انطلقت أمس السبت في العاصمة الإيفوارية أبيدجان، فعاليات كأس الأمم الأفريقية 2024، وسط حالة من التفاؤل بنجاح البطولة التي تمثل تحديا كبيرا لبلد النجم الكبير ديديه دروغبا؛ للتأكيد على خروج ساحل العاج من دوامة الانقسامات والخلافات التي قادته سابقا إلى حرب أهلية هددت وجوده واستقراره.
هذه النسخة هي الثانية التي يستضيفها الإيفواريون.. نسختهم الأولى كانت قبل أربعين عاما.. كان الأفيال مازالوا في بداية الطريق، فلم يفلحوا في تجاوز الدور الأول.. استغرق الأمر ثماني سنوات، ليعتلي الأفيال منصة التتويج بكأسهم الأولى في داكار.. تلك الكأس التي ستغيب لنحوٍ من ربع قرن قبل أن يجنيها الفريق العاجي في 2015 في غينيا الاستوائية بعد الفوز بركلات الترجيح على غانا.. ويتطلع العاجيون لتحقيق البطولة للمرة الثالثة اعتمادا على عامل الأرض والجمهور.. وهو ما بدا حاسما في لقاء الافتتاح أمام غينيا بيساو والذي شهد أسرع أهداف المباريات الافتتاحية في البطولة منذ عام 1976، أحرز الهدف سيكو فوفانا في الدقيقة الرابعة من عمر المباراة التي انتهت بهدفين دون رد لأصحاب الأرض، بعد أن أضاف جان فيليف كراسو الهدف الثاني في الدقيقة الثامنة والخمسين.
وفي المباراة الثانية في المجموعة الأولى حقق منتخب غينيا الاستوائية المفاجأة بالتعادل الإيجابي بهدف لهدف أمام المنتخب النيجيري.. تقدم إيبان سلفادور لغينيا في الدقيقة السادسة والثلاثين، وتعادل فيكتور أوسمين لنيجيريا بعد دقيقتين فقط.. ولم تفلح محاولات الفريقين في تعديل النتيجة على مدى الشوط الثاني لينتهي اللقاء بنقطة لكل فريق.
في اليوم الثاني للبطولة التقى الفريق المصري مع نظيره الموزمبيقي في السابعة مساءً بتوقيت القاهرة.. بدأ المدير الفني لمنتخب مصر المباراة بتشكيل يتكون من الشناوي في حراسة المرمى، أمامه في الدفاع محمد هاني ومحمد عبد المنعم وأحمد حجازي ومحمد حمدي.. وفي الوسط، النني وحمدي فتحي وزيزو، وفي الهجوم محمود حسن “تريزيجيه” ومصطفى محمد ومحمد صلاح.
جرت المباراة على ملعب فيليكس هوفويت بواني في مدينة أبيدجان في طقس اتسم بارتفاع نسبة الرطوبة، ما أثّر كثيرا على أداء اللاعبين.. افتتح الفريق المصري التسجيل عن طريق مصطفى محمد في الدقيقة الثانية من زمن المباراة مستغلا حالة الارتباك التي انتابت الفريق الموزمبيقي.. جاء الهدف من كرة عرضية من ناحية اليمين رفعها محمد حمدي داخل منطقة الجزاء، حاول صلاح تسديدها لكنه أخطأها، ليجدها مصطفى محمد أمامه، ليودعها المرمى بسهولة أرضية على يسار الحارس وسط حراسة ثلاثة من المدافعين.
عقب الهدف أحكم المصريون سيطرتهم على المباراة وبدءوا في إهدار الفرص السهلة تباعا.. بدءا من الدقيقة العاشرة، بانفراد مصطفى محمد الذي جنح بكرة وصلته من صلاح إلى ناحية اليسار، ثم سددها قوية في منتصف المرمى تقريبا، نجح الحارس في إبعادها.. ثم كرة تريزيجيه في الدقيقة الخامسة والعشرين التي ردها القائم الأيمن.. ثم تسديدة بعد أربع دقائق من محمد عبد المنعم من ناحية اليسار، تصطدم بمصطفى محمد الذي اتخذ وضعية غير مناسبة، لتخرج الكرة إلى ضربة مرمى.
ثم فرصة لصلاح في الدقيقة الرابعة والثلاثين من كرة وصلته من زيزو، سددها على نحو بالغ الرعونة ضعيفة في يد الحارس.
وتشهد الدقيقة الخامسة والثلاثين فرصة محققة لموزمبيق، إثر انطلاقة جيلدو من الجانب الأيسر وتجاوزه لمحمد هاني بسهولة، ليلعب عرضية متقنة تمر من أمام المرمى؛ ليضعها محمد حمدي بالخطأ في مرماه.. لكن الشناوي أنقذ الكرة وحولها من تحت العارضة إلى ركنية.
بدأ الفريق الموزمبيقي عقب هذه الهجمة في شن الهجمات عن طريق الطرفين، والتسديد من مسافات بعيدة، دون خطورة حقيقية على مرمى الشناوي.. لينتهي الشوط الأول بتقدم مصر بهدف دون رد.. وأداء غير مطمئن على الإطلاق بعد ظهور أغلب لاعبي الفريق في غير حالتهم الطبيعية بدءا من حجازي ومنعم في الدفاع مرورا بزيزو في الوسط، وانتهاء بصلاح الذي ظهر بصورة غير مرضية على الإطلاق.
مع بداية الشوط الثاني توقّع الكثيرون أن يعالج روي فيتوريا الأخطاء الواضحة التي ظهرت في الشوط الأول، خاصة عدم انسجام قلبي الدفاع حجازي ومنعم.. وتباعد الخطوط وعدم التمركز على نحوٍ صحيح من جانب مصطفى محمد في أكثر من كرة، والخلل الواضح في الدور الدفاعي للاعبي خط الوسط.. لكن يبدو أن فيتوريا اعتقد أن المباراة سهلة، وأنه سيجتازها بأقل مجهود، تحسبا للِّقاء القوى يوم الخميس القادم أمام غانا.. لكن المدير الفني لموزمبيق شيكينيو كوندي كان له رأي آخر.. إذ فاجأ الرجل المصريين بضغط هجومي منظم أسفر خلال الربع ساعة الأول من عمر الشوط الثاني عن هدفين عن طريق ويتي في الدقيقة الخامسة والخمسين برأسية سكنت الشباك على يسار الشناوي الذي حاول منعها فلمست يده ودخلت المرمى.. وكان ويتي قد استغل تقاعس عبد المنعم وحجازي في التعامل مع الكرة ليرتقي عاليا دون أدنى مقاومة محرزا هدف موزمبيق الأول.. وقبل أن يفيق المصريون من صدمة هدف التعادل يضيف كليسيو باكوي الهدف الثاني في الدقيقة الثامنة والخمسين من انفراد تام بالمرمى عقب مرور الكرة بغرابة وعلى نحو كارثي من أمام الثنائي حجازي وعبد المنعم اللذين كانا مثالا واضحا لعدم الانسجام، ناهيك عن الحالة البدنية المزرية التي ظهر عليها حجازي الذي توّج أداءه السلبي بإصابة بالغة في الرأس إثر كرة مشتركة.
يحاول المصريون تنظيم صفوفهم لإحراز هدف التعادل واستعادة زمام المباراة.. إلا أن ذلك بدا بعيد المنال في ظل سوء حالة معظم الاعبين وتباعد خطوط الفريق، والاكتفاء بإرسال الكرات العالية داخل منطقة الجزاء، والتي كان معظمها من نصيب دفاع موزمبيق.
ينتبه روي فيتوريا في الدقيقة السادسة والستين أن هناك تغييرات يمكنه أن يجريها لإفاقة الفريق.. لينزل مرموش بديلا لتريزيجيه الذي لم يكن الأسوأ، وليحل عمر كمال بديلا لهاني المرتبك دون مبرر.
ثم تغيير ثالث في الدقيقة الثامنة والسبعين بخروج النني ونزول إمام عاشور.. وآخر تغييرات فيتوريا كان بإخراج زيزو التائه وغير الموفق ونزول كوكا.. الذي أحدث نشاطا في الهجوم فور نزوله.. وتتوالى الفرص الضائعة وكان أخطرها في الدقيقة السابعة والسبعين عندما تصدى القائم لكرة حمدي فتحي القوية التي اصطدمت بعد ذلك بجسم الحارس وتحولت إلى ركنية.. وبعد نحو من خمس دقائق، تصل الكرة عند صلاح داخل منطقة الجزاء في غفلة من الدفاع، فيسددها بغرابة خارج المرمى بجوار القائم الأيسر.
في الدقيقة الأولى من الوقت المحتسب بدلا من الوقت الضائع يلجأ الحكم الموريتاني دحان بيدا إلى تقنية الفار لحسم الجدل حول ضربة جزاء لصالح الفريق المصري، والتي تحتسب بالفعل ليحرز منها محمد صلاح هدف التعادل للفريق المصري بعد أن سددها قوية على يمين الحارس لتصطدم بالقائم وترتد إلى داخل الشباك.. ليمدد الحكم الوقت المحتسب بدلا من الضائع إلى نحوٍ من اثني عشر دقيقة قبل أن يطلق صفارته معلنا نهاية المباراة بالتعادل بهدفين لكل فريق.. ليرسل المنتخب المصري رسالة لمناصريه بأن الأوضاع ليست على ما يرام.. مع اختيارات فيتوريا التي يزعم البعض أن المجاملات تشوبها.. وأن أعضاء الاتحاد ذوو تأثير كبير على الرجل، مع حديث لا ينقطع عن نفوذ النجم محمد صلاح داخل الفريق، وتفضيلاته التي توضع في عين الاعتبار.. مع أن صلاح لا يقدم أحسن ما لديه مع المنتخب.. وإن تعددت أسباب ذلك.
كان فيتوريا قد استبعد حسين الشحات وياسر إبراهيم قبل مغادرة الفريق إلى أبيدجان.. ثم اضطر لضم ياسر بعد إصابة أسامة جلال.. لكن فيتوريا عاد واستبعد ياسر من قائمة الفريق لمباراة اليوم.. وربما يكون الأداء السيئ للمنتخب أمام موزمبيق بمثابة جرس إنذار مبكر يستفيق بعده رفاق صلاح على أمل تحقيق الكأس الغائبة منذ 2010، ولو أن ذلك بدا أمرا بعيد المنال في ظل غياب الروح الواضح، وعدم الانسجام وظهور معظم اللاعبين إن لم يكن جميعهم بصورة بالغة السوء.
في المباراة الثانية بين غانا وكاب فيردي.. حقق منتخب كاب فيردي مفاجأة مدوية بالفوز على منتخب النجوم السوداء بهدفين لهدف.. تقدم لكاب فيردي، جاميرومونتيرو في الدقيقة السابعة عشرة، وتعادل لغانا أليكساندر دجيكو في الدقيقة السادسة والخمسين.. وينجح جاري رودريجيز في إحراز هدف الفوز في الدقيقة الأخيرة من الوقت الأصلي للمباراة لكاب فيردي التي تصدر منتخبها المجموعة؛ لتتعقد الأمور في المجموعة الثانية مبكرا، ولتصبح مباراة الخميس بين مصر وغانا مباراة مصيرية لكلا الفريقين.. ما سيمثل تحديا كبيرا للفريق المصري نأمل أن يجتازه منتصرا بمشيئة الله.