“أبو خالد يا حبيب
اضرب اقصف تل أبيب”
بهذا الهتاف كانت الجماهير في مختلف الأقطار العربية ٫ ولا سيما ما يُعرف بدول الطوق المحيطة بفلسطين٫ تطالب الزعيم العربي جمال عبد الناصر بقصف العدو الصهيوني في ستينيات القرن العشرين مستخدمين كنية الزعيم وهي “أبو خالد”.
من بطل إلى بطل
رحل أبو خالد ” البطل المصري العربي ” عام ١٩٧٠ قبل أن يتحول هذا الهتاف٫ او قل الأمنية٫ الى واقع ملموس٫ إلا أن “أبو خالد” آخر محلي على المستوى الفلسطيني برز بعد وفاة الأول بسنوات طوال وحول الهتاف الى حقيقة.حيث شاء القدر أن يحمل القائد محمد ضيف٫ أحد أبرز قادة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة المحاصر٫ الكنية ذاتها التي حملها الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر وهي “أبو خالد”.
https://www.youtube.com/watch?v=GlvMND3NFzs
ومع تطور قدرات المقاومة وانتقالها من الحجر والمقلاع والزجاجات الحارقة الى الصواريخ بعيدة المدى٫ لم تعد تل أبيب بمنأى عن صواريخ جنود أبي خالد الفلسطيني٫ بل ذهبت المقاومة في ثقتها بقدراتها الى أن تفرض عبر المتحدث باسمها وبامر من أبي خالد حظر تجول على المستعمرين الصهاينة وتجبرهم على التزام المخابئ والملاجئ والوقوف “على رِجل واحدة” على حد تعبير الناطق باسم المقاومة “أبو عبيدة“.
لم يقف هذا الامتداد التاريخي عند القائد ضيف فقط وانما امتد الى قيادي آخر بارز في مقاومة غزة هو القائد يحيى السنوار٫ اذ لم يفت على جمهور المقاومة أن كنية السنوار هي “أبو ابراهيم” وهو ما ذكر بقيادي فلسطيني آخر حمل ذات الكنية وهو خليل محمد عيسى عجاك الملقب بأبي إبراهيم الكبير.
كان خليل أو أبو إبراهيم عضوًا قياديًا في المجموعة التي شكلها الشيخ عز الدين القسام في ثلاثينيات القرن العشرين بغرض مقاومة الاستعمار الإنجليزي والاستيطان الصهيوني على أرض فلسطين وشارك في الكفاح المسلح الذي أطلقه القسام عام 1933 وساهم في نشر وتفجير الثورة الفلسطينية عام 1936 التي انطلقت في كافة ربوع البلاد بعد استشهاد القسام.
تولّى أبو ابراهيم قيادة الثورة في منطقة شمال فلسطين وقاد عددًا من الفصائل المختلفة ونفذ عدداً كبيراً من العمليات ضد المستعمر الإنجليزي وعملائه وكان يوقّع كافة بياناته وبلاغاته باسم (المتوكل على الله أبو إبراهيم)، وقد رصدت القوات البريطانية مكافأة 500 جنيه فلسطيني لمن يرشدها إليه.
وكان من الطبيعي٫ نتاجاً لكل ما سبق٫ أن يتحول أبو إبراهيم الكبير الى رمز وطني وتصاغ باسمه الأغنيات الشعبية مثل الأغنية التي حملت اسمه وتقول كلماتها :
“ابو ابراهيم ودع عز الدين… دمه عربي وقلبه فلسطيني”.
بدا ابو ابراهيم الجديد وكأنه يسير على درب أبو إبراهيم الكبير في تحديه للاحتلال واستهانته بالموت في سبيل الوطن وتجواله في قطاع غزة عقب المعركة محتمياً بأهله الذي كانوا ولازالوا سنداً للمقاومة.
https://www.youtube.com/watch?v=I8xZH2bqZWg
أرفع راية جدي
هذا الامتداد التاريخي قد يكون أيضا متمثلا في تكرار الأسماء في العائلة الواحدة٫ وهو ما برز في مشهد بثته إحدى القنوات الإخبارية العربية خلال تغطيتها تظاهرة تضامنية حاشدة مع فلسطين نظمها الشباب اللبناني على حدود بلادهم مع فلسطين المحتلة.
كان المشهد لافتاً بحق٫ حيث يحاور المراسل طفلاً ملثماً بالكوفية الفلسطينية التي تغطي وجهه تماماً٫ يسأل المراسل الطفل عن سبب مجيئه الى هذه التظاهرة فيجيب دون تردد: لكي أرى كيف يمكنني الدخول إلى فلسطين المحتلة.
ثم يضيف: استطاع جدي أن يطرد الصهاينة من هذه الأرض٫ وبعون الله سأتمكن أنا وجيلي من طردهم من فلسطين٫ ثم يكشف الطفل النقاب عن أن جده الذي يعتز به هو الشهيد عماد مغنية٫ القيادي البارز في المقاومة اللبنانية منذ الثمانينات.
https://www.youtube.com/watch?v=zqB-AkIARCE
ولدى سؤال الطفل عن اسمه يقول : اسمي عماد مغنية تماماً كجدي الشهيد.
لا يبدو هذا التشابه بين الحاليْن في فلسطين ولبنان مجرد صدفة بحتة ولكنه يؤكد على أن الأمة ما زالت قادرة على الحياة وعلى البطولة .. تبدو الأمة من خلال هذا الامتداد والتواصل وكأنها أم صابرة محتسبة تعيد تسمية أبنائها تيمناً بمن سبقهم على درب المقاومة والشهادة لتؤكد للعدو أن الموت الذي يتصور أنه يُرهب أبناءها به ليس نهاية لهم أبداً.