شهد ملعب حديقة الأمراء بقلب العاصمة الفرنسية، الليلة الماضية أداء غير مسبوق من حيث الروعة والتألق من حارس نادي ليفربول والمنتخب البرازيلي، أليسون بيكر الذي استطاع إنقاذ مرماه سبع مرات على الأقل من أهداف محققة، وبينما كان “الريدز” غائبا وفي أسوأ حالاته أمام باريس سان جيرمان في المباراة التي جمعت الفريقين ضمن مباريات دور الستة عشر- كان أليسون في أفضل حالاته.. وقدم أداء إعجازيا أعاد إلى الأذهان، أفضل فترات الحارس البرازيلي، عندما فاز مع ليفربول بالدوري الإنجليزي 2019، وكأس أوروبا في نفس العام، وهو العام الذي حصد فيه أليسون جائزة أحسن حارس في العالم.
قبل أربع سنوات تعرّض بيكر لأزمة نفسية كبيرة؛ بسبب فقدان والده الذي قضى غرقا في إحدى البحيرات، أثناء قضائه إجازة.. كان أليسون شديد التعلق بوالده، لذلك شكك كثيرون في قدرة الحارس الشاب على تجاوز تلك المحنة.
اعتمد بيكر الابن على نصائح وتوجيهات أبيه منذ الصغر، وكان التحاقه بنادي إنترناسيونال في مسقط رأسه بالبرازيل بتشجيع من الأب الذي رأى أن مستقبل أليسون في اللعب في أوروبا، وهو ما دفعه للعمل على تيسير انتقاله إلى روما الإيطالي قبل عشر سنوات.
في روما لم يشارك أليسون بشكل أساسي في عامه الأول الذي انقضى دون مشاركة محلية، وبإجمالي خمسة عشر مشاركة فقط في كل المسابقات، في وجود الحارس البولندي شتشيزني الذي غادر إلى يوفنتس في الموسم التالي -يلعب الآن في برشلونة- ليشارك أليسون بشكل أساسي ويجذب إليه الأنظار.. خاصة في المباريات الأوروبية.
في تلك الأثناء كان ليفربول يخوض نهائي كأس أوروبا أمام ريال مدريد.. أواخر مايو 2018، بالملعب الأوليمبي بالعاصمة الأوكرانية كييف، بدا اليوم كارثيا بالنسبة للحمر.. إصابة صلاح وخروجه، ومستوى “بائس” من الحارس الألماني كاريوس.. أضاع الكأس بعد الهزيمة بثلاثة أهداف لهدف.
قرر ليفربول بعد مباراة كييف امتلاك حارس مرمى على أعلى مستوى.. ولم يكن لحارس أن ينافس أليسون بيكر في هذه المهمة؛ لينتقل أليسون إلى ليفربول مقابل 75 مليون يورو، ليصبح أغلى حارس مرمى في التاريخ.
في الموسم الأول له في آنفيلد قدم بيكر مستويات جيدة، وكان ليفربول قاب قوسين أو ادنى من الفوز بالبريميرليج الذي حسمه السيتى بفارق نقطة واحدة قبل أن يعود الريدز في الموسم التالي ويحصد الثلاثية، دوري إنجلترا وبطولة أوروبا وكأس العالم للأندية.
يتمتع الحارس البرازيلي بمواصفات مثالية فبالإضافة إلى الموهبة لديه قامة فارعة (193سم) ورؤية جيدة للملعب، أهلته لصنع ثلاثة أهداف من كرات طويلة، كما أحرز هدفا من ضربة رأس في ويست بروميتش موسم 2021.
بيكر من أفضل الحراس – ربما في تاريخ كرة القدم – استخداما لقدميه في أكثر من موقف، كما يمكنه التقدم للأمام للتغطية خلف المدافعين؛ تماشيا مع طريقة الريدز في الضغط على الخصوم من منتصف الملعب.
لا يفتقر أليسون بيكر إلى الخيال الذي يجعله لا يتردد في الخروج لالتقاط الكرات العرضية، والتمركز الجيد الذي يتيح له إبعاد الكرات الموجهة من أقرب النقاط للمرمى.. أما أهم ميزات بيكر فهي السرعة الفائقة التي تمكنه من إغلاق زوايا المرمى بصورة رائعة.
يرى بيكر أن مباراة الليلة الماضية أمام باريس هي أجمل مبارياته على الإطلاق.. ويرى عشاق الريدز أن بيكر البالغ من العمر اثنين وثلاثين عاما، ما زال لديه الكثير ليقدمه للفريق، كما أن السيلساو يعتمد عليه بشكل أساسي في الاستحقاقات القادمة، وأهمها كأس العالم العام القادم، والتي يطمع نجوم السامبا أن يعودوا من خلالها إلى منصات التتويج.
