رؤى

عشرة مليارات دولار “فجوة تمويلية” تواجهها مصر في العام المالي الحالي

حسب موقع بلومبرغ، تسعى الحكومة المصرية لبيع ديون خارجية تقدّر بحوالي ثلاثة مليارات من الدولارات خلال العام المالي الحالي، الذي ينتهي بنهاية يونيو 2025، على شرائح مختلفة.. وذلك سعيا لسد فجوة تمويلية تقدر بعشرة مليارات دولار.. من خلال إصدار صكوك وسندات دولية بشكل أساسي.. وذلك لأول مرة منذ ثلاث سنوات.. حين باعت الحكومة سندات مقوّمة بالدولار بقيمة 6.75 مليار دولار من خلال إصدارين كان آخرهما في سبتمبر2021.

وتُتداول السندات المصرية المقومة بالدولار المستحقة عام 2047، بأكثر من 80% من قيمتها الاسمية غدا الجمعة، وهو أعلى مستوى منذ 2022، وفقا لموقع بلومبرغ. بذلك تحتل السندات المصرية بالدولار المرتبة الرابعة من حيث الأداء بين أقرانها هذا العام بعائد إجمالي يزيد عن 30%، وهو أكثر من ثلاثة أضعاف المتوسط في الأسواق الناشئة!

كانت مصر قد واجهت نفس المشكلة في العام المالي المنقضي، وإن كانت الفجوة التمويلية قد قدّرت حينها بسبعة مليارات دولار، سعت الحكومة إلى سدها من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر والتدفقات المالية الرسمية.

وخلال الأيام القليلة القادمة سيطرح البنك المركزي المصري، أذون خزانة قصيرة الأجل تمتد بين ثلاثة أشهر حتى عام، بقيمة تتجاوز1.1 تريليون جنيه في حين تبلغ قيمة إصدارات سندات الخزانة نحو 58 مليار جنيه خلال الربع الأول من العام المالي.. لترتفع إصدارات المالية المصرية من أدوات الدين المحلي خلال العام المالي الحالي بنحو 32.89%، لتتجاوز قيمة الاقتراض المحلي المتوقع 2.7 تريليون جنيه، مقابل تريليونين في العام المالي السابق.. بعد ارتفاع أسعار الفائدة إلى مستوي 27.75%، انخفضت العام الماضي على أدوات الدين المحلية لتصل إلى 18.5% قبل أن تعاود الارتفاع خلال العام الحالي لتصل إلى 25%. وفق البيانات الرسمية.

وتتوقع وزارة المالية المصرية، أن تصل قيمة العجز الكلي للموازنة العامة للدولة خلال العام المالي المقبل إلى نحو 1.24 تريليون جنيه، بنسبة تبلغ 7.7% من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 7.1% متوقعة بنهاية العام المالي الحالي.

وتخطط المالية المصرية لسداد قروض محلية خلال العام المالي الحالي، بقيمة 978.2 مليار جنيه، بالإضافة إلى سداد قروض أجنبية بقيمة 627.9 مليار جنيه.

وتسعى وزارة مدبولي الجديدة إلى استكمال برنامج الطروحات الحكومية الذي بدأ  في مارس عام 2022، وبلغت حصيلته بعد طرح  17 شركة على المستثمرين، حوالي 5.7 مليار دولار، بحسب مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري.

وقد “استحوذت شركة “أبوظبي التنموية القابضة” (ADQ) على 8 شركات مقابل نحو 2.6 مليار دولار، فيما اشترى صندوق الاستثمارات العامة السعودي 4 شركات مقابل 1.3 مليار دولار، واشترت “مجموعة طلعت مصطفى” شركةً واحدة مقابل 800 مليون دولار، و”غلوبال” للاستثمار الإماراتية شركة واحدة بـ625 مليون دولار، و”أحمد عز” المصرية شركة واحدة بـ245 مليون دولار.. واشترى مستثمرون في البورصة شركة واحدة بـ128 مليون دولار، واستحوذت “الأصباغ الوطنية القابضة” الإماراتية على شركة واحدة مقابل 17 مليون دولار”.

فهل ستفلح تلك الإجراءات في إخراج مصر من الأزمة الاقتصادية المستحكمة التي انعكست آثارها القاسية على الفئات الأكثر فقرا، بعد أن وصلت معدلات التضخم إلى مستويات غير مسبوقة؟ أم أن الخروج يستلزم اعتماد سياسات أخرى وطرق بديلة.. خاصة مع تزايد أعباء الدين الحكومي لتصل إلى 81.4 % من الناتج القومي، بعد أن وصل إجمال الديون المستحقة (أقساط وفوائد) خلال العام الحالي إلى42.3 مليار دولار.

ما يؤكد أن الأمر يستلزم إيجاد بدائل ناجعة بعيدا عن الاقتراض وبرامج الصندوق- تصاعد وتيرة تصعيب الاشتراطات التي تمليها المؤسسات المالية الدولية، والتي لا تستطيع الحكومة قبول بعضها لاعتبارات كثيرة.. ما حدا ببعض الخبراء التصريح بأن انهاء العلاقة مع صندوق النقد، لابد أن يكون مسألة وقت.. حتى يتسنى لمصر الخروج من تلك الأزمة المتفاقمة، والتي ساهم فيها اضطراب الوضع إقليميا ودوليا.

ماهر الشيال

باحث وكاتب ومحرر مصري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock