*جويس كرم – كاتبة متخصصة في السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط
عرض وترجمة: أحمد بركات
حقق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انتصارا جديدا يوم الأحد الماضي بإعلانه مقتل زعيم تنظيم الدولة الإسلامية «أبو بكر البغدادي» في غارة أمريكية في شمال سوريا، وهي العملية التي سيحاول الرئيس الأمريكي الاستفادة منها لدعم أوراق اعتماده في مجال مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن القومي.
اقرأ أيضا:
— أصوات Aswat (@aswatonline) October 29, 2019
مكاسب ترامب
في البداية نشر ترامب تغريدة محملة بالكثير من مشاعر الفخر على حسابه على موقع «تويتر» – المنصة الإعلامية المفضلة للرئيس الأمريكي – مساء السبت الماضي أكد فيها: «شيء مهم للغاية حدث للتو». نشر الرئيس تغريدته قبل تسع ساعات من تأكيد القوات والاستخبارات الأمريكية هوية البغدادي والتحقق من حمضه النووي.
تعكس هذه التغريدة رغبة ترامب الجامحة في تحقيق أقصى قدر من المكاسب الشخصية من العملية وتقديم نفسه في صورة الأبطال الفاتحين «لقد مات ميتة الكلاب، ومات كما يموت الجبناء»، كما أعلن من البيت الأبيض.
يمنح توقيت العملية ترامب فرصة ثمينة للدفاع عن قرار انسحابه الجزئي من شمال شرق سوريا، وتعزيز أوراق اعتماده في محاربة تنظيم الدولة قبيل انطلاق سباق الانتخابات الرئاسية في عام 2020، ووضع الأسس الخاصة بآليات مكافحة الإرهاب بعد مغادرة الولايات المتحدة الأراضي السورية.
في هذا السياق نقلت صحيفة الجارديان البريطانية عن مسئول أمريكي قوله: إن الغارة كانت «عملية استخباراتية استمرت شهرا»، لكن توقيتها يبدو مرتبطا بالانسحاب الأمريكي من سوريا. كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز يوم الأحد الماضي أن «مسئولين عسكريين رفيعي المستوى قرروا أنه في ظل انسحاب القوات الأمريكية من سوريا يتعين على قوات الكوماندوز اتخاذ إجراءات سريعة لمحاولة قتل، أو القبض على، القادة الإرهابيين في شمال غرب سوريا قبل أن تفقد الولايات المتحدة القدرة على ذلك».
.. وتحقق الهدف الأكبر
وبينما أثار قرار الرئيس ترا مب بالانسحاب من سوريا في هذا الشهر موجة كبيرة من الانتقادات من قبل أعضاء الكونجرس من الحزبين الديمقراطي والجمهوري على السواء، ومن قبل المنافس الرئاسي الديمقراطي، بدعوى أنه سيساعد تنظيم الدولة على إعادة تنظيم صفوفه، إلا أن هذه العملية تقدم – ولو بصورة مؤقتة – طرحا مناقضا. وتأكيدا على ذلك، ذكر الرئيس الأمريكي في إعلانه عن نجاح العملية أن مقتل البغدادي كان يمثل «هدفه الأكبر في مجال الأمن القومي».
إضافة إلى ذلك، يمثل مقتل قائد تنظيم الدولة لحظة إيجابية للرئيس ترامب الذي يواجه «تحقيق إقالة» من قبل الديمقراطيين في مجلس النواب، فضلا عن انخفاض معدلات التأييد التي تراجعت إلى 41.6%، بحسب موقع «ريل كلير بوليتكس». وبينما لا يمثل البغدادي اسما مألوفا في الولايات المتحدة، مثل أسامة بن لادن الذي قتلته القوات الأمريكية في عام 2011، إلا أنه لا يزال شخصا سيء السمعة عند الأمريكيين، حيث أعلنت جماعته مسئوليتها عن عدد من الهجمات في الولايات المتحدة، وعن قطع رؤوس أمريكيين في سوريا. وقد رصدت وزارة الخارجية الأمريكية مكافأة قدرها 25 مليون دولار مقابل الإدلاء بأي معلومات تفيد في إلقاء القبض عليه.
أسامة بن لادن
دعم لأجندة ترامب
تقدم العملية أيضا دلالات عن الآليات الأمريكية لمكافحة الإرهاب في سوريا. فالتقارير تفيد بأن القوات الأمريكية انتقلت جوا من أربيل في كردستان العراقية، وأن السلطات العراقية ساعدت في الحصول على معلومات استخباراتية تؤكد أهمية الوجود الأمريكي في العراق المجاورة. وقد شكر الرئيس ترمب الحكومات السورية والعراقية والروسية والتركية إضافة إلى القوات الكردية على المساعدة في العملية.
إضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون وجود البغدادي في إدلب، التي وصفها المبعوث الأمريكي السابق لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية، بريت ماكجورك، بأنها «أكبر ملاذ آمن لتنظيم القاعدة منذ هجمات 11 سبتمبر» مقدمة لعمليات مشابهة في المنطقة، تشنها الولايات المتحدة بمفردها، أو بالتنسيق مع روسيا التي تسيطر على المجال الجوي للمنطقة الخاضعة لسيطرة المتمردين.
بريت ماكجورك
في الوقت الحالي، يمثل موت البغدادي بلا شك دعما قصير المدى لأجندة الرئيس ترمب لتعزيز الأمن القومي ومكافحة الإرهاب. ومن المرجح أن يسعى الرئيس إلى تحقيق أقصى استفادة من هذا الحدث من أجل إعادة انتخابه في العام القادم. كما سيستفيد منه فى دعم انسحابه الجزئي من سوريا وترتيبات مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع العراق وسوريا.
*هذه المادة مترجمة. يمكن مطالعة النص الأصلي باللغة الإنجليزية من هنا ?