تعمل الإستراتيجية الوطنية للرئيس على تحويل الولايات المتحدة بعيدًا عن أسوأ ممارسات الحرب على الإرهاب – إذا اتبعتها سلطات إنفاذ القانون والمحاكم والوكالات
ترجمة وعرض: تامر الهلالي
هناك الكثير مما يمكن ملاحظته في الاستراتيجية الوطنية لإدارة بايدن لمكافحة الإرهاب المحلي. والأهم من ذلك، أنَّه يحمل في طياته إمكانية الابتعاد عن بعض الانتهاكات الفظيعة التي تنطوي عليها تحقيقات الإرهاب خلال العقدين الأخيرين من الحرب العالمية على الإرهاب.
تم إطلاق استراتيجية بايدن في يونيو، وهي تفتح آفاقًا جديدة في تقديرها العميق للتحدي “المعقد والمتعدد الأوجه والمتطور” الذي يفرضه الإرهاب المحلي. ويشير بشكل مباشر وغير مباشر إلى أوجه القصور في السياسات المنفذة لمكافحة الإرهاب خارج الوطن. وهي تدرك أن تهديد الإرهاب المحلي، ورد الفعل السيئ تجاهه؛ يمكن أن يهدد الديمقراطية.
ولكن ما الجديد هنا تحديدًا، وهل سيكون مهمًا؟
بداية.. يعرّف بايدن ويحدد مجموعة أوسع من الإرهابيين المحليين، بما في ذلك “المتطرفون العنيفون بدوافع عنصرية أو عرقية والشبكات التي تقودهم كراهيتهم العرقية أو الإثنية أو الدينية إلى العنف، وكذلك أولئك الذين يشجعون على القيام بـ”الأعمال العنيفة” كما يعترف بالمتطرفين العنيفين بدوافع جنسانية. وهي تشمل “التهديد الذي يأتي من المتطرفين العنيفين المناهضين للحكومة أو المناهضين للسلطة” والميليشيات التي نصبت نفسها بنفسها، والتي غالبًا ما تمثل طيفًا أيديولوجيًا واسعًا.
ويسرد المتطرفون الذين يحتمل أن يكونوا عنيفين.. مظالم شخصية عابرة للطيف السياسي، من مناهضة الإجهاض إلى حقوق الحيوان، والبيئة وحتى العزوبة غير الطوعية.
العنف والإيديولوجيا
بالنظر إلى الأبعاد العديدة للتطرف الداخلي، فإنَّ مواجهة التهديد أمر شاق. ويعمل الإنترنت على تسريع تجنيد وتعبئة أي من هذه المجموعات من خلال “تدفقات الأسلحة” بما في ذلك الأسلحة الهجومية، فهي متاحة بسهولة. كما يشكل وجود متطرفين متحيزين عنصريًا داخل الجيش وأجهزة إنفاذ القانون والوكالات الحكومية الأخرى تحديًا إضافيًا.
في حين أنَّ بعض النقاد قد يزعمون أنَّهم يرون دوافع حزبية في خطة الإدارة، إلا أنَّ لهجة الاستراتيجية تؤكد على نهج منهجي، وتفضيل الأدلة والإجراءات، وإحساس أصحاب المصلحة المتعددين الذين تحتاج مصالحهم المختلفة إلى معالجة كافية.
لكن هناك تغيير مهم في هذه الاستراتيجية لا علاقة له بالسياسة الأخيرة. فخطة بايدن تَعِدُ صراحة بالابتعاد عن سياسات مكافحة الإرهاب للحرب على الإرهاب من أجل تعزيز الحماية الدستورية. وتشير الاستراتيجية إلى أنَّ “جهود الوقاية السابقة التي قامت بها الحكومة الأمريكية كان لها سجل مختلط.. فنحن بحاجة إلى القيام بعمل أفضل بشكل أفضل في حماية الحقوق والحريات مع الاستمرار في السعي لتحقيق هدف منع الأفراد من إيذاء إخوانهم الأمريكيين من خلال الإرهاب أو أي نشاط إجرامي آخر.”
ولتحقيق هذه الغاية ، تبذل الاستراتيجية مرارًا وتكرارًا عدة جهود بنية حسنة للتلميح إلى حماية الحريات المدنية. فهو تميز على سبيل المثال بين الأيديولوجيا والعنف. وتؤكد الاستراتيجية على أنَّ “بلادنا وقوانينها تترك مجالا واسعا لوجهات النظر السياسية والأيديولوجية والتعبير عنها، بما في ذلك من خلال الاحتجاج السلمي.. لكنها لا تترك مجالا للعنف غير القانوني”.
وقد ورد ذكر حرية التعبير والتجمع عدة مرات في التقرير في هذه الحالة، كما أشارت مجموعات الحريات المدنية -غالبا- إلى تجريم الكلام في تحقيقات إنفاذ القانون في الحرب على الإرهاب، وتهدف الاستراتيجية الجديدة، كما هو موضح إلى التركيز على أعمال العنف وإلهام الآخرين لأعمال العنف. وكما قال المدعي العام ميريك جارلاند عندما أعلن عن الاستراتيجية في حزيران (يونيو) “نحن نركز على العنف وليس على الأيديولوجيا”.
تعريف الإرهاب
وتحاول استراتيجية بايدن تعريف الإرهابيين من خلال أنشطتهم، متجاوزة السياسات الأمريكية في سنوات الحرب على الإرهاب، والتي تعاملت خلالها أجهزة إنفاذ القانون -في كثير من الأحيان- مع المسلمين بالريبة، ووضعت برامج مراقبة بدون إذن قضائي، وصممت استراتيجيات للاستخدام العدواني للمخبرين من خلال مكتب التحقيقات الفدرالي.
كما تولي استراتيجية الإدارة احتراما لحماية الخصوصية في جهود الحكومة لتحليل البيانات من المصادر الحكومية والخاصة. إنَّه رد مباشر على انتقادات المراقبة الجماعية بدون إذن قضائي على المواطنين الأمريكيين وغيرهم داخل الولايات المتحدة في الانتهاكات الجسيمة لحماية التعديل الرابع.
إذن، ماذا ستفعل إدارة بايدن لجعل خطتها حقيقة؟ لا تعمل الاستراتيجية على تعزيز التشريعات الجديدة بشكل نشط، ولكنها بدلا من ذلك تتخذ نهجا انعكاسيا وتنتظر لترى ما إذا كانت مثل هذه التشريعات مطلوبة أم لا.
كانت مناقشة قانون مكافحة الإرهاب المحلي الفيدرالي في مرمى نقاش في واشنطن وخارجها لسنوات. وكان جوهر النقاش حول ما إذا كانت تجاوزات إنفاذ القانون التي رافقت محاكمات الإرهابيين الدوليين المشتبه بهم -على سبيل المثال المراقبة غير المبررة، والممارسات العدوانية من مكتب التحقيقات الفيدرالي، والشكوك القائمة على العرق واللون- سيتم تكرارها في قانون الإرهاب المحلي.
نهج متعدد الأبعاد
في حين أنَّ الاستراتيجية لا تمنع مثل هذا التشريع، إلا أنَّها تهدف إلى تقييم المريض، بدلا من التعاطي العدواني. ويهدف هذا التشريع إلى “الفحص الدقيق للسلطات الجديدة التي قد تكون ضرورية ومناسبة … مدفوعة بالحقائق ومعززة بتحليل الخبراء” الذين يمكنهم تقديم المشورة بشأن “كل من السلطات الحالية للتعامل مع تهديدات الإرهاب المحلية والآثار المترتبة على الحقوق المدنية والحريات المدنية مع متابعة أي تغييرات لتلك السلطات “.
يقر تقرير بايدن طوال الوقت أن تهديد العنف المحلي المتطرف لا يستدعي إجراءات إنفاذ القانون فحسب، بل يتطلب أيضا اتباع نهج متعدد الأبعاد يتضمن محو الأمية الرقمية والتعليم المدني وزيادة الوعي العام بشأن كيفية مكافحة ومنع تجنيد الإرهاب المحلي والتعبئة للعنف بشكل فعال.
كل ما قيل في ذلك الوقت، أنَّ استراتيجية بايدن تتمتع بإمكانات كبيرة.. وستكون المهمة إصلاح الممارسات والسياسات لتحقيق هذا الهدف. لكن هذا يرتبط بما إذا كان تطبيق القانون والنظام القضائي والوكالات الحكومية المكلفة بالأمن؛ ستمارس في نهاية المطاف ضبط النفس في جمع المعلومات، واستهداف المجتمعات وفصل الكلام عن الفعل.. هذا ما سنراه. وربما من الممكن أن يتبع ذلك إعادة الاعتبار الحقيقي للحريات المدنية في سياق الإرهاب.. بشرط التوجه الحكيم المسئول في أعلى مستويات الإدارة.
تعريف بالكاتب
كارين ج. جرينبيرج ، دكتوراه ، هي مديرة مركز الأمن القومي في Fordham Law ومؤلفة كتاب
“Subtle Tools: The Dismantling of American Democracy from the War on Terror to Donald Trump”