إنجاز بكل المقاييس حققه فريق كرة القدم بالنادي الأهلي المصري، بحصده كأس إفريقيا للأندية الأبطال، للمرة الحادية عشرة في تاريخه، والثالثة خلال الأربع نسخ الأخيرة؛ رغم أن الظروف هذا العام لم تكن مواتية بالمرة، إذ كان الإقصاء قريبا جدا من الفريق في دور المجموعات بعد هزيمتين من الهلال السوداني بهدف دون رد، ومن صن داونز الجنوب إفريقي بخمسة أهداف مقابل هدفين.. استفاق الأهلي بعد هذه المباراة وفاز في باقي مبارياته؛ لكن مصيره لم يكن بيده إذ كان إخفاق الهلال في تحقيق الفوز على صن داونز واكتفائه بنقطة التعادل، بعد أن أهدر قائده أطهر الطاهر ضربة جزاء في نهاية المباراة- هو نقطة التحول وبطاقة التأهل للمارد الأحمر.
وكعادة الأهلي في الأدوار الإقصائية؛ تحوّل إلى فريق يصعب إيقافه أو السيطرة عليه. يلتقي الرجاء البيضاوي (أول مجموعته) فيعبره بسهولة بهدفين دون رد في القاهرة، وتعادل سلبي دون جهد كبير في مركب محمد الخامس، وفي قبل النهائي يلتقي الترجي المحروم من جمهوره والمتخم بالإصابات والغيابات، ليفوز الأهلي بثلاثية في رادس، ويكتفي بالفوز بهدف واحد في القاهرة؛ ليتأهل للنهائي لملاقاة الوداد، غريمه في نهائي العام الماضي الذي كان من مباراة واحدة فقط، لعبها البيضاوي على ملعبه؛ ضمن ملابسات عجيبة وغريبة، طالت فيها أصابع الاتهام الكثيرين.
جرت المباراة الأولى في القاهرة.. وفاز الأهلي بهدفين لهدف، في انتظار الحسم في المُركب.
في مباراة أمس الأحد ألقت أحداث كثيرة بظلالها على المباراة.. أهمها ما يتعلق بأداء الحكم الليبي معتز الشلماني في لقاء الذهاب، وتعيين الإثيوبي تسيما للقاء كازا.
كذلك المعرفة المسبقة بأساليب اللعب التي تتبعها بعض فرق الشمال الإفريقي التي تتعمد إضاعة الوقت واستفزاز المنافس وادعاء الإصابة، وغير ذلك من الأساليب التي لا تمت للعب النظيف بِصلة.
رغم علم لاعبي فريق النادي الأهلي بكل ذلك إلا أنهم بمجرد أن أطلق الحكم صفارته معلنا عن بداية المباراة- انجرفوا في تسرع ورعونة خلف استفزازات لاعبي الوداد وهفوات الحكم، فخرجوا بسرعة من أجواء المباراة، ومُني مرماهم بهدف في الدقيقة 27 من ضربة حرة مباشرة بجوار الخط الجانبي للملعب رفعها يحيى عطية الله عرضية لكنها مرت من الجميع وسكنت المرمى في الزاوية العليا على يمين الشناوي الذي يتحمل جزءا كبيرا من مسئولية الهدف.
ورغم أن 63 دقيقة كانت مازالت باقية من عمر المباراة بعد هدف الرجاء.. وهي بالطبع مدة طويلة جدا- إلا أن لاعبي الفريق المغربي قرروا إهدار هذا الوقت الكبير في السقوط المتكرر وادعاء الإصابة، وافتعال المشاكل ومشاكسة لاعبي الأهلي؛ مستفيدين من الحالة المزرية التي ظهر عليها حكم المباراة تسيما.
كان الأمل متعلقا بالثنائي بيرسي تاو وحسين الشحات، لكن الشوط الأول شهد تدنيا ملحوظ في أداء اللاعبين، بالإضافة إلى ارتكاب الشحات لمخالفة شد الحكم من ملابسه في محاولة بائسة للفت نظره لخطأ وقع فيه أحد مدافعي الرجاء، العجيب أن الحكم اكتفى بإنذاره، بينما كان الخطأ يستوجب الطرد دون نقاش.
مع بداية الشوط الثاني حاول مارسيل كولر المدير الفني للنادي الأهلي حلحلة الوضع المتأزم.. لكن محاولاته لم تسفر عن شيء ليضطر إلى إجراء عدد من التغييرات بسحب الشحات الذي أكمل تهوره بإبداء السخط بصورة تخلو من اللياقة عند خروجه، ومعه مروان عطية ليحل محلهما عبد القادر وقفشه بعد انقضاء نحو ساعة من اللقاء.
لم يتغير شيء على مدى الدقائق العشر التالية؛ ليضطر كولر لإجراء تغييرين آخرين بخروج حمدي فتحي وكهربا؛ ليشارك مكانهما السولية وشريف.. لكن الرؤية ما زالت غائمة بالنسبة لهجوم الأهلي، كما هو الحال في الملعب الذي كساه الدخان بسبب إحراق جماهير الوداد لبعض المواد.. ويضطر تسيما لوقف اللعب لعدة دقائق لحين انقشاع الدخان.
ثم تأتي اللحظة الفاصلة بعد عدة هجمات للنادي الأهلي، تخرج الكرة على إثرها لركنية يرفعها معلول نموذجية نحو القائم القريب ليحولها محمد عبد المنعم في الزاوية العليا البعيدة وسط إعجاب وذهول حارس الوداد ودفاعه المستميت.
يستفيق لاعبو الوداد في محاولة لإحراز هدف آخر على أمل تمديد الوقت، لكن محاولاتهم جاءت متأخرة وغير خطيرة وسط سيطرة ميدانية من لاعبي الأهلي الذين أهدروا ثلاثة انفرادات بغرابة شديدة عن طريق شريف وعبد القادر؛ لينتهي اللقاء بالتعادل العادل؛ لتذهب الكأس الغالية للجزيرة للمرة الحادية عشرة، في بطولة كانت في نظر الكثيرين الأصعب على الإطلاق.. لكن رجال الأهلي أثبتوا للجميع أنهم لا يعرفون المستحيل.
أثبتت تلك البطولة أن فريق الأهلي لديه مدرب على أعلى درجات الكفاءة، يستطيع قراءة المباريات جيدا وتقديم الحلول أثناء اللعب، وتوظيف اللاعبين كل حسب إمكاناته، ويعتبر بيرسي والشحات ضمن اكتشافاته بعد أداء مخيب للآمال استمر لأكثر من موسم.
كسب الأهلي أيضا في تلك البطولة حارسًا عملاقا سيكون بجدارة مستقبل حراسة المرمى في الأهلي هو مصطفى شوبير.
لا يجب أن يُنسي هذا الفوز الكبير، إدارة الأهلي – الحاجة الماسة لمهاجم سوبر، وأن عددا لابأس به من لاعبي الفريق، قد أدوا ما عليهم، وآن أوان رحيلهم.
لا يجب أن تتسامح الإدارة الحالية مع ألاعيب الكاف والمتحكمين فيه وما أكثرها، بل لابد من آلية ناجعة للمتابعة والرد والاعتراض لعدم التمادي في مثل هذه الأساليب غير المقبولة.