“الدخل الأساسي الشامل كأداة للحماية الاجتماعية” كان عنوانا لمحاضرة استضافتها الجامعة الأمريكية في القاهرة تحدث فيها أستاذ الاقتصاد والفلسفة السياسية في جامعة أوكسفورد د. فيليب فان بارجيس، ضمن سلسلة محاضرات مشروع “حلول” للسياسات البديلة، وهو مشروع بحثي يهدف إلى طرح حلول لمعالجة ما يواجه الاقتصاد من أزمات أو مصاعب جراء تنفيذ سياسات الإصلاح الهيكلي.
ويسعى المشروع إلى تبني أبحاث متعمقة واستشارات موسعة ذات رؤية مستقبلية لدعم مجهودات صناع القرار في تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة عبر رفع كفاءة إدارة الموارد والإصلاح المؤسسي.
استعرض بارجيس في المحاضرة سياسيات إدارة برامج الضمان الاجتماعي التي تهدف إلى ضمان مستوى معيشة مناسب للمواطنين، لافتا إلى أنها تواجه أزمة في كيفية تعريف الحد الأدنى للمعيشة، خاصة في حال اقتصاد غير رسمي متسع، كما هو الحال في أغلب البلدان النامية.
ودعا بارجيس إلى الأخذ بمفهوم الدخل الأساسي الشامل غير المشروط، باعتباره الأنسب للتطبيق في الاقتصادات النامية، مدللا على ذلك بما شهدته سنوات التسعينيات عندما ارتفع النمو ومتوسط دخل الفرد بنسبة الضعفين عما كان عليه في الثمانينات، لكن معدل البطالة ظل مرتفعا.
وحول اختلاف مفهوم الدخل الأساسي غير المشروط عن غيره من برامج الحماية الاجتماعية، قال بارجيس: هناك تجربتان في العالم رائدتان في هذا المجال، البرازيلية والمكسيكية، لكنهما واجهتا أيضا مشاكل في تعريف الفرد المفترض دعمه من قبل الدولة، لكنني أرى أن فكرة الدخل الأساسي غير المشروط قابلة للتحقيق في مصر، خاصة في ظل اقتصاد رسمي يشغل الحيز الأكبر.
وأضاف: ولدت فكرة الدخل الأساسي غير المشروط في رأسي عام 1982، وتصورت أن فرص نجاحها موجودة فقط في الدول الغنية، ولكن لاحقا وجدت أن هناك سبيل لنجاحها في الدول النامية. كانت أوربا، وبلجيكا على الأخص، تعاني في ذلك الوقت من معدلات بطالة مرتفعة، والجميع يتحدث فقط عن ضرورة زيادة معدلات النمو، وكانت فكرتي الأساسية أن هناك بديل أفضل لا يحصر البحث في النمو فقط، وإنما أيضا بحماية الأفراد الذين لا تصلهم ثمار النمو.
وتم خلال المحاضرة أيضا عرض ورقة بحثية حول الموضوع أوضحت أن الدخل الأساسي الشامل يتفادى العيوب التي تعاني منها برامج الرفاهة الموجهة وما يرتبط بها من ارتفاع كلفة التنفيذ، فضلاً عن خلقها لمصيدتي الفقر والبطالة، وما يرافقها من أخطاء الإدراج والاستبعاد.
وأشارت الورقة إلى أن نهج الدخل الأساسي الشامل يعد أحد السياسات الهادفة لمعالجة معدلات الفقر المرتفعة ومظاهر عدم المساواة، خاصة إذا تم تمويل المقترح من خلال ضريبة تصاعدية على الدخل أو رأس المال.
وشرحت الورقة مفهوم الدخل الأساسي الشامل غير المشروط، بأنه تحويل نقدي يُدفع بصورة دورية، غالبًا شهرية، لجميع الأفراد دون أي شروط سواء أكانت مرتبطة بالعمل أو بالسلوك، وكذلك بغض النظر عن دخل الأشخاص المستفيدين”.