العديد من المؤشرات وتصريحات المسئولين المصريين يمكن تفسيرها؛ بأن ثمة انفراجة من الممكن أن يشهدها الاقتصاد المصري خلال العام الجاري.. بعد أن دخلت الأزمة الاقتصادية عامها الثالث، وتفاقمها على نحوٍ بالغ خلال عامي 2023،2024 بفعل العديد من التداعيات التي بدأت بجائحة كوفيد19 التي أثرت على عائدات السياحة المصرية، ثم الحرب الروسية الأوكرانية التي رفعت أسعار الغذاء والطاقة عالميا، ما زاد من الضغوط التضخمية على مصر.
ارتفاع الدين الداخلي إلى معدّلات غير مسبوقة، جعل الاقتصاد المصري أكثر تأثرا بالصدمات الخارجية. كما كان خروج أكثر من 20 مليار دولار من الأموال الساخنة عقب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية- سببا مباشرا في نقص العملة الأجنبية الذي واجهته مصر، وكان ذا تأثير كبير على إمكانات مصر؛ وفاءً باحتياجاتها من السلع الأساسية المستوردة.
وكانت الحرب الإجرامية على قطاع غزة، وإسناد جماعة أنصار الله اليمنية للمقاومة الفلسطينية، بضرب السفن التابعة للكيان الصهيوني وحلفائه في البحر الأحمر سببا مباشرا في تراجع عائدات قناة السويس حيث بلغت الخسائر -وفق تصريح رئاسي- نحوا من 7 مليارات دولار خلال عام 2024، لتتراجع العائدات بأكثر من 60% مقارنة بعام 2023.
على مدى الأعوام الثلاثة الماضية انخفضت قيمة الجنيه المصري، على نحوٍ متسارع أمام الدولار الأمريكي، الذي تجاوز سعره حاجز الخمسين جنيها، بعد أن كان يساوي 15 جنيها في بداية الأزمة؛ ما أدى إلى ارتفاع تكلفة الاستيراد وارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات قياسية، حيث وصلت نسبته في يوليو 2023، إلى 36.8%.
جرّاء ذلك تراجع التصنيف الائتماني لمصر؛ ما زاد من تكلفة الاقتراض؛ ليصل الدين الخارجي إلى نحو 155.204 مليار دولار بنهاية الربع الأول من العام المالي 2024-2025، كما تفاقم العجز في الميزان التجاري.
بدأت المؤشرات الإيجابية بتراجع معدل التضخم -على نحو طفيف- خلال يناير المنقضي، ليصل إلى 24% حسب بيان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الصادر اليوم، في “مقابل 24.1% في ديسمبر. وسجلت أسعار الغذاء والمشروبات، وهي أكبر مؤثر على مستوى التضخم، ارتفاعا بنسبة 20.8% على أساس سنوي الشهر الماضي، مقارنةً بـ20.3% في ديسمبر”.
وبرغم التراجع الحاد في أسعار الخضراوات، حيث شهدت أسعار الطماطم تراجعا بنسبة تزيد عن 85%، إذ سجل سعرها حاليا 3.5 جنيه مقابل 25 جنيها في الربع الأخير من العام الماضي، وكذلك البطاطس بنسبة 60%، والخيار بنسبة 25%، والكوسا بنسبة 50%؛ إلا أنّ التوقعات تشير إلى ارتفاع أسعار الغذاء، مع اقتراب شهر رمضان المعظّم، حيث ترتفع معدلات استهلاك الغذاء على نحو ملحوظ؛ ما جعل “غولدمان ساكس” يرفع “توقعاته الأسبوع الماضي لمعدل التضخم السنوي بنهاية العام إلى 13.4% بدلا من 10.5%، كما توقع أن تكون وتيرة التضخم أبطأ خلال العامين المقبلين”.
و”تراجع عجز الميزان التجاري “غير النفطي” لمصر بحوالي 4.6% على أساس سنوي خلال العام الماضي، إلى 37.3 مليار دولار بدعم واضح من زيادة الصادرات، التي ارتفعت بنسبة 14.5% على أساس سنوي إلى 40.9 مليار دولار، ما ساهم في تراجع العجز للعام الثالث على التوالي ليصل إلى 37.3 مليار دولار بنهاية العام، مقارنة بـ 39.1 مليار دولار في 2023، بينما بلغ العجز في 2022 نحو 48.4 مليار دولار، و49.5 مليار دولار في 2021″.
كان رئيس الوزراء المصري قد “تعهّد بإطلاق حزمة اجتماعية جديدة واستثنائية لدعم المواطنين الذين يعانون من ارتفاع الأسعار، قبل بداية شهر رمضان”.
ومن المتوقع أن يخفّض البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس هذا الشهر، مع استمرار التيسير النقدي ليصل سعر الفائدة إلى 16% بحلول نهاية العام.
ورفعت مصر -أمس الأحد- الحد الأدنى للأجر في القطاع الخاص إلى 7 آلاف جنيه اعتبارا من الأول من مارس المقبل، في خطوة وصفها البعض بـ “ضعيفة الأثر” لعدم التزام معظم القطاع الخاص بالزيادة السابقة التي تقررت في مايو الماضي، برفع الحد الأدنى للأجور إلى 6آلاف جنيه.
فهل تنجح الحكومة في رفع الأعباء “الثقيلة” أو بعضها عن كاهل المصريين، مع قدوم الشهر الكريم، أم ستستمر المعاناة جرّاء تداعيات الأزمة، وآثارها الممتدة.. إلى ما شاء الله؟