رؤى

الملاحقة الدولية لمجرمي الحرب.. صداع جديد في رأس دولة الاحتلال

في الرابع من ديسمبر المنقضي، نشرت صحيفة “دي مورجن” البلجيكية خبرا يفيد بأن مؤسسة هند رجب، تقدمت ببلاغ إلى الحكومة في بروكسل، ضد الملحق العسكري “الإسرائيلي” الجديد، ويُدعى موشيه تيترو، متهمةً إياه بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزّة.

وأفادت المؤسسة التي أسسها اللبناني دياب أبو جهجة  في العاصمة البلجيكية، أن العقيد موشيه تيترو، كان مسئولا في منصبه السابق عن تنفيذ سياسة التجويع في غزة.

لم تكتفِ المؤسسة التي سميت باسم الطفلة الشهيدة هند رجب، التي قتلتها قوات الاحتلال الصهيوني مع أسرتها في غزَّة في يناير 2023، بذلك بل تقدمت بطلب إحالة المذكور إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا.

الشهيدة هند رجب
الشهيدة هند رجب

وقال دياب أبو جهجة للصحيفة أن موشيه تيترو يُعتبر شخصية رئيسة في “تنفيذ السياسة الإسرائيلية تجاه المستشفيات واستراتيجية المجاعة والعطش بوصفها سلاح حرب”.

وتعمل مؤسسة “هند رجب” ضمن حركة “30 مارس” والتي سميت بهذا الاسم نسبة لذكرى يوم الأرض الموافق 30 مارس 1976، وتسعى الحركة  إلى تحقيق العدالة في جرائم الحرب التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني ضد الفلسطينيين.

كما أشارت صحيفة يديعوت أحرونوت إلى أن مؤسسة هند رجب، أعلنت سابقا أنها تقدمت بطلبات اعتقال لألف جندي إسرائيلي من مزدوجي الجنسية في ثمانية دول، دون أن تعلن أسماءهم حتى لا يكونوا على حذر من الاعتقال.

وذكرت مصادر “إسرائيلية” الأحد الماضي، أن جنديا – لم يُعلن عن اسمه- كان يقضي إجازة في البرازيل؛ صدر بحقه أمر توقيف هناك، بتهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب في غزة، كما أفادت المصادر أن الجندي فَرَّ قبل اعتقاله إلى جهة غير معلومة.

كما تقدّم مجموعة من المحامين في تشيلي بطلب اعتقال جندي “إسرائيلي” آخر- يتواجد حاليا في الأراضي التشيلية لقضاء إجازة- بتهم تتعلّق بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية خلال الحرب على قطاع غزة.

وتعمل كثير من الدول الآن على تفعيل مبدأ “الولاية القضائية الدولية الشاملة” الذي يجيز لها اعتقال الأفراد المشتبه بارتكابهم جرائم خطيرة، بما في ذلك جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، والتحقيق معهم ومحاكمتهم؛ لذلك سيكون الجنود والضباط الصهاينة الذين سيتواجدون في تلك الدول؛ هدفا مشروعا لتطبيق المبدأ المشار إليه.

على خلفية تلك الأحداث.. عقد وزير الخارجية بحكومة الاحتلال جدعون ساعر، اجتماعا ضم ممثلين عن الموساد والشاباك- أوضح خلاله أن خطر اعتقال الضباط والجنود مرتفع جدا في خمس دول، وصفها بأنها ذات خط معاد للكيان، وهي: إيرلندا وإسبانيا وبلجيكا والبرازيل وجنوب إفريقيا، كما أشار إلى أن على الجنود توخي الحذر عند السفر إلى دول أخرى وصفها بالصديقة (بريطانيا وفرنسا) وقّعت على مبدأ “الولاية القضائية الدولية الشاملة” الوارد في اتفاقية روما- ضمن 125 دولة، من بينها دول أميركا اللاتينية. واعتبر تقرير نشرته يديعوت أحرونوت كولومبيا وبوليفيا، من أكثر الدول خطورة على الجنود المشاركين في الحرب على القطاع، بينما اعتبر دولا مثل الأرجنتين والمكسيك وتايلند والهند آمنة نسبيا.

جدعون ساعر

وتعمل مؤسسة هند رجب، على جمع أدلة المشاركة في الإبادة الجماعية وارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية؛ لإدانة الضباط والجنود الصهاينة، ومن أهم تلك الأدلة؛ المقاطع المصوّرة التي ينشرها هؤلاء الجنود بأنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وتظهرهم وهم يمارسون عمليات التدمير وهدم المنازل مع ترديد أغنيات عنصرية تحث على قتل الفلسطينيين وإبادتهم عن بكرة أبيهم، وجرائم أخرى متعددة على نطاق واسع، وعلى نحو ممنهج.

من جانب آخر دعت منظمة “أم يقظة” التي تجمع أمهات الجنود الصهاينة، في رسالة لها.. الحكومة إلى اتخاذ  خطوات كافية لحماية الجنود، وذكرت الرسالة أن “الحكومة الإسرائيلية دفنت رأسها في الرمال، وسمحت لدوامة الفوضى التي أثارها وزراؤها المتطرفون بالخروج عن السيطرة”.

وعن المآلات الخطيرة للوضع الراهن- أوضحت الرسالة أنه “في غياب سياسة واضحة وأهداف محددة وضعتها الحكومة، يجد الجيش “الإسرائيلي” نفسه يقاتل لمدة 15 شهرا دون أهداف أو استراتيجية واضحة.. النتيجة هي حرب طويلة ومرهقة تستنزف جنود الجيش الإسرائيلي وتسمح للفكر المتطرف بالتغلغل داخل الجيش”.

كما وصف يائير لبيد زعيم المعارضة الإسرائيلية تعامل حكومة ناتنياهو مع ملف ملاحقة الجنود دوليا بأنه “فشل سياسي هائل لحكومة غير مسئولة”. وتساءل لبيد مستنكرا “كيف وصلنا إلى أن الفلسطينيين أفضل من الحكومة الإسرائيلية على الساحة الدولية؟!”.

على صعيد آخر.. قلل محللون من حجم وتأثير تلك الحملة التي لم ينجم عنها -إلى الآن- اعتقال أحد، وقد ذكر البعض أن هولندا وفرنسا رفضتا الإجراءات القانونية، ضد الجنود “الإسرائيليين” الذين يحملون جنسية مزدوجة؛ وكانت دولا عديدة من بينها المغرب، النرويج، قبرص، سريلانكا، هولندا، تايلند، إيرلندا، صربيا – قد فتحت إجراءات قانونية ضد جنود الجيش الإسرائيلي، منذ بداية الحرب، لكن تلك الإجراءات لم تسفر عن شيء؛ بينما أفادت مصادر “إسرائيلية” بأنها سجّلت 12 حالة لجنود صهاينة يحاكمون في مختلف أنحاء العالم.

لا تبدو حكومة ناتنياهو في وضع يسمح لها بمجابهة العالم في هذا الشأن، من الممكن أن تتخذ الحكومة بعض الإجراءات المشددة بخصوص سفر الجنود للخارج، وهو ما يعني مزيدا من العزلة والقيود على المجتمع الصهيوني الذي أصبح يعاني النبذ والإبعاد على أكثر من صعيد.

ماهر الشيال

باحث وكاتب ومحرر مصري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock