بهذه الكلمات علّق بيرني ساندرز العضو المستقل في مجلس الشيوخ الأميركي، على خطاب مجرم الحرب بنيامين نتنياهو، أمام الكونجرس الأمريكي أمس.. وأضاف ساندرز “أن كل المنظمات الإنسانية تؤكد أن عشرات آلاف من الأطفال يواجهون المجاعة، لأن حكومة نتنياهو تمنع المساعدات”.
وفي سخرية واضحة أشار ساندرز إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي جاء إلى الكونجرس لتدشين حملته الانتخابية، بعد أن أيقن أنه مرفوض من جانب مواطنيه.
على نحو يدعو إلى التساؤل والحيرة.. احتشد خطاب نتنياهو أمام الكونجرس بالأكاذيب الفجّة التي تكشف عن مدى سوء موقف هذا الشخص الذي صار محاصرا من كل جانب، فهو ملاحق بقضايا فساد، كما أنه متهم بالتخاذل في عملية تحرير الأسرى، بالإضافة إلى الاستمرار في الحرب على قطاع غزة، والتي دخلت شهرها العاشر.. رغم الخسائر غير المسبوقة ميدانيا وداخليا.. ما جعل الاستمرار في الحرب يمثل خطرا مباشرا على بقاء دولة الكيان الغاصب، مع تنامي الهجرات العكسية.. وتأزم الوضع الداخلي بسبب الهجرة الداخلية من مستوطنات غلاف غزة، ومستوطنات الشمال بعد دخول حزب الله على خط المواجهة مجددا، واستهدافه لأكثر من موقع حيوي، بعد نشر مقاطع مصوّرة بدقة لعدد من المواقع العسكرية والاستراتيجية.. ما جعل الصهاينة يراجعون موقفهم بشأن شن حرب على لبنان.
وعودة إلى خطاب الأكاذيب البائسة الذي روّج لتصورات نتنياهو وأمانيه عن عالم ما بعد الحرب الذي يحلم فيه بـ “غزة منزوعة السلاح” ولم ينس نتنياهو المطالبة بمزيد من الأسلحة لحسم الأمر؛ باعتبار أن حربه على “حماس” هي حرب بالوكالة؛ يخضوها لحساب أمريكا فـ “أعداؤنا هم أعداؤكم” على حد قوله لأعضاء الكونجرس الأمريكي.
مجرم الحرب الذي رحّبت أكثر من دولة بملاحقته قضائيا، والقبض عليه إذا دخل أراضيها، وعلى رأسها النرويج- أشار في خطابه إلى “شركائه الإقليميين” الذي سيسعون معه بعد تحقيق الانتصار إلى مستقبل من الأمن والازدهار والسلام في غزة “خالية من المتطرفين” على حد زعمه، وبالطبع فإن أصابع الاتهام تشير لأكثر من دولة “عربية” للأسف.. ساندت الكيان الغاصب في حربه الإجرامية على القطاع، بتوفير احتياجات الدولة العبرية بمرور الشاحنات عبر أراضيها بعد أن تعذّر مرور السفن إلى ميناء إيلات -أعلن إفلاسه مؤخرا- بسبب هجمات القوات البحرية اليمنية على السفن المتجهة من وإلى الميناء.
لم ينس نتنياهو أن ينحو باللائمة على حماس في اندلاع هذه الحرب؛ مدعيا أنها ذبحت 1200 صهيونيا، يوم السابع من أكتوبر الماضي.. بالرغم من أن هذا الزعم فُنِّد من أكثر من جهة تحقيق دولية، أقرت أن الهجوم استهدف وحدات عسكرية، وأن القتلى الذين سقطوا، أردتهم نيران القصف الصهيوني للمنطقة بعد انسحاب عناصر حماس.. ويبدو أن نتنياهو يراهن على الذاكرة الضعيفة للأمريكيين أو عدم اهتمامهم بنقد هذه الترهات انطلاقا من أن المجتمعات الاستيطانية لا تقوم إلا على الأكاذيب، وإبادة أصحاب الأرض، كما فعلوا هم أنفسهم مع الهنود الحمر.
وأضاف نتنياهو قائلا: “أقدّر بشدة دعم الولايات المتحدة، بما في ذلك في الحرب الحالية. لكن هذه لحظة استثنائية. تسريع المساعدات العسكرية الأميركية يمكن أن يسرع بشكل كبير إنهاء الحرب في غزة وأن يساعد في منع اندلاع حرب أوسع نطاقا في الشرق الأوسط”.
وبعد شكره لبايدن على جهوده الدءوبة لتحرير الرهائن، لم ينس نتنياهو الزج باسم إيران في خطابه “اللزج” زاعما أن الجمهورية الإسلامية هي التي تموّل المظاهرات؛ وشدد على أن ما وصفه بـ”محور الإرهاب” بقيادة إيران يهدد إسرائيل والولايات المتحدة والعالم العربي، على حد قوله.
وقال نتنياهو: “عالمنا يشهد اضطرابات في الشرق الأوسط، ويواجه محور الإرهاب بقيادة إيران.. أميركا وإسرائيل و”أصدقاؤنا العرب”! وأضاف: “هذا ليس صراع حضارات. إنه صراع بين الهمجية والحضارة”.
يكشف الخطاب في مجمله عن مأزق الرجل الذي انتهي مستقبله السياسي، وفي الغالب أن مصيره سيكون السجن، مثل سابقه أولمرت، كما يكشف عن فشل خطط الولايات المتحدة بشأن مستقبل الشرق الأوسط، في ظل متغيرات عديدة أنتجها واقع ما بعد السابع من أكتوبر.. لن تنال آثاره الكيان المؤقت فقط، بل ستمتد إلى آخرين منهم من أسماهم “أصدقاءه العرب” على حد زعمه!