القاهرة – “أصوات أونلاين”
حذر خبراء اقتصاد من مخاطر معاناة سوق العقار في مصر من “فقاعة عقارية” إذا لم يتم ضبط الخلل الحالي في العرض والطلب نتيجة الزيادة الكبيرة في المعروض من الوحدات مع تراجع القدرة الشرائية وتباطؤ حركة البيع في السوق الثانوية، واقتصارها على السوق الأولية كما هو الحال في الوقت الراهن.
واستعرض الخبراء المشاركون في ندوة دعا لها المركز المصري للدراسات الاقتصادية اليوم الثلاثاء بعنوان: هل تدخل مصر في فقاعة عقارية تهدد الاقتصاد؟ وضع السوق العقارية ومصادر القلق لدى المتعاملين في هذا القطاع، بحضور ممثلين للشركات العقارية والقطاع البنكي والحكومي.
وعرض المركز دراسة تناولت مفهوم الفقاعة التي تنشا غالبا عن ارتفاع أسعار العقارات بأكبر من قيمتها الحقيقية في السوق بشكل مستمر، وتعثر المتعاملين مما يؤدي إلى انكماش حاد وصولا لمرحلة تؤثر سلبا على القطاع والاقتصاد ككل، واستعرضت الدراسة عددا من التجارب العالمية في هذا المجال، مثل أمريكا واليابان وإسبانيا، لافتة إلى أن ما يحمي الاقتصاد المصري حاليا من هذا الخطر أن النظام المالي في مصر يعتمد على النقد وليس على الائتمان، ولا يوجد سوق للأسهم العقارية، إلا أنها حذرت في الوقت نفسه من أن الصين التي كانت في وضع شبيه بالسوق المصرية سبق أن عانت من أزمة مماثلة، وهو ما ينبغي اتخاذ الخطوات الكفيلة بعدم تكراره في مصر.
وقالت الدكتورة عبلة عبد اللطيف، المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز، خلال الندوة، إن مظاهر الأزمة تتمثل في محاولات المطورين العقاريين تسهيل إجراءات البيع بشكل مبالغ فيه، وهناك حرص واضح من البنوك على التعامل مع إقراض القطاع العقاري، فيما اتجهت الشركات لتقليل حجم ومساحات الوحدات السكنية لتسهيل عمليات البيع.
وحذرت الدراسة من دخول القطاع العقاري في مصر في أزمة مشابهة لما حدث في الصين، اعتبارا من عام 2008 عندما تصورت الحكومة الصينية أن أفضل الطرق لزيادة الطلب المحلى وخلق الوظائف هو إعادة إحياء سوق الإسكان الحضري وضخت الدولة 4 تريليون يوان بعد الأزمة، مما زاد من المعروض النقدي في السوق الصيني وارتفعت أسعار العقارات بصورة كبيرة، ونتيجة ضعف جاذبية الصادرات توجه المستثمرون بعيدا عن الصناعة، ونظرا لزيادة الطلب في القطاع العقاري ارتفعت الأسعار بشكل مبالغ فيه سواء بالنسبة للعقارات السكنية أو الإدارية، ما خلق ما يسمى بـ”مدن الأشباح”، حيث لا تزيد نسبة الإشغال في أكبر مركز تجاري في العالم وهو New South China Mall عن 2% فقط، وتحتاج مدينة “تيانجن” الصينية إلى 25 عاما من التنمية حتى يتم استخدام الأماكن الشاغرة فيها.
وانتقدت الدراسة دخول الحكومة كلاعب رئيسي في القطاع، مع اتجاه الدولة لعمل وبيع وحدات جاهزة، واعتبرت أن تجربة الدولة في المدن الجديدة غير مشجعة حيث مازالت نسب الإشغال في هذه المدن أقل من المستهدف. وأوضحت الدراسة أن هناك نحو 25%من العقارات المبنية في مصر شاغرة، وأرجعت بداية مشكلة القطاع العقاري في مصر إلى عام 2004 عندما أدى مزاد طرحته هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة إلى ارتفاع كبير في أسعار الأراضي، كما تضخمت أسعار الأراضي التي طرحتها الهيئة في القاهرة الجديدة والسادس من أكتوبر بمزاد عام 2007 بنحو 130%.
وأشارت الدراسة إلى أن الضريبة العقارية سيكون لها تأثير إيجابي على المدى الطويل في الحد من وجود عقارات مغلقة بهدف التربح، ولكن لها في المدى القصير أثرا سلبيا؛ حيث سيزداد المعروض من الوحدات للبيع في السوق الثانوي المتعثر أصلا.
وتخوفت الدراسة من ارتفاع نسبة مساهمة القطاع العقاري في الناتج المحلي الإجمالي إلى 16.2%، وهي نسبة اعتبرتها الدراسة كبيرة، نظرا لارتفاع معدل نمو قطاعي التشييد والبناء والأنشطة العقارية بنسب بلغت 225%، و952%على التوالي خلال السنوات الأخيرة، واعتبرت أن الاعتماد المتزايد على القطاع العقاري في نمو النشاط الاقتصادي أمر يدعو للقلق حال حدثت أزمة في هذا القطاع لأنه يؤثر بالسلب على كل الأنشطة المتعلقة به.
وانتهت الدراسة إلى ضرورة اتخاذ خطوات جادة لإعادة تقدير حجم الطلب ونوعه لتوجيه سياسات الإسكان المستقبلية نحو تلبية هذا الطلب، مع إعادة النظر في منظومة إدارة أراضي الدولة ودراسة إنشاء صندوق لخفض الفائدة على التمويل العقاري وضرورة استكمال وتحديث منظومة السجل العيني وتعزيز دور الأجهزة المعنية بضبط أداء السوق العقارية.