رؤى

تراجع كبير للجنيه أمام الدولار.. لم يحدث منذ مارس الماضي

شهد الإثنين الماضي  انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي؛ لأدنى مستوياته منذ التعويم الأخير في الحادي عشر من مارس الماضي؛ ليصل سعر الدولار اليوم إلى 49.25 جنيه بزيادة قدرها  40 قرشا عن سعر الأحد الماضي.. في ظل اضطراب شديد تشهده أسواق المال العالمية، تسبب في خروج 8% من الأموال الساخنة التي دخلت مصر منذ مارس الماضي حسب تصريح لرئيس الوزراء.

بعد إقرار الشريحة الثالثة عقب انتهاء المناقشة المؤجلة إلى 29 يوليو المنقضي، صرّحت رئيسة بعثة الصندوق في مصر إيفانا فلادكوفا هولار بما يفيد أن الصندوق مازال يتطلع إلى مزيد من الإصلاحات؛ أهمها سعر صرف أكثر مرونة، وأن هذا هو “حجر الأساس” في نجاح البرنامج الذي ينتهي بنهاية عام 2026، وقد صرّح مدبولي أن مصر لن تدخل في برامج جديدة مع الصندوق!

بعد تصريح هولار؛ توقّع محللون تراجعا للجنيه أمام الدولار، ليصل الدولار الواحد إلى 50 جنيها أو اكثر قليلا.. لكن ما شهدته أسواق المال العالمية في الأيام الأخيرة، قد تدفع بالجنيه لمزيد من التراجعات أعلى بكثير من كافة التوقعات السابقة.

ويبدو أن تداعيات الموقف العالمي المتأرجح؛ ستلقي بظلالها على الاقتصاد المصري المأزوم على أكثر من مستوى؛ إذ ألغى البنك المركزي المصري، خلال عطاء الإثنين الماضي، بيع سندات خزانة بالجنيه المصري، بآجال سنتين وثلاث سنوات بقيمة 6 مليارات جنيه، وذلك بسبب ارتفاع سعر الفائدة المطلوبة من المستثمرين؛ كانت وزارة المالية باعت الإثنين قبل الماضي سندات خزانة بأجل 3 سنوات بمتوسط سعر فائدة 25.23% وبقيمة 4.3 مليار جنيه بأقل من السيولة المستهدف جمعها بقيمة 5 مليارات جنيه، بعدما طلب المستثمرون سعر فائدة وصل إلى 35%!

ولم يكن الأمر في البورصة المصرية بأفضل حالا إذ “واصلت الأسهم المصرية خسائرها الحادة للجلسة الثانية على التوالي، ليهبط مؤشرها الرئيسي 4.6% بحلول الساعة 11:17 بتوقيت القاهرة الإثنين الماضي، قبل أن يقلص خسائره إلى 2.3% عند الإغلاق. وهوت أسهم “إي اف جي” القابضة 3.9%، و”طلعت مصطفى” 2.1%، و”إعمار مصر” 4.2%، و”بلتون القابضة” 5.2%، و”حديد عز” 2.8%، و”بالم هيلز” 5.6%، و”التجاري الدولي” 1.2%، و”فوري” 4.4%. وفقدت الأسهم المصرية 56 مليار جنيه من قيمتها السوقية خلال معاملات اليوم لتبلغ 1.890 تريليون جنيه، وأوقفت بورصة مصر التداول عن 53 سهما بنحو 10 دقائق بعد تراجعها بنسب تتراوح بين 5 و10%”.

كما سجّلت الأصول الأجنبية تراجعا كبيرا بنهاية يونيو الماضي، بلغ 8.7% ليصل إلى 13 مليار دولار فقط، كان قد سجّل 14.3مليار دولار بنهاية مايو.. وقد سجلت صافي الاصول الأجنبية في البنوك التجارية تراجعا بلغت نسبته40%.

“هذا الانخفاض يأتي بعد تحول صافي الأصول الأجنبية ببنوك مصر، في مايو من عجز إلى فائض لأول مرة منذ 28 شهرا. باحتساب سعر الدولار عند 47.33 جنيه في مايو، وعند 48.08 جنيه لكل دولار في يونيو، وفقا لبيانات المركزي”.

وفي تصريحات له طلب رئيس الحكومة من وزارة المالية والبنك المركزي تجديد مبادرة دعم القطاع الصناعي، من خلال تقديم تمويل بفائدة 15%، وكان وزير المالية السابق صرّح أن الوزارة خصصت لهذا الغرض 120 مليار جنيه، “تمويلات ميسرة لأنشطة الإنتاج الزراعي والصناعي، بفائدة لا تزيد عن 15%، في مبادرة دعم القطاعات الإنتاجية” لكن المبادرة لم تفعّل إلى الآن.

يحتاج الاقتصاد المصري إلى رؤى وسياسات تعتمد على الإنتاج الصناعي والزراعي والتصدير بوصفها مصدرا أساسيا للعملة الصعبة، كما يحتاج إلى الابتعاد التام عن الاقتراض خلال الفترة القادمة؛ إذ أن إجمالي فوائد الديون المستحقة على مصر خلال 2024، وصل إلى 32.8 مليار دولار وهو ما يعادل نحو 20% من إجمالي الديون الخارجية للبلاد، (ديون متوسطة وطويلة الأجل).. وبالطبع فإن فاتورة الإصلاح وفق شروط الصندوق والدائنين الدوليين لا يدفع ثمنها سوى الفقراء.

 

 

 

 

 

 

ماهر الشيال

باحث وكاتب ومحرر مصري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock