حالة خاصة في عالم التأليف الكتابة، ازدات مهنة التـاليف تألق و وهج عندما مارسها الأستاذ ، مؤلف بدرجة محارب، فلاح فصيح كما يُطلق عليه، مهموم بحب الوطن وقضاياه، خاض معارك كبرى ضد الفساد وطيور الظلام، تنبأ بكثير من الأزمات وحذر منها، له مع الرقابة مواقف ومشاحنات من أجل كلمة أو حرف أو مشهد، كل ما يشغله تحقيق العدالة الاجتماعية وأن تصل كلمته للجمهور بكل أطيافة، الأستاذ وحيد حامد واحد من أهم كُتاب الدراما بشقيها في تاريخنا الفني، أجرينا معه هذا الحوار على هامش تكريمه في الدورة الـ 42 من مهرجان القاهرة السينمائي
ما سبب تأثرك الشديد بتكريمك في مهرجان القاهرة؟
لمهرجان القاهرة مكانة خاصة في نفسي، عندما كنت شابا مفتونا بالسينما سعدت عندما علمت بخبر تنظيم مهرجان سيمائي في القاهرة على غرار المهرجانات العالمية، ومنذ هذه اللحظة وأنا متابع جيد له، أحساس لحظة التكريم مشابة للحظة علمي بتنظيم هذا المهرجان وأنا شاب، والسعادة زادت لأن من يُدير المهرجان الآن جيلا من الشباب وهذا له تأثير كبير في نفسي حيث أكد لي ما زلت موجودا ولي مكانه لديهم.
https://www.youtube.com/watch?v=Z0eMHyhaUiQ
كثير من أعمالك كان لها تأثير على المجتمع، والجمهور يحفظ حوارها جيدا؟
ما يميز النص االسينمائي جملة الحوار، ومن الضروري أن تملك الرشاقة والصدق، هذه الجملة الصادقة الرشيقة تأتي من الثقافة العامة في الأدب والشعر والمسرح، بالإضافة إلى مصداقية معايشتك للمجتمع وأن تأخذ منه وتعطيه، وهو ما يجعل الأعمال الإبداعية تستمر وتعيش عبر الزمن وتحافظ على نفسها، إذا افترضنا أن للسينما طعما ” حلو ، مر ، حامض” ما كتبته كان أقرب للحلو وهو ما جعل الجمهور يتذوقه ويعيش للأجيال التالية.
وهذا أيضا ما جعلك تتنبأ أو تتوقع ما قد يحدث في المجتمع ؟
لا يوجد في السينما نبوءه، و إنما توقع و محصلة تكتسبها من خلال دراستك للمجتمع وأحاول الناس، وإذا كان هناك فساد في مؤسسة ما فمن الطبيعي أن ينتج عنه فجوه اقتصادية أو أخلاقية أو إنسانية، ما قدمته كانت توقعات مبنية على ما أراه في المجتمع الذي أعيش فيه وسط الناس، أنا أحببت السينما جدا و أخلصت للواقع ولم أكتب عمري نصا سينمائيا واحدا مجبر عليه أو ضد قناعاتي وأفكاري التي أنطلق منها للكتابة باستلهام الواقع كما أراه.
تجربتك مع عادل وإمام و شريف عرفة كانت علامة في تاريخ السينما.. كيف كانت؟
في هذه الفترة كان هناك تقاربا فكريا كبيرا بيني وبين عادل وشريف، و حققنا تجربة فريدة من نوعها من خلال أعمال تشاركنا في إنجازها وكان لها تأثير مباشر في الوعي العام مصريا وعربيا.
و ماذا عن عاطف الطيب؟
قدمت معه أكثر من عمل ” البريء، الدنيا على جناح يمامة، التخشيبة، ملف في الآداب” والأخير تشاركنا في إنتاجه أنا وعاطف، وكل المخرجين الذين تعاملت معهم كل منهم كان له نكهة وطابع مميز ولغة خاصة ساعدت في نقل ما كتبته للمشاهد بكل صدق و تميز، حتى من لم يحالفني الحظ والتعامل معهم كل منهم كان له طابع وأسلوب مختلف و متميز، أرى أن داوود عبد السيد كاتب سيناريو ممتاز، وخان كان هناك مشروعا بيننا لكن لم يكتمل.
لماذا قررت إنتاج أعمالك السينمائية؟
كان ذلك في فيلم اللعب مع الكبار، عندما طلب المنتج إلغاء عِدة مشاهد من بينها مشهد المترو بين عادل إمام و حسين فهمي توفيرا للنفقات، سحبت الفيلم منه وقررت إنتاجه حتى يظهر بالصورة التي أريدها ومن بعدها قررت أن استمر في إنتاج أعمالي حتى تظهر كما أريد.
كنت من أكثر الكُتاب شدة في التصدي للإرهاب .. كيف كان ذلك؟؟
هناك قضية ما محددة تسيطر على كتابة و إبداع كل كاتب، تتنوع طرق إبداعاته لأظهارها، وأنا مثل الآخرين، كنت مهووسا في قضية رفع الظلم عن الإنسان وتحقيق العدالة الاجتماعية وكنت أرى في هذه الجماعات أحد الأسباب العميقة لغياب العدالة الاجتماعية، و معاداة الإنسانية والتقدم، وللأسف الشديد فإن المد الوهابي والفكر السياسي الإسلامي الأكثر تخلفا يتقلص في كل الدول وينمو في مصر !! وذلك بسبب حالة الجمود التي نعيشها فكريا والتي بدأت أول ملامحها في أوائل السبعينيات والتي أدت إلى تغيير كلي، ولهذا تجد أن الأجيال الحالية أكثر تخلفا و تزمتا من الأجيال السابقة بسبب تراجع الثقافة وانتشار فكر الجماعات التي دمرت هوية الوطن.
لماذا لم تعد هموم الوطن في اهتمامات صُناع السينما الآن؟
الأفلام الكبيرة يكون خلفها كاتب ” حرفي” تم يأتي الكاتب الذي يبحث عن هموم الوطن، للأسف الشديد الفترة الحالية فيها “صنايعية” كتير لأسباب كثيرة أولها النقل من أعمال أجنبية وهي عدوى انتقلت إلى الدراما التليفزيونية، وأصبحت الدراما بشقيها لا تعبر عن الواقع ومن النادر أن تجد عملا جيدا، ثم أُبتلينا بسينما رخيصة يمثلها رمضان وغيره، والتي وجدت صدى عند بعض الناس وفي النهاية المنتج يبحث عن المكسب وضاعت السينما بينهم ولم تأخذ من الناس حتى تعطيهم بهدف الارتقاء بهم، السينما الآن ” أكل عيش”
دائما كانت هناك مواجهات بينك وبين الرقابة، كيف كانت، وصِف لنا الفرق بين الرقابة زمان والآن؟؟
لم يحدث أن حذفت الرقابة شيئا مما أكتب والرقابة زمان أفضل من الآن بمراحل، وعندما كنا نختلف كنا نحتكم إلى القانون الذي كان ينصفنا، أما الآن لا يوجد قانون يحكم بين المُبدع والرقابة، الأعمال تذهب للرقابة ولا تتعود وهذا يحدث مع كل الناس وليس أنا فقط.
ما تقييمك لما يسمى بورش التأليف والكتابة؟؟
ورش الكتابة هي أسوء شيء حدث، لآن الكتابة أساسها أن يكون لديك شيء تريد توصيله للناس فكرة ، رأي ،هدف، الكتابة مثل جنين أو مولود يخرج للدنيا والناس ولا يمكن أن يشترك فيه اثنان أو ثلاثة لأنها سوف تصبح مثل جلابية المهرج، لسنا جميعا نسخا واحدة والكاتب والمُفكر مفترض أن يقدم عطاءه للناس، لكن أن يكتب العمل أكثر من كاتب سوف يظهر مليء بالرقع، وفي النهاية أذكر لي عملا واحدا من إنتاج هذه الورش الناس تتذكره كما تتذكر أعمال الأجيال السابقة التي لها بصمة وأثر في الناس.
كيف ترى المناخ الحالي مع تطور التكنولوجيا ؟؟
التكنولوجيا أدت إلى ثقافة رخيصة و هشة، وأصبحنا نفتقر إلى القراءة الجدية التي ترتكز على القراءة والبحث، بدلا من الركاكة وعدم دقة المعلومات التي تغرق فيها وسائل التواصل الاجتماعي و محركات البحث.
لماذا ترفض عرض أعمالك على المنصات الإلكترونية؟؟
لأن جمهور المنصات محدود، وأنا أريد أن تصل أعمالي للجميع دون تكلفة و بدون وسائل تقنية و تعقيدات في مجتمع يعيش فيه عدد كبير دون خط الفقر إلى جانب الأمية بمفهومها الجديد ” معرفة لغة الكمبيوتر والتقنيات الحديثة”.