في سلسلة رسائل من افريقيا كتبت، إليزابيث أوهيني، وهي وزيرة سابقة وصحفية من غانا تشرح لماذا يعتبر النظر في الساعة في غانا مضيعة للوقت؟
وقالت إليزابيث إنني عندما رأيت وزير الأولمبياد الياباني يوشيتاكا ساكورادا مضطرا لتقديم اعتذار علني لوصوله متأخرا 3 دقائق لاجتماع برلماني، تساءلت كم وزيرا في غانا سيشكر الله أنه ليس يابانيا؟
ذلك أن وصول المسؤولين متأخرين أمر طبيعي ومقبول في غانا، وفي الحقيقة فإنه من المتوقع وصولهم متأخرين.
وقالت إليزابيث عندما كنت وزير دولة كنت أصل في المواعيد المقررة فلا أجد أحدا سواي.
وتابعت قائلة: «كنت وعدد من الوزراء نعتقد أنه لو وصل الرئيس في موعده فإن هذه الثقافة ستتغير».
وأضافت قائلة: «ومن ثم وضع فريق الرئيس في ذلك الحين جون كوفور برنامجا طموحا كي يصل إلى موعده في المناسبات العامة، وقد كان المشهد في المرة الأولى مليئا بالهرج والمرج، فقد وصل في التاسعة ونصف صباحا وكان هناك مسؤولون كبار ودبلوماسيون يهرعون إلى مقاعدهم مع وصولهم متأخرين، بينما الرئيس يراقب الموقف».
وقالت إليزابيث: «كان فريق الرئيس مصمما على الاستمرار في هذا البرنامج حتى يعرف الجميع أن الرئيس ملتزم بمواعيده، ومن ثم يلتزم الجميع بها، ولكن لم يكتب لهذه التجربة النجاح».
التخلي عن التجربة
و كتبت إليزابيث تقول: «كنت أشعر بالإحراج الكبير من الدبلوماسيين الأجانب في بلدنا، فقد كان عليهم الانتظار لوقت طويل كي تبدأ مراسم أي مناسبة، ولكن سرعان ما اكتشفت أنهم أنفسهم يصلون متأخرين».
وتشرح إليزابيث هذه النقطة: «ربما بعد مضي بعض الوقت في غانا يتصرف الدبلوماسي الأجنبي مثل أهل البلاد فيتقبل فكرة أنه لا شيء يبدأ في موعده».
وتعترف أن الفريق الرئاسي تخلى عن تجربة التزام الرئيس بالوقت بعد ثلاث محاولات.
وقد جاء التخلي عن هذه المحاولة تحت ضغط من البروتوكول ورجال الأمن الذين أصروا على أنه لا يجب أن يذهب الرئيس إلى مكان لم يستعد بعد.
الرئيس يتعهد ولكن
وفي مراسم أداء اليمين الدستوري أعرب رئيس غانا الحالي نانا أدو دانكاوا أكوفو أدو عن أسفه إزاء الثقافة السائدة بشأن بدء كل شيء في وقت متأخر عن موعده.
وتعهد الرئيس بأن يضرب المثل بنفسه ويصل في موعده، وقد بذل منذ ذلك الحين مجهودا كبيرا، ووصل في موعده مرات عديدة.
ولكن يبدو أن سلوك الرئيس لم يكن كافيا لإقناع الناس بتغيير توجهاتهم نحو الوقت.
«المرور المجنون»
وتشير إليزابيث إلى أن الاجتماع المقرر أن يبدأ في غانا في الساعة 11 صباحا عادة ما يتأخر بين 45 دقيقة وساعة كاملة.
وتقول الوزيرة السابقة إن المرور المجنون في بلدنا ربما يكون مسؤولا عن بعض التأخير، فمن المستحيل التنبؤ بالوقت الذي سيستغرقه الطريق، كما أن هذا الأمر يوفر عذرا مقبولا للتأخير.
وتمضي قائلة إن الطريق من بيتي لعملي قد يستغرق 20 دقيقة، وربما 40 دقيقة، أو ساعة، وأحيانا ساعة و50 دقيقة.
وتضيف قائلة ولكن ذلك لا يبرر وصول بعض الناس في الساعة الرابعة لموعد غذاء في الساعة 12.30.
وتردف قائلة كما أن المضيف الذي دعاك للغذاء في الساعة 12.30 قد يبدأ في إعداد الطعام في الثالثة، وربما قد تتم دعوتك للعشاء الساعة السابعة ويقدم لك الطعام في التاسعة مساء.
كل أوجه الحياة
وتشمل ثقافة التأخر في المواعيد كل أوجه الحياة في غانا.
وتقول إليزابيث إذا وعدني الخياط بإنجاز فستاني الجديد في ثلاثة أسابيع، أكون محظوظة لو حصلت عليه في ثلاثة أشهر.
ولا تقتصر المشكلة على بدء الأمور في موعدها فحسب، بل تمتد أيضا لإنهائها في موعدها.
ففي الكنيسة مثلا قد تذهب لحضور قداس في التاسعة صباحا، ولكن ليس هناك وقت معلن لنهايته.. فقد ينتهي في 11.30 أو بعد الظهر أو في الواحدة أو في الثالثة كما حدث معي من قبل، بحسب إليزابيث.
وتضيف قائلة إنه من الأفضل ألا تنظر لساعتك في هذه المناسبات، فنحن بباسطة لا نتقيد بالوقت في غانا.
وفي النهاية يسخر أهل غانا من عدم التزامهم بالوقت قائلين إن GMT (توقيت غرينيتش) يرمز إلى Ghana Maybe Time أي «ربما توقيت غانا».