رؤى

في اجتماعها الاستثنائي الأربعاء.. السياسات النقدية ترفع أسعار الفائدة

في اجتماعها الاستثنائي أول من أمس، قررت لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي- رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع600 نقطة أساس ليصل إلى 27.25% و 28.25% و 27.75 %، على الترتيب. كما رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.75%.

جاء ذلك في إطار سياسة التقييد النقدي التي يتبعها البنك المركزي المصري من أجل تعجيل وصول التضخم إلى مساره النزولي، وضمان انخفاض المعدلات الشهرية للتضخم.. كما أكدت على أهمية السيطرة على التوقعات التضخمية، وما تقتضيه السياسة التقييدية من رفعٍ لأسعار العائد الأساسية للوصول بمعدلات العائد الحقيقية لمستويات موجبة. حسب البيان الصحفي الذي أصدرته اللجنة عقب اجتماعها الاستثنائي.

كانت الأيام العشرة الماضية قد حفلت بالعديد من الأحداث والمتغيرات الاقتصادية الهامة، نقلت مصر من ذروة الأزمة إلى وضعٍ أكثر من جيد حسب بعض الآراء؛ بعد الحصول على أكثر من 40 مليار دولار  في شكل استثمارات وقروض من الإمارات العربية المتحدة وصندوق النقد الدولي؛ وقد ترتب على ذلك.. القرارات السابق ذكرها، والسماح لسعر صرف الجنيه المصري بالهبوط رسميا- لأول مرة منذ أكثر من 14 شهرا- ليصل إلى حوالي 50 جنيها للدولار الواحد.

وقد بلغ حجم معاملات سوق ما بين البنوك في مصر (الإنتربنك) لشراء وبيع الدولار، أمس الخميس نحوا من 784 مليون دولار، ليصل إجمالي حجم معاملات يومي الأربعاء والخميس، نحوا من 1.9 مليار دولار.

توالت بعد ذلك الآثار والتوابع داخليا وخارجيا.. إذ عدّلت وكالة موديز ريتنغز للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية لتصنيف ديون الحكومة المصرية من سلبية إلى إيجابية، كما أكدت تصنيف إصدارات البلاد بالعملات الأجنبية والمحلية على المدى الطويل عند Caa1. وفق تقرير الوكالة الصادر مساء أمس الخميس، والذي تضمّن أيضا “أن الإجراءات الملحوظة التي اُتخذت الأسبوع الماضي؛ ستدعم إعادة التوازن للاقتصاد الكلي حال استمرارها”. ما يضمن تغطية فجوة التمويل الخارجي التي قدرتها الوكالة بـ15 مليار دولار حتى السنة المالية المنتهية في يونيو 2026.

كما عادت مؤسسات مالية أجنبية للاستثمار في أدوات الدين الحكومية المصرية من جديد أمس الخميس، على رأسها “غولدمان ساكس”، و”سيتي بنك”، و”مورغان ستانلي”.. وقد باع البنك المركزي المصري نيابة عن وزارة المالية، أمس أذون خزانة لأجل سنة بقيمة 87.8 مليار جنيه (1.78 مليار دولار) في عطاء بمتوسط عائد بلغ 32.303%.

كان صندوق النقد الدولي قد وافق أول من أمس، على زيادة قيمة برنامج التمويل الممنوح للبلاد من ثلاثة مليارات دولار، إلى ثمانية مليارات دولار. كما توصّل المسئولون المصريون إلى اتفاق مع خبراء الصندوق بشأن المراجعتين الأولى والثانية، بموجب اتفاق الصندوق الممدد.

بهذا الاتفاق يحق لمصر التقدم بطلب إلى صندوق المرونة والاستدامة التابع لصندوق النقد الدولي، للحصول على قرض بنحو 1.2 مليار دولار، ليصل إجمالي القرض المقدم من الصندوق عقب التوقيع إلى 9.2 مليار دولار، كما ستنال مصر العديد من القروض الميسرة الأخرى من بقية الشركاء الدوليين ضمن إطار برنامج متكامل، يُمكّن الدولة من الاستقرار النقدي.. حسب تصريحات أدلى بها رئيس الوزراء المصري عقب التوقيع.

كانت مناقشات مُطوّلة قد جرت بين مسئولي الصندوق والطرف المصري، قبل الاتفاق أكدت على تمسك الصندوق باتخاذ اجراءات حاسمة، للتحرك نحو نظام سعر صرف مرن وموثوق، ومواصلة تشديد السياسة النقدية لخفض التضخم، وضبط أوضاع المالية العامة للحفاظ على القدرة على تحمل الديون، وإطار جديد لإبطاء الإنفاق على البنية التحتية -بما في ذلك المشاريع التي عملت حتى الآن خارج رقابة الميزانية العادية- وموافقة الحكومة أيضا على ضرورة توفير مستويات كافية من الإنفاق الاجتماعي لحماية الفئات الضعيفة، وإطلاق العنان لنمو القطاع الخاص تحقيقا لمبدأ تكافؤ الفرص.. بالإضافة إلى السير قُدما في برنامج الطروحات الحكومية.

من المعروف أن الدين الخارجي لمصر قد سجّل بنهاية العام المالي الماضي، نحوا من 164.7 مليار دولار، ووفق بيانات سابقة للبنك المركزي المصري، فإنه سيتعين على مصر سداد نحو 32.8 مليار دولار والتي تعادل نحو 20% من إجمالي الديون الخارجية للبلاد، ديون متوسطة وطويلة الأجل – خلال العام الحالي.

فهل الخلاص من الوضع المتأزم للاقتصاد المصري لا سبيل له سوى مزيد من الاستدانة؟ أم أن هناك سبل أخرى من شأنها حلحلة الأزمة المتفاقمة وحلها على نحوٍ جذري باعتماد رؤى اقتصادية مغايرة؟ سؤال مشروع ربما تغيب إجابته النموذجية عن الكثيرين!

ماهر الشيال

باحث وكاتب ومحرر مصري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock