يكشف هذا الملف كيف أن العديد من القضايا الخلافية بين اتجاهات الفكر في المجتمعات الإسلامية ناتج – في الحقيقة – عن عدم الاتفاق على معانى المصطلحات، وأن إنفاق بعض الوقت والجهد الفكري في تدقيق معاني المصطلحات من شأنه تحسين مناخ النقاش العام وجعله مثمرا منتجا، حتى لو انتهى بعدم اتفاق أطراف النقاش، ذلك أنهم في هذه الحالة سينتهون للاختلاف في الرأى، لكن مع فهم كل طرف لما كان يقصده الطرف الآخر فعلا، لا ما يتصور أنه يقصده. والفهم المتبادل هو أول طريق التفهم.. تفهم رؤية الطرف الآخر على حقيقتها، وتفهم الظروف والضغوط التي أدت لظهور هذه الرؤية أو تلك، ومن التفهم يبدأ التسامح مع آراء المختلفين ورؤاهم، وهو البداية الحقيقية للتعايش وقبول الاختلاف باعتباره سنة من سنن الله في الكون.
اختار الملف واحدة من القضايا الخلافية الأساسية في الفكر العربي والإسلامي: لأيهما الأولوية، العقل أم النقل؟ ويثير الملف العديد من الأسئلة: هل «العقل الإنساني» – الذي يتوجس منه بعض التراثيين – مناقض للنقل بالضرورة؟ وهل التراث الفكري الإسلامي خال من أى حضور لذلك العقل – كما يعتقد فريق من ممثلي تيار التنوير العربي؟
هل المقصود بالنقل «الوحى الإلهي»، أم أن المقصود هو مجمل الإنتاج الفكري لفقهاء المسلمين ومشرعيهم وعلمائهم طوال التاريخ الإسلامي بمراحل صعوده وتدهوره على السواء … أسئلة عديدة تطرحها مقالات هذا الملف.
سبق لـ «أصوات أونلاين» أن اختار لإعادة النشر مقالا للدكتور جابر عصفور لأهميته، وهو المقال الذي أثار بعض الجدل والنقاش حين نُشر لأول مرة منذ فترة، ونشره في مناسبة رحيل واحد من رموز التجديد العقلاني في فكرنا المعاصر وهو الدكتور محمود حمدي زقزوق، وهو أيضا المقال الذي أوحى إلينا بفتح ملف حول معنى «العقل» و«النقل» والعلاقة فيما بينهما.
بداية من اليوم، يفتح «أصوات أونلاين» هذا الملف المهم ويبدأ في نشر مقال جديد – أو أكثر – يوميا لكتاب من اتجاهات ورؤى مختلفة حول الموضوع. مقالا اليوم هما لباحثين مهتمين بالموضوع، المقال الأول هو للباحثة عزة رمضان العابدة والثاني للباحث أحمد رمضان الديباوي. يحيي المقالان تقليد «المناظرة» – وهو تقليد علمي راسخ في تراثنا العربي – الإسلامي – إذ يحمل كل مقال منهما رأيا مختلفا في الموضوع إلى حد التعارض، وهو ما يوسع الرؤية ويحقق الإحاطة بالموضوع.
«أصوات أونلاين»
العقل والنقل.. من ضيق التقابل إلى سعة التكامل.. الباحثة: عزة رمضان العابدة