انتهت منافسات دور الستة عشر في بطولة كأس الأمم الإفريقية أمس الثلاثاء، وقد أسفرت المواجهات عن فوز وتأهل منتخبات: نيجيريا- أنجولا- كاب فيردي- مالي- كوت ديفوار- الكونغو الديمقراطية- غينيا وجنوب أفريقيا، إلى دور الثمانية.. وتقام مباريات الدور بدءا من الجمعة الذي سيشهد لقاء نيجيريا مع أنجولا، ولقاء الكونغو الديمقراطية وغينيا، بينما يشهد يوم السبت لقاء مالي مع كوتديفوار، ولقاء جنوب إفريقيا مع كاب فيردي.
بذلك تكون المنتخبات العربية قد ودّعت البطولة جميعها بدءا بالجزائر التي تذيلت مجموعتها برصيد نقطتين فقط من تعادلين وهزيمة مفاجئة أمام موريتانيا لتنتهي بذلك حقبة المدرب جمال ماضي، ومعه عدد من نجوم الفريق على رأسهم رياض محرز؛ إذ يرى كثيرون أن الأخضر أصبح في حاجةٍ ماسة لتجديد دماء الفريق، بالدفع بعناصر أصغر سنا مع مدرب آخر يملك من الرؤية الفنية والإمكانات ما يمكّنه من العودة بالفريق إلى وضعه الطبيعي؛ بوصفه أحد أقوى فرق القارة، والمتوج بالكأس في مناسبتين 1990، على أرضه. والبطولة قبل الماضية في القاهرة 2019.
المنتخب العربي الثاني الذي ودّع مبكرا ولم يستطع اجتياز الدور الأول هو المنتخب التونسي الذي تذيل المجموعة الخامسة برصيد نقطتين فقط من تعادلين أمام مالي وجنوب إفريقيا بعد هزيمة بهدف دون رد أمام نامبيا. وكان الاتحاد التونسي قد أعلن في بيان له مساء الجمعة الماضية، إقالة الجهاز الفني لمنتخب بلاده بقيادة المدرب الوطني جلال القادري، وتكليف كل من أنيس البوسعايدي والوحيشي لقيادة المنتخب إلى حين تعيين مدرب وطني جديد.
وإلى الدور الثاني صعدت ثلاثة منتخبات عربية هي مصر وموريتانيا والمغرب: احتلت مصر المركز الثاني في المجموعة الثانية بثلاث نقاط فقط من ثلاث تعادلات مع موزمبيق وغانا وكاب فيردي بنتيجة واحدة هي هدفين لكل فريق.. وقد كان الأداء المصري ضعيفا في ظل وجود المدرب البرتغالي روي فيتوريا الذي افتقد إلى عدة عوامل أساسية حاسمة؛ ما جعل المنتخب يظهر في أسوأ صورة.. فلم تكن لدى فيتوريا رؤية فنية ولا خطة للعب، ولم يحاول قراءة المنافسين والتعديل على أساس نقاط القوة والضعف البادية؛ فجاء أداء المنتخب مفتقدا للقوة، ما سمح باستقبال مرمى الفريق سبعة أهداف في أربع مباريات، كما جاءت تفضيلات المدرب على نحوٍ مثير للعجب إذ فضّل حجازي العائد من الإصابة على المتألق في كأس العالم للأندية، لاعب الأهلي ياسر إبراهيم، كما فضّل إشراك النني الذي يلازم مقاعد البدلاء في الأرسنال، على مشاركة مروان عطية الذي لفت إليه الأنظار بقوة في البطولة المشار إليها، كما أجّل كثيرا مشاركة اللاعب محمود حسن تريزيجيه الذي كان يشارك بديلا، إلا في المباراة الأخيرة التي بدأها.. لكن فيتوريا عاد واستبدله.
وكان لموقف قائد الفريق محمد صلاح الذي آثر السفر فور إصابته على البقاء لدعم الفريق- أسوأ الأثر على الفريق الذي واجه الكونغو الديمقراطية في الدور الثاني، وخرج بركلات الترجيح دون أن يقدم مردودا جيدا أمام فريق لم يعرف طعم الفوز هو الآخر.
أما الفريق الموريتاني فقد كان أحد مفاجآت البطولة.. استهل الفريق مبارياته في المجموعة الرابعة أمام بوركينا فاسو، وخسر بهدف دون رد، لكنه قدم أداءً جيدا في المباراة الثانية أمام أنجولا؛ إلا أن الحظ لم يكن حليفه وخسر بنتيجة ثلاثة أهداف لهدفين، في المباراة الثالثة أمام الجزائر، كان مردود الفريق أكثر من رائع وفاز بهدف دون رد؛ ليصعد ضمن أفضل الثوالث؛ ليصطدم بكاب فيردي القوي ويكون ندا في المباراة التي لم تشهد سوى هدف وحيد قبل نهاية وقتها الأصلي بدقيقتين عن طريق مهاجم كاب فيردي، ريان مينديز؛ لتخرج موريتانيا من البطولة بعد أن قدمت أداءً يحمل الأمل في مستقبل الكرة الموريتانية.
المغرب صاحب المركز الرابع في كأس العالم الأخيرة بقطر، تصدّر المجموعة الأخيرة برصيد سبع نقاط جاءت من فوز سهل بالثلاثة على تنزانيا أضعف فرق البطولة، ثم تعادل بهدف لكل فريق مع الكونغو الديمقراطية، ثم فوز على زامبيا بهدف دون رد.
في دور الستة عشر التقت تشكيلة المدرب وليد الركراكي بمنتخب جنوب إفريقيا الذي حلَّ ثانيا في المجموعة الخامسة برصيد أربع نقاط حصدها من الفوز على نامبيا برباعية نظيفة، وتعادل سلبي مع تونس، وكان منتخب الأولاد قد استهل مبارياته بهزيمة غير متوقعة أمام المنتخب المالي الذي فاز بهدفين دون رد.
لم يقدم الفريق المغربي المردود المنتظر في المباراة وانتهى الشوط الأول بالتعادل السلبي؛ ليشهد الشوط الثاني تغيرا دراماتيكيا في أحداث المباراة التي شهدت الدقيقة السابعة والخمسين من عمرها هدف التقدم للأولاد عن طريق اللاعب إيفيدنس ماكجوبا الذي غافل المدافع المغربي رومان سايس، وانفرد بياسين بونو ووضع الكرة من تحت أقدامه في المرمى، ويحتسب الحكم ركلة جزاء للمغرب بعد مراجعة الڤار إثر لمس أحد لاعبي جنوب إفريقيا للكرة داخل منطقة الجزاء.. يتقدم أشرف حكيمي لتسديد الضربة؛ لكن كرته تصطدم بالعارضة وتذهب إلى خارج الملعب ليتعقد الموقف المغربي أكثر وأكثر.
ويحتسب الحكم عشر دقائق وقتا بديلا للوقت الضائع، تشهد طرد اللعب المغربي سفيان إمرابط.. ثم هدف البافانا بافانا الثاني من تسديدة قوية من تيبوهو موكوينا من ضربة حرة على حدود منطقة الجزاء، سكنت الشباك على يمين بونو الذي طار إليها دون جدوى.. لينتهي اللقاء بهزيمة المنتخب المغربي، وخروجه ليلحق بالمنتخبات العربية الأخرى التي لا يهتم بنتائجها المدرب وليد الركراكي الذي ذهبت آماله في تحقيق البطولة سُدى، ليتوقف رصيد المغرب من كئوس إفريقيا عند كأس وحيدة جنوها قبل ثمانية وأربعين عاما.. تكتمل نصف قرن عندما تستضيف المغرب البطولة القادمة بمشيئة الله.
المشاركة العربية في الكان هذه النسخة يمكن وصفها بالمخزية دون تجنٍ؛ وربما كان الأداء العربي؛ تعبيرا جليا عن الموقف العربي برمته في مختلف المجالات؛ خاصة فيما يخص القضية الفلسطينية والإبادة الجماعية التي تمارسها دويلة الكيان اللقيط في غزة.. فصار حال العرب يشبه حال طالبٍ فاشل رسب في كل المواد؛ لكنه لم يحزن سوى لسقوطه في مادة “الألعاب” وهو أمر يثير الضحك؛ لكنه ضحك كالبكاء!