عرض وترجمة: أحمد بركات
ستترك صعوبة تأمين معروض من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا العديد من الدول الفقيرة للاعتماد على منظمة “كوفاكس”، وهي منظمة تم إنشاؤها في أبريل2020 وعلاجات لتوفير “وصول مبتكر وعادل إلى تشخيصات ولقاحات كوفيد – 19″. يجري تنسيق العمل مع هذه المنظمة من قبل منظمة الصحة العالمية و”اتحاد ابتكارات التأهب للأوبئة” و “التحالف العالمي للقاحات والتحصين” (Gavi).
تهدف منظمة “كوفاكس” إلى توفير ملياري جرعة على مستوى العالم، بما في ذلك 1.3 مليار على الأقل لـ 92 دولة منخفضة ومتوسطة الدخل، بحلول نهاية عام 2021. سيكون هذا كافيا لتلقيح 20 في المائة من سكان كل دولة، مع منح الأولوية للعاملين في قطاع الصحة، وكبار السن، والذين يعانون من حالات طبية أساسية (على الرغم من أن هذا الهدف قد تم انتقاده باعتباره غير مناسب للتعامل مع الوباء).
وقد تفاوضت “كوفاكس” على صفقات مسبقة لهذه الجرعات. ومع ذلك، يعتقد محللو “جامعة ديوك” أنه لا يمكن تسليم الجرعات في غضون هذا العام كما هو مخطط له، إلا إذا تمكن “معهد سيروم” Serum Institute)) من تقديم900 مليون جرعة تم طلبها على أنها “بند غير ملزم”، وهو مايرى المحللون أنه غير قابل للتطبيق بالنظر إلى القدرات المعروفة للشركة والطلبات الحالية.
ويقدر المحللون، بدلا من ذلك، أن “كوفاكس” ستوفر ما بين650 إلى 950 مليون جرعة، مقسمة بين 145 دولة، بما في ذلك بعض الدول التي توافرت لها صفقات مؤكدة كافية لتلقيح مواطنيها عدة مرات.
لكن المشكلة تكمن في أن” التحالف العالمي للقاحات والتحصين” (Gavi) لم يسبق له النجاح قبل ذلك في الحصول على اللقاحات في المناسبات التي كان يتنافس فيها مع الدول الغنية.
يتفهم “مكتب الصحافة الاستقصائية” أن “كوفاكس” تعتمد على اتفاقية ملزمة قانونًا مع “معهد سيروم” لتقديم جميع الجرعات غير الالزامية، وأن الأرقام الواردة بهذا الاتفاق لا تشمل الجرعات التي تبرعت بها الدول الأخرى.
وعلى الرغم من أن العديد من الدول التي يحق لها الحصول على اللقاحات التي تقدمها “كوفاكس” قد رتبت بالفعل صفقات أخرى للحصول على جرعات أكثر مما يكفيها، إلا أن حالة عدم اليقين بشأن الالتزام بالموعد المحدد تعني أن الدول الغنية، بما في ذلك كندا ونيوزيلندا، قد اختارت تلقي لقاحات “كوفاكس” في الموجة الأولى، بدلا من الانتظار حتى تتلقى البلدان الفقيرة لقاحاتها أولا.
هل توجد طريقة أكثر عدلا للمضي قدما؟!
يختلف الخبراء حول حلول أزمة إمدادات اللقاح. في هذا السياق، طلبت منظمة الصحة العالمية من الشركات المصنعة إعطاء الأولوية لتوفير اللقاحات لـ “كوفاكس”، وحثت الدول التي تطلب جرعات تتجاوز احتياجاتها بالتبرع. لكن هذا يبدو غير قابل للتطبيق حيث تعاني العديد من الدول الغنية، وعلى رأسها دول الاتحاد الأوربي من تأخر توريد الشركات للقاحات.
ومؤخرا، أنشأ “كوفاكس” آلية للتبرع، وحتى الآن وافقت النرويج فقط، التي سجلت أقل من 600 حالة وفاة بسببكوفيد – 19، على التبرع في نفس الوقت الذي يتم فيه طرح خطة التطعيم الوطنية الخاصة بها.
وستتبرع كندا بما يصل إلى 5 ملايين دولار كندي (أي ما يعادل 2.85 مليون جنيه إسترليني) لتمويل هذه الآلية للتبرع، لكنها لا تستطيع الالتزام بإطار زمني لموعد بدء تسليم الجرعات.
كما توجد محاولات متفرقة للتبرع خارج هذه الآلية. فقد وافق الاتحاد الأوروبي، بعد تراجعه عن مقترحات سابقة تتعلق بتقديم تبرعات منتظمة إلى “كوفاكس”، على إرسال لقاحات لتطعيم العاملين في قطاع الصحة في جميع أنحاء إفريقيا وغرب البلقان. وتمتلك أستراليا ونيوزيلندا خططا مماثلة للبيع أو التبرع للدول المجاورة في المحيط الهادئ وجنوب شرق آسيا وجزر بولينيزيا.
ووفقًا لصحيفة The Times، أقر وزير الصحة البريطاني مات هانكوك بأن 400 مليون جرعة طلبتها وزارته كانت “أكثر من احتياجات سكان المملكة المتحدة”. وقال إن الحكومة ستكون سخية، بينما ستكمل أيضا برنامج التطعيم الخاص بها.
تأخير مميت ومدمر
بدون توزيع منصف وعادل للقاحات، لن يتوافر للدولة منخفضة الدخل مخزون يفي بحاجتها لتلقيح السكان، بما في ذلك العاملين في مجال الرعاية الصحية، في عام 2021.
في هذا السياق، وصفت إيرين موتومبوا، المنسقة الوطنية لإدارة الكوارث في الصليب الأحمر في جنوب أفريقيا الوضع في بلادها بأنه “متوتر للغاية”. وأضافت: “حياة الجميع في خطر، خاصة عندما تكون شخصًا يشارك في العمل مع المجتمع”.
كما يشعر العلماء بالقلق من أن السماح للفيروس بالانتشار بلا هوادة في بعض البلدان قد يؤدي إلى مخاطر أكبر على الجميع. وتؤكد الدكتورة ماري بول كيني ، عالمة الفيروسات ومديرة الأبحاث في مركز بحوث “إنسيرم” في فرنسا أنه: “كلما اتسع نطاق انتشار الفيروس، ازدادت فرص تطفره”. ويمكن أن تؤدي الفيروسات المتطفرة إلى مزيد من الوفيات مباشرة في الدول التي لم تتوافر لها اللقاحات بكميات كافية، كما أنها قد تجعل اللقاحات أقل فعالية بمرور الوقت.
ربما تكون التكلفة الاقتصادية العالمية باهظة. فقد قدرت دراسة أجرتها مؤسسة “راند” أن الفشل في ضمان تخصيص عادل للقاح كوفيد – 19 قد يكلف الاقتصاد العالمي ما يصل إلى 1.2 تريليون دولار سنويًا (توصلت دراسة أخرى إلى رقم يزيد على 7 أضعاف ما ورد في دراسة “راند”). وأظهرت نمذجة مؤسسة راند أنه حتى في حال قيام الدول الغنية بتطعيم سكانها، فإنها قد تخسرحوالي 119 مليار دولار سنويا، إذا حُرمت الدول الأكثر فقرا من اللقاح.
يقول ماركو هافنر، كبير الباحثين المشاركين في الدراسة: “إذا سألت شخصا اخترته من الشارع بطريقة عشوائية، فلن يعتقد أبدا أننا نعتمد بأي شكل من الأشكال اقتصادياعلى البلدان منخفضة الدخل”. ولكن نظرا لاعتماد الدول الغنية على روابط التجارة العالمية، فإن التباطؤ الاقتصادي في الدول الفقيرة الناجم، عن القيود التي فرضها تفشي وباء كورونا سيكون له تأثير غير مباشر في جميع أنحاء العالم.
ويضيف هافنر: “[هناك] حوافز اقتصادية حقيقية لتوفير الوصول العادل للجميع، بدلا من مجرد اعتبار هذا نوعا من الأعمال الخيرية”.
وتقول مهجة كمال ياني، كبير مستشاري السياسة الصحية في منظمة “أوكسفام” إن “الحكومات تدرك أن هذا الشعار القائل ’لا أحد بأمان حتى يصبح الجميع بأمان‘، الذي يرددونه طوال الوقت ولكن بعد ذلك يفعلون العكس، صحيح … إنهم في خطر”.
وتتابع: “الطفرات تعني الآن أن الدول الغنية تدرك أنها لا تستطيع فقط تطعيم شعوبها.”
وبالعودة إلى المملكة المتحدة، يأمل سينام وشقيقيه الذهاب إلى غانا في عيد الميلاد، بمجرد أن يتم تطعيمهم. يبدو منغير العدل بالنسبة لهم أنهم من المحتمل أن يتلقوا تطعيمهم قبل والدهم الأكثر عرضة للخطر.
_________________
*هذه المادة مترجمة. يمكن مطالعة النص الأصلي باللغة الإنجليزية من هنا