022 في الجنوب والشمال والشرق.
وهي تعتمد على تزويدها بالأسلحة الغربية، خصوصا بالدبابات وذخيرة المدفعية التي يصل مداها إلى أكثر من مئة كيلومتر. وقد وعد الأوروبيون والأميركيون بذلك، ولكن تسليمها بطيء وصعب.
أوكرانيا ثالث وجهة للأسلحة
أفاد تقرير صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام “سيبري”، عن ارتفاع واردات الأسلحة إلى أوروبا التي تضاعفت تقريبا في العام 2022.
وأصبحت كييف ثالث وجهة للأسلحة، واستأثرت وحدها بـ31% من واردات الأسلحة في أوروبا و8% من الصفقات في العالم، وفق أرقام تلقّتها فرانس برس من المعهد في إطار تقريره السنوي، بعدما كانت لا تسجّل واردات أسلحة تذكر قبل الحرب.
ولفت المعهد إلى أن واردات أوكرانيا بما فيها الإمدادات التي قدّمها لها الغرب ازدادت بأكثر من ستين مرة في 2022.
ومع زيادة نسبتها 93% على مدار عام واحد، ازدادت الواردات أيضا بفعل تسارع الإنفاق العسكري من جانب دول أوروبية عدة مثل بولندا والنرويج، ومن المتوقع أن تتسارع أكثر استنادا إلى هذه الدراسة المرجعية.
من جهته، قال المفوض الأوروبي للصناعة تييري بروتون الاثنين إن الاتحاد الأوروبي “سيحرص” على زيادة إنتاج الذخائر لصالح أوكرانيا الذي يتولاه “15 مصنعا في 11 دولة” عضو في التكتل.
وأضاف تصريح لإذاعة “آر إم سي” الفرنسية الاثنين “علينا التحرك بسرعة كبيرة، فالحرب المأساوية في أوكرانيا التي بدأها (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين، بصدد التحول إلى حرب خنادق وجها لوجه، وثمة سباق بالطبع لإرسال أكبر قدر من الذخيرة من الجانبين”، مشيرا إلى أن الأوكرانيين “يعتمدون” على أوروبا لإمدادهم بالذخائر.
من جهتها، أعربت منظمة هيومن رايتس ووتش الاثنين عن قلقها إزاء العواقب “الوخيمة” للحرب على الأطفال الموجودين في مؤسسات رعاية، والذين نُقل الآلاف منهم إلى الأراضي الخاضعة للسيطرة الروسية أو إلى روسيا.
وقالت إنّ “إعادة الأطفال الذين أخذتهم القوات الروسية بشكل غير قانوني، يجب أن تكون أولوية دولية”، داعية كييف إلى القيام بإصلاح “عاجل” لنظام رعاية الأطفال.
جينبينغ قد يزور روسيا
وفي سياق متصل، قال أشخاص مطلعون إن الرئيس الصيني شي جينبينغ يخطّط للسفر إلى روسيا للقاء نظيره، فلاديمير بوتين، في أقرب وقت الأسبوع المقبل.
وقال أحد كبار حلفاء الرئيس فلاديمير بوتين يوم الإثنين إنه يشك في أن خطوط أنابيب نورد ستريم قد نسفتها مجموعة موالية لأوكرانيا، وقال إن موسكو ما زالت لا تعرف من يقف وراءها، حسبما ذكرت وكالة إنترفاكس.
وبشأن اتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إنه يعتقد أن الصفقة ستمدد عن الموعد النهائي الحالي الواقع في 18 مارس/آذار.
وقالت وزارة الخارجية الروسية يوم الأحد إن ممثلي روسيا لم يشاركوا بعد في مفاوضات تمديد الاتفاق.