مرت الذكرى الثالثة والخمسون على رحيل المناضل والصحفي والمحامي والبرلماني والوزير «عبد الرحمن الرافعي» الذي توفي عن عمر ناهز السابعة والسبعين (من مواليد 8 فبراير 1889، وتوفي في 3 ديسمبر 1966)،الذي ظلت أحب صفاته إليه صفة المؤرخ، وهي الصفة التي رفعته إلى موقع الأستاذ الذي تمكن من تسهيل المقرر التاريخي على الشعب المصري، وجعله في متناول إدراك ووعي فئات عريضة من المصريين، والذي قام بتأريخ ما يزيد عن قرن ونصف القرن، بداية من أواخر القرن الثامن عشر وأوائل التاسع عشر حتى خمسينيات القرن العشرين في أربعة عشر مجلداً، لا يستغني عنها أي باحث في التاريخ الحديث.
وعلى الرغم من أن «الرافعي» كان أحد أهم الرموز الوطنية الذين شاركوا في الحركة الوطنية، وكان من قادة الجهاز السري الذي قاد النضال المسلح ضد الاحتلال البريطانى، وبرغم تعدد النشاط الذي قام به ،من كتابته في الصحف حتى صار علماً بين الكتاب، واشتغاله بالمحاماة حتى أصبح واحداً من كبار المهنة،ثم عضويته بالبرلمان المصري بعد ثورة 1919 لمدة 14 سنة،وشغله لمناصب متعددة من بينها توليه حقيبة التموين في حكومة حسين سرى الائتلافية سنة ١٩٤٩، إلا أن شهرته الكبرى، وتقديره الأعظم كانا بسبب مؤلفاته التاريخية التي لقيت قبولاً من عموم المواطنين، وإقبالاً على الاطلاع عليها، وأسهمت في تشكيل الرؤية التاريخية لأجيال من القراء، ولعل أهم أسباب هذا الانتشار يرجع إلى الإخلاص السياسي لمعتقداته ومبادئ الحزب الوطني الذي انتمى إليه مبكراً في حياته، إضافة إلى سمعته النظيفة، وطهارة يده، واستقامته الشخصية.
فى مدرسة الحقوق
هيأت المقادير العديد من المحطات الفارقة في حياة «عبد الرحمن الرافعي» التي أثرت في تكوينه الوطني والفكري، بدأت أولى هذه المحطات مع إصراره على الالتحاق بمدرسة الحقوق سنة 1904 رغم اعتراض والده خريج الأزهر والذي كان يعمل في سلك الفتوى والقضاء، وكان يتطلع أن يسلك نجله الطريق نفسه، وبعد محاولات كثيرة استطاع «عبد الرحمن» أن يتخطى اعتراض أبيه والتحق بمدرسة الحقوق. في الوقت الذي شهدت فيه الحركة الوطنية صحوة كبرى على يد الزعيم مصطفى كامل، فتأثر بأفكاره، وانضم إلى الحزب الوطني بمجرد إنشائه في 1907 وانتمى إلى خطه السياسي، وظل وفياً لهذا الانتماء طوال حياته.
أنهى «الرافعي» دراسة الحقوق سنة 1908، واتجه عقب تخرجه إلى العمل بالمحاماة وتدرب في مكتب «محمد علي علوبة» للمحاماة، وفي سنة 1909 لبى دعوة أستاذه «محمد فريد» للكتابة في جريدة «اللواء» لسان حال «الحزب الوطني»، حيث بدأت معها مسيرته الصحفية[1]، وتوثقت علاقته بـ «محمد فريد» خليفة «مصطفى كامل»، وتأثر بأفكاره، وظلت علاقته ممتدة معه حتى وفاة «فريد» سنة 1919.
بين الصحافة والمحاماة
استطاع «الرافعي» أن يجمع بين عمله بالصحافة والمحاماة معاً، إلى جانب نضاله السياسي والوطني، وافتتح مع أحد زملائه مكتباً للمحاماة في مدينة «الزقازيق» وآخر في «المنصورة» التي أقام فيها حتى سنة 1932، وفي أثناء إقامته بالمنصورة انشغل «الرافعي» بتأليف الكتب إلى جانب عمله بالمحاماة والكتابة للصحف، وكان قد أصدر كتابه الأول سنة 1912 تحت عنوان «حقوق الشعب» يبحث فيه على حد قوله: «حقوق الشعب والنظريات الدستورية ونظام الحكومات الصالحة، وكيف تصل الأمم إلى استرداد حقوقها، وكيف تضمن تمتعها بها».
وبتوجيه من أستاذه محمد فريد قام «الرافعي» بتأليف كتابه الثاني في سنة 1914 تحت عنوان «نقابات التعاون الزراعية» بغرض تنشيط الحركة النقابية والتعاونية في مصر، وهي القضية التي لقيت اهتماماً خاصاً من تحرك محمد فريد السياسي والتنظيمي، فكان هو أول من دعا في مصر والعالم العربي إلى «حركة تعاونية» لتطوير الزراعة وتنمية الريف ورفع مستوي الحياة الريفية كشرط للنهوض الاقتصادي والتقدم الاجتماعي وتدعيم أسس الاستقلال السياسي، وقام «الرافعي» في سنة 1919مع مجموعة من أصدقائه ـ بتأثير من أستاذه وبأثر تواجده في الريف المصري واطلاعه على أحوال الفلاحين المصريين في ذلك الوقت ـ بتأسيس جمعية تقوم على نشر جمعيات التعاون الزراعية في قرى الدقهلية، وظل يدعو إلى ربط الريف المصري بحركة التصنيع وبنظام التعليم العام في منظومة متكاملة تستهدف تنمية شاملة تضمن الرفاه للمواطنين وتؤمن وتحمي الاستقلال الوطني.
تاريخ نضالى
شارك «الرافعي» في تفجير وقيادة الكفاح الوطني ضد الاحتلال الانجليزي قبل وأثناء ثورة 1919، ولم تقتصر جهوده على العمل السياسي المناهض للاحتلال بل تخطى ذلك إلى الجهاد بالسلاح، وهو ما أشار إليه الكاتب الصحفي مصطفى أمين الذي ذكر أن «الرافعي» كان عضواً فعالاً فيما يمكن تسميته بالجهاز السري لثورة 1919، الذي تكون من مجموعة شبابية استهدفت اغتيال رموز الاحتلال وعملائه، وهو الأمر الذي لم يأتِ على ذكره «الرافعي» في مذكراته[2]، رغم أنه كان قد نادى في أول مقالة له نشرت بجريدة «اللواء» بوجوب تكوين الجمعيات السرية والعلنية لحماية الشعور الوطني من العبث والتبدد، ودعا إلى استخدام القوة التي تُجبر الاحتلال على مغادرة البلاد.
كتب ومؤلفات
في عام 1922 أصدر «الرافعي» كتابه الثالث تحت عنوان «الجمعيات الوطنية – صفحة من تاريخ النهضات القومية في فرنسا، وأمريكا، وألمانيا، وبولونيا، والأناضول»، انشغل بعده بالعمل البرلماني، ولكن أول اهتمام منظم وممنهج للكتابة التاريخية بدأه «الرافعي» في سنة 1929 وهو العام الذي أصدر خلاله كتابه الرابع تحت عنوان «تاريخ الحركة الوطنية وتطور نظام الحكم في مصر» في جزأين، وبدا أن «الرافعي» مصمم على أن يكرس نفسه وجهده الفكري عبر الثلاثين عاماً المقبلة في حياته لكتابة التاريخ المصري الحديث، فكان كتابه الخامس تحت عنوان «عصر محمد علي» الذي أصدره في العام 1930.
ثم استقر «الرافعي» في القاهرة بعد فترة طويلة قضاها في المنصورة، وتتابعت من بعد مؤلفاته فأصدر في عام 1932 كتاباً جديداً تحت عنوان «عصر إسماعيل»، وفي عام 1937 صدر مؤلفه الجديد بعنوان «الثورة العرابية والاحتلال الإنجليزي»، ثم بعد عامين (1939) أصدر «الرافعي» كتاباً جديداً تحت عنوان «مصطفى كامل باعث الحركة الوطنية»، أتبعه بكتاب آخر عن محمد فريد تحت عنوان «محمد فريد رمز الإخلاص والتضحية».
وأثناء فترة مشاركة جديدة في الحياة البرلمانية حيث اختير نائباً في مجلس الشيوخ بالتزكية في المدة من 1939 إلى 1951، أصدر الرافعى أكثر من كتاب أولها عن «مصر والسودان في أوائل عهد الاحتلال» سنة 1942، ثم في 1946 صدر كتابه «ثورة سنة 1919»، وخلال السنوات الأربع التالية (1947 ـ 1951) أصدر «الرافعي» ثلاثية عن الفترة ما بعد ثورة 1919 تحت عنوان «في أعقاب الثورة المصرية» في ثلاثة أجزاء، وفي العام 1957 أصدر كتابيه عن ثورة يوليو، الأول تحت عنوان «مقدمات ثورة 23 يوليو 1952» والثاني تحت عنوان «ثورة 23 يوليو 1952».
مؤرخ غير أكاديمي
يقف «عبد الرحمن الرافعي» على رأس هذه الفئة من المؤرخين الذين سعوا من أجل الوعي العام بالتاريخ الوطني، والتعريف به، وألح على الاستفادة من دروسه، وقدم بمؤلفاته التاريخية خدمة جليلة للمتخصصين ومعهم كل المهتمين بدراسة تاريخنا الحديث، رغم أنه لم يحصل على دراسات أكاديمية في التاريخ ومناهجه وطرق كتابته وأساليب تحليله، ومن يطلع على كتاب «المؤرخون والدولة والسياسة في مصر في القرن العشرين»[3] يجد أن أستاذ التاريخ الحديث في الشرق الأوسط «أنتوني جورمان»[4] تناول ظاهرة «المؤرخين غير الأكاديميين» تحت عنوان لافت هو «التاريخ في الشارع»، وأكد «جورمان» على أن هذه النوعية من المؤرخين ظهرت على الساحة في نهاية القرن التاسع عشر من فئات جديدة من المهنيين، وخاصة من الدوائر القانونية والصحفية، وصاروا مظهراً ثابتاً في الحياة الفكرية المصرية.
يدخل ضمن دائرة المؤرخين غير الأكاديميين كل من الصحفيين والكتاب والمحامين وغيرهم من المفكرين الذين لم ينتم واحد منهم مهنياً إلى أي جامعة أو مؤسسة أكاديمية رسمية، ويعترف «جورمان» بأن هؤلاء «غير الأكاديميين» ـ رغم أنهم هواة وعلميون من الدرجة الثانية ـ إلا أنهم لعبوا دوراً أصيلاً في قيادة الأطر التاريخية الجديدة، التي صارت بعد ذلك مؤثرة في الدوائر الأكاديمية، وصاروا مصدراً لكتابة تاريخية مفعمة بالحيوية والتنافس من أجل تمثيل المجتمع.
ويلحظ «جورمان» أنه بينما كانت الكتابة التاريخية متواطئة مع الدولة وارتبطت بمصالحها السياسية وإن لم تخضع لها فإنه على العكس من ذلك فإن الكتابة التاريخية غير الأكاديمية كانت تمثل نوعاً نابضاً بالحياة غير مقيد بالقيود التقليدية، وتمتع التاريخ غير الأكاديمي بفضل هؤلاء المؤرخين الهواة بالحيوية والقدرة على تمثيل فئات كبيرة من المجتمع.
ويشير «جورمان» إلى أن الأعمال التاريخية التي ظهرت بعيدة عن تأثير السلطة السياسية عكست أهداف وبرامج الحركة القومية الوليدة في بدايات القرن العشرين، ويعتبر أن «عبد الرحمن الرافعي» يأتي في مقدمة هؤلاء المؤرخين، وفي مكانة تسبق المحترفين المعاصرين كأحد رواد كتابة التاريخ المصري الحديث.
شهادات
بين وفاة «الجبرتي» وميلاد «الرافعي» 67 سنة، وكأنه كان على موعده مع قدره، ليكمل ما بدأة المؤرخ الكبير عبد الرحمن الجبرتي الذي انتهى عند الحملة الفرنسية التي بدأ منها «الرافعي» سلسلة مؤلفاته التاريخية المفعمة بالحيوية والعاطفة الوطنية الجياشة، وقدمت كتاباته اسهامات مهمة حول تطور الحركة القومية في تاريخ مصر الحديث.
يتفق كثير من المؤرخين على أن «الرافعي» استطاع أن يجمع مادة معرفية أتيحت له في زمنه وفي ظروفه، وهو الأمر الذي استفاد منه علم التاريخ المنهجي في مصر والعالم العربي، وإن صنفه البعض مؤرخاً أخلاقياً ووطنياً، وتؤكد كل كتاباته التاريخية أنه قدم التاريخ باعتباره وسيلة تربوية وطنية رئيسية لتنمية مشاعر الوحدة والانتماء الوطني.
ولعل التزام «الرافعي» بقضية الحزب الوطني جعل أوساط الأكاديميين يوجهون النقد إلى بعض كتاباته إلى الدرجة التي كان يشار إليه على أنه هاو من الدرجة الأولى وأنه مؤرخ سياسي حزبي، ولعل هذا الانتقاد يصدر عن تصوير «الرافعي» المنحاز لدور الحزب الوطني في الحركة المصرية الوطنية إضافة الى خصومته مع الزعيم سعد زغلول والوفد عموماً، وعلى الرغم من هذا النقد فإن «الرافعي» قد احتل مكانة مركزية بعين أعمدة المدرسة الوطنية لعلم التاريخ.
مقام «الرافعي» في الثقافة التاريخية معترف به من قبل عدد من المؤرخين الأكاديميين المعاصرين له، أولهم المؤرخ الأكاديمي الحاصل على أعلى الشهادات في التخصص من «السوربون» وهو الدكتور «محمد صبري السوربوني» الذي حين سُئل في حوار مع مجلة الكاتب المصرية (نشر سنة 1961) عن اسم المؤرخ الذي فعل ما بوسعه لنشر المعرفة التاريخية وضع «الرافعي» على رأس قائمة من أربعة مؤرخين مصريين قاموا بهذه المهمة على أكمل وجه.
ومن ناحيته دافع المؤرخ الدكتور «محمد شفيق غربال» عن الأستاذ « الرافعي»[5] ضد اتهامات البعض له بأنه لا يقوم إلا بتسجيل الأحداث التاريخية ويعجز عن تحليلها، وأشار إلى أن المؤرخين الأكاديميين اعتمدوا على أعمال «الرافعي» بشكل جوهري في الكتابة عن فترة ما بعد ثورة 1919، وهذا لا ينفي أنهم لم يقتنعوا بالأهمية الكبرى التي أضفاها «الرافعي» على الحزب الوطني لأنهم كانوا منحازين بدورهم لحزب الوفد الذي ناصبه الرافعى العداء في كتاباته، ورغم ذلك فقد اهتم هؤلاء الأكاديميون بإنجاز «الرافعي» الأساسي بشأن الدور الجماهيري في الحركة الوطنية، ولذلك ظلت أعماله مرجعاً مهماً ونقطة انطلاق لأي مدارسة عن الحقبة المعاصرة[6].
ظلت مؤلفات «الرافعي» التاريخية ـ وما تزال إلى يومنا هذا ـ ذائعة الصيت من أواخر الأربعينيات من القرن الماضي، ويرى «جورمان» أن السبب الذي جعل من كتابات «الرافعي» شيئاً ثميناً يرجع إلى أن الحركة القومية كانت هي الموضوع الأساسي الذي تناوله «الرافعي» في سلسلة مؤلفاته التاريخية فجاءت متفردة بين الكتابات الحديثة وذلك لتغطيتها للتاريخ السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
عبد الناصر.. ومؤلفات الرافعى
يحفظ لنا سجل الاستعارات الخاصة بطالب الكلية الحربية «جمال عبد الناصر» أنه كان واحداً من الجيل الأول الذي تفتح وعيه التاريخي على مؤلفات «الرافعي» التي ثبت تاريخيا أنها كانت على قائمة قراءات عبد الناصر خاصة تلك المؤلفات التي تناولت التأريخ لثورة 1919، ومن بينها المؤلَف الضخم «في أعقاب الثورة المصرية ـ 1919» بأجزائه الثلاثة، وبعد قيام الثورة في العام 1952 أصدر «الرافعي» كتابيه عن مقدمات الثورة، ثم عن الثورة وفترة الخمسينيات ليؤكد على أن «ثورة يوليو» كانت انجازاً توج الجهود الوطنية جميعاً.
وقد نال «الرافعي» تقدير قادة ثورة يوليو واحترامهم، واعتبر اللواء محمد نجيب أول رئيس للجمهورية كتب «الرافعي» الأساس للحركة التي قام بها الجيش، ووصفها بأنها ذخيرة وطنية للأمة، وحصل «الرافعي» في عهد «عبد الناصر» على تكريم خاص، وجرى الاحتفال به على المستويين الرسمي والشعبي، ومنح «جائزة الدولة التقديرية للعلوم الاجتماعية» سنة 1960 والتي انصبت على كونه مؤرخاً «استطاع أن يترك بكتاباته التاريخية علامة بارزة في الحياة العامة».
وصية أخيرة
رحل المؤرخ الكبير الأستاذ «عبد الرحمن الرافعي» يوم 3 ديسمبر سنة 1966 بعد أن عانى من مرض مزمن في السنتين الأخيرتين من عمره، وفي كتابه «مذكراتي» الذي بدا فيه يودع الحياة والوطن والتاريخ الطويل الذي عاشه بتفاصيله وانخرط في مهمة التعريف به، وصية كأنها موجهة إلى شباب الأمة في كل جيل، وأتمنى على شبابنا اليوم أن يراجعوها، ويدققوا في كل كلماتها، ففيها خبرة رجل ناضل على مدار نصف قرن وخاض معارك كبيرة في مواجهة الاحتلال والقصر وحكومات الأقلية، ولعلي أنقل من هذه «الوصية» بعض كلماته الحارة إلى الشباب وهو يقول لهم:
«أول ما يجب على الشباب هو أن تكون له عقيدة سياسية، أو بعبارة اوضح عقيدة وطنية، لأن الذي يعمل بغير عقيدة، قلما تفيد البلاد منه فائدة ما، قد يقال إن هذا الكلام نظري، وأن البيئة والوسط والظروف وحالة البلاد تدعو إلى عدم تقيد الانسان بعقيدة سياسية.
ولكني على العكس أقول إنه يجب على الشباب ألا يعيش على هامش الحوادث والأحزاب، بل يجب أن يكون له رأي وتكون له عقيدة يدافع عنها ويصدر عنها في أعماله واتجاهاته، على الشباب إذن ان يختار لنفسه الهيئة السياسية التي تتفق مع عقيدته ولا يتحول عن هذه العقيدة.
إني أدعوهم إلى تنمية روح العقيدة الوطنية من نفسهم، وألا يتعجلوا تقدير الناس لجهودهم، فأنا أعلم الناس بأن المواطن الذي يُعلِّق عمله على تقدير الناس لجهوده، لا يلبث أن يصاب من المجتمع بخيبة أمل، قد تؤدي به إلى أن ينقلب على عقبيه».
*******
[1] يقول «الرافعي» في كتابه «مذكراتي»: أذكر أن أول مقالة لي نشرت بالعدد الصادر في 9 مارس سنة 1908 تحت عنوان «تبدد الشعور الوطني وتجمعه» بإمضاء «حقوقي»، كتبتها بعد وفاة المرحوم مصطفى كامل بشهر، ووصفت فيها خواطري وآمالي في الجهاد، وكأنما رسمت لنفسي في هذه المقالة خطتي في الحياة.
[2] التي صدرت في كتاب بعنوان «مذكراتي 1889 -1951».
[3] صدرت النسخة العربية من كتاب «المؤرخون والدولة والسياسة في مصر في القرن العشرين ـ حول تشكيل هوية الأمة»، عن المركز القومي للترجمة، من تأليف أنتوني جورمان، وترجمة محمد شعبان عزاز، ومراجعة وتقديم أحمد زكريا الشلق، والكتاب يولي اهتمامًا خاصًا لموقف التيارات المختلفة للكتابة التاريخية من قضية الأمة والقومية المصرية، وطبيعة الجدال أو التنافس بين هذه التيارات لإثبات رؤاها المختلفة بشأن هذه القضية، وهو ما ألمح إليه في العنوان الفرعي للكتاب «حول تشكيل هوية الأمة»، ويتميز هذا العمل الذي صدرت طبعته الأولى عام 2003، أنه تناول بعمق موقف الكتابات التاريخية من الدولة من ناحية، وموقف الدولة من المؤرخين من ناحية أخرى، وتتبع مواقفهم السياسية، وإلى أي مدى تأثرت كتاباتهم بطبيعة نشاطهم السياسي العام.
[4] أنتوني جورمان، محاضر في التاريخ الحديث للشرق الأوسط في جامعة إدنبرة بإسكتلندا، حصل على درجة البكالوريوس من جامعة سيدني بأستراليا، وعمل بالجامعة الأمريكية بالقاهرة كما عمل بجامعة لندن.
[5] في حديث له مع جريدة «الجمهورية» الصادر بتاريخ 8 مايو 1961.
[6] وقد لاحظ أنتوني «جورمان» في كتابه المذكور سابقاً أن كاتب مثل تشارلز سميث مؤلف كتاب «الإسلام والبحث عن النظام الاجتماعي في مصر الحديثة» فضل رواية «الرافعي» على التفسير الذي طرحه المؤرخ الأكاديمي الدكتور عبد العظيم رمضان.