نقلًا عن مونت كارلو
أدت الاشتباكات التي اندلعت في منتصف نيسان/أبريل في السودان إلى سقوط أكثر من 400 قتيل وأكثر من 3500 جريح، كما ذكرت منظمة الصحة العالمية الجمعة 21 أبريل 2023. من جهة أخرى، قالت قوات الدعم السريع شبه العسكرية في السودان إنها وافقت على هدنة إنسانية لمدة 72 ساعة تبدأ في السادسة صباح الجمعة 21 أبريل بالتوقيت المحلي (0400 بتوقيت غرينتش)، مما يفسح المجال لتهدئة محتملة لقتال مستمر منذ ستة أيام مع الجيش السوداني.
وأضافت قوات الدعم في بيان “الهدنة تأتي تزامنا مع عيد الفطر المبارك ولفتح ممرات إنسانية لإجلاء المواطنين وإتاحة الفرصة لهم لمعايدة ذويهم”.
ولم يصدر حتى الآن تعليق من الجيش ولا قائده الفريق أول عبد الفتاح البرهان الذي لم يتطرق لوقف إطلاق النار في كلمة مسجلة مسبقا نشرت على صفحة الجيش على موقع فيسبوك.
ووقعت انفجارات بالعاصمة الخرطوم وسمع دوي قصف بالمدفعية قبل الإعلان عن الهدنة، وسمع شهود إطلاق نار حتى قبل موعد صلاة العيد والتوقيت المقرر لدخول الهدنة حيز التنفيذ.
وقال سكان إن جنودا ينتشرون سيرا على الأقدام في بعض الأحياء، مما يعني على ما يبدو أن الجيش يستعد لمزيد من الاشتباكات.
وفي مدينة بحري على الضفة الأخرى من نهر النيل قال سكان إن الجيش نشر أعدادا كبيرة من القوات وأنه يمكنهم سماع دوي تبادل إطلاق النار بين قوات الجيش والدعم السريع. واندلع القتال بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني يوم
السبت، الأمر الذي أخرج خطة مدعومة دوليا للانتقال إلى الديمقراطية المدنية عن مسارها بعد أربع سنوات من سقوط الرئيس السابق عمر البشير في احتجاجات حاشدة، وبعد عامين من انقلاب عسكري.
وفي بيانها، قالت قوات الدعم السريع إنها أُجبرت على هذه الأوضاع “دفاعا عن النفس وللتصدي لانقلاب قيادة القوات المسلحة”.
وأكدت في الوقت نفسه التزامها “بالوقف الكامل لإطلاق النار” خلال الهدنة التي أعلنتها.
ولقي ما لا يقل عن 350 شخصا حتفهم حتى الآن في الصراع العنيف على السلطة بين الحليفين السابقين قائد الجيش السوداني البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي.
وأطاح الصراع بالآمال في إحراز تقدم نحو الديمقراطية في السودان، كما أنه قد يلعب دورا في منافسة إقليمية بين روسيا والولايات المتحدة.
مناشدة من الأمم المتحدة
وكانت قوات الدعم السريع قد نددت في وقت سابق من اليوم بالجيش وقالت إنه ينفذ هجوما كاسحا يستهدف الأحياء السكنية.
وقالت في بيان “في هذه اللحظة التي يستعد فيها المواطنون لاستقبال أول أيام عيد الفطر، تستفيق أحياء العاصمة الخرطوم على وقع قنابل الطائرات والمدافع الثقيلة في هجوم كاسح استهدف بشكل مباشر الأحياء السكنية”.
وناشد أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة الخميس الجانبين وقف إطلاق النار للسماح للمدنيين بالوصول إلى مناطق آمنة.
وفر آلاف المدنيين من العاصمة الخرطوم وسط إطلاق نار وانفجارات الخميس. وعبرت أعداد كبيرة الحدود إلى تشاد هربا من القتال الدائر في منطقة دارفور بغرب السودان.
وذكرت مجموعة أطباء إن ما لا يقل عن 26 شخصا لقوا حتفهم وأصيب 33 في مدينة الأبيض غربي الخرطوم أمس الخميس. وتحدث شهود عن اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريعة وأعمال نهب واسعة النطاق.
وقال غوتيريش للصحفيين بعد اجتماع عبر الإنترنت مع قادة الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية ومنظمات أخرى “كان هناك توافق شديد في الآراء على إدانة القتال الدائر في السودان والدعوة إلى وقف الأعمال العدائية باعتبار ذلك أولوية فورية”.
وأضاف أنه يتعين السماح للمدنيين المحاصرين في مناطق النزاع بالخروج من هذه المناطق والحصول على العلاج الطبي والغذاء والإمدادات الأخرى.
وقال قائد الجيش السوداني البرهان لقناة الجزيرة إنه سيدعم هدنة بشرط السماح للمواطنين بالتحرك بحرية، وهو أمر قال إن قوات الدعم السريع تمنعه حتى الآن.
وقال أيضا إنه لا يرى حاليا طرفا آخر ليفاوضه وأن لا خيار إلا الحل العسكري.
على الجانب الآخر، قال دقلو لقناة الجزيرة إنه مستعد لتنفيذ هدنة لمدة ثلاثة أيام في العيد.
وتابع “نتحدث عن هدنة إنسانية… نتحدث عن ممرات آمنة… لا نتحدث عن الجلوس مع مجرم”.
انقلاب فاشل
ويتهم البرهان حميدتي بالرغبة في “الاستيلاء على السلطة”.
وحميدتي كان حتى الأسبوع الماضي نائب البرهان في مجلس السيادة الذي يحكم البلاد منذ انقلاب وقع قبل عامين.
وصمد إلى حد كبير التحالف بين الرجلين منذ الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير قبل أربع سنوات. وشهد حكم البشير تحول السودان إلى دولة لا تحظى بترحيب دولي ومدرجة على القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب.
واندلعت أحدث أعمال العنف بسبب الخلاف على خطة مدعومة دوليا لتشكيل حكومة مدنية جديدة. ويتبادل الجانبان الاتهامات بإحباط عملية الانتقال.
وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين برنامج الأغذية العالمي أمس الخميس إن ما بين عشرة و20 ألف شخص فروا من القتال لجأوا إلى القرى الواقعة على طول الحدود داخل تشاد.
وكان حوالي ربع سكان السودان يعانون بالفعل من الجوع الشديد حتى قبل اندلاع الصراع. وأوقف برنامج الأغذية العالمي واحدة من كبرى عمليات المساعدات العالمية التي يقدمها في السودان يوم السبت بعد مقتل ثلاثة من موظفيه.
ويتشارك السودان في حدود مع سبع دول ويقع بين مصر والسعودية وإثيوبيا ومنطقة الساحل المضطربة في أفريقيا، ولذا يحتمل أن تفاقم الأعمال القتالية التوترات الإقليمية.