فن

«Elite» .. مسلسل ينفذ إلى أسرار وخفايا عالم المراهقين

بعد نجاح المسلسل الشهيرLa Casa De Papel  يطل علينا بعض من أبطاله مرة أخرى في دراما “Netflix” الإسبانية الأحدث “Elite” التي تابعها مؤخرا جمهور الشاشة الصغيرة  في المنطقة العربية.

أحداث المسلسل تدور داخل مدرسة ثانوية مخصصة لأبناء النخبة فقط، إلا أن ثلاثة طلاب من الطبقة العاملة ينجحون في الانضمام إليها بمنح دراسية حصلوا عليها تعويضًا لهم عن انهيار مدرستهم بسبب خطأ من شركة الإنشاءات التي يديرها مالك المدرسة الخاصة. تتعقد الأحداث وتتصاعد الصراعات بين الشخصيات لينتهي الأمر بجريمة قتل غامضة تنهي حياة إحدى الطالبات.

تتنقل الأحداث بين سياقين زمنيين مختلفين، الأول في الحاضر حيث يتم استجواب الطلبة لمعرفة الجاني، ثم تعود الأحداث بالمشاهد إلى الماضي  لمعرفة ما الذي أدى لتلك الجريمة.

لعبة التشويق

على مدار الحلقات يبدو الجميع مشتبه بهم، رغم تنوع الدوافع، إلا أن كل شخصية لها أسبابها في أن تكره ضحية جريمة القتل الفتاة الثرية “مارينا”، ما يزيد من تشوق المشاهدين لمعرفة الجاني، خاصة وأن المسلسل يمتد لثمان حلقات فقط لا تتجاوز الواحدة منهم 60 دقيقة.

يحفل المسلسل بكم هائل من التنويعات في الصراعات والشخصيات وحتى المعتقدات الدينية والميول الجنسية، مسلطا الضوء على الفجوة ما بين الطبقات الاجتماعية داخل نموذج مصغر للمجتمع الإسباني وهو المدرسة، فمن أول لحظة ينبذ الطلبة الأغنياء الطلاب الثلاث الوافدين حديثا على مدرستهم، ويرونهم دخلاء لا يحق لهم أن يتساووا معهم.

يتضاعف ذلك الشعور تجاه “نادية”، وهي واحدة من الطلبة الوافدين الفقراء، خاصة أنها مسلمة من أصول فلسطينية وترتدي الحجاب، وتهددها إدارة المدرسة بالطرد حال استمرارها في ارتداء الحجاب، ما يدخل الفتاة في صراع داخلي مع نفسها والآخرين، فهي تحاول التكيف مع عالمها الجديد دون التنازل عن مبادئها، رغم شخصيتها المسالمة كفتاة مطيعة لوالديها، مجتهدة في دراستها، وترغب دائما في فعل الشيء الصحيح.

هنا ينتقل بنا المسلسل إلى أسرة نادية، ويسلط الضوء على شقيقها “عمر” الشاذ جنسيًا، الأمر الذي لا يمكنه الاعتراف به أمام أسرته المسلمة، ويطوف بنا المسلسل في عالم المراهقين وما قد يحفل به من انحرافات أخلاقية ومشكلات طاحنة تواجه الشباب في تلك المرحلة العمرية الحرجة، مثل المخدرات وحتى الابتزاز.

قوالب نمطية 

بدا المسلسل كمزيج ما بين عدة مسلسلات أشهرها Gossip Girl، 13 Reasons Why، وأعمال أخرى استخدمت التيمة نفسها، ولم يخل العمل من كليشيهات حفظها الجمهور عن ظهر قلب، كنموذج الشاب الغني الذي يبدو قاسيًا ولكنه داخليًا حساس، أو الفتاة الثرية النرجسية فيما تعاني انعدام الثقة بالنفس سرًا.

ولم تخل علاقات المسلسل من القوالب النمطية، مثل حال تلك الفتاة الطيبة التي في حب شاب سيء الأخلاق والعكس، وتلك العلاقات التي تربط بين شباب فقراء وأغنياء رغم تفاوت المستوى الاجتماعي، إضافة إلى نمط العلاقات الأثيرة التي تبدأ كخدعة أو مزحة من أحد الأطراف ثم سرعان ما يتحول الأمر إلى قصة حب حقيقية.

لغز الجاني

رغم استخدام الخيوط الدرامية المعتادة في تلك النوعية من المسلسلات، إلا أن صياغتها كانت ذكية ومشوقة في الوقت نفسه، ما نجح في جذب قطاع واسع من الجمهور لمتابعة تطورات أحداث الجريمة والتحقيقات التي اكتنفها الغموض حول هوية الجاني، ما يجبر المشاهد على الاستمرار لحل اللغز في النهاية.

استهدف المسلسل بشكل رئيسي فئة المراهقين، ونجح في عمل توليفة مركزة من الإثارة لجذب انتباههم، من خلال طرح موضوعات شائكة سواء جنسية أو اجتماعية أو أخلاقية، كما وفر تنوع خلفيات الشخصيات العائلية والاجتماعية وحتى الدينية نماذج لابد وأن يجد المراهق نفسه في واحدٍ منها ويتعاطف معها.

قصر مدة الحلقات وقلة عددها وفر الفرصة لدفعة مركزة من الأحداث المتسارعة دون الوقوع في ملل تطويل أكثر من اللازم، إلا أن المسلسل احتوى جرعات عالية من المشاهد الجنسية بدت مقززة للكثيرين في عدة مواضع، وهو سلاح ذو حدين حيث يجذب قطاعات واسعة من الجمهور فيما ينفر قطاعات أخرى، خاصة حال اقحام تلك المشاهد دون مبرر درامي مقبول.

قالب شيق

ورغم أن المسلسل بشكل عام لا يبدو مبهرًا أو استثنائيًا، إلا أنه نجح في جذب جمهور واسع بطابعه الشبابي اللافت والمثير للمتابعة، خاصة مع فريق عمل يضم أبطال مألوفين للمشاهد عبر أعمال سابقة ناجحة، فضلًا عن محاولته عرض مشاكل اجتماعية حساسة في قالب شيق.

ونظرًا لما حققه المسلسل من معدلات مشاهدة عالية، يتجه منتجوه لاستثمار نجاحه في إنتاج جزء ثان منه، ولكن من غير المرجح أن يصمد المسلسل للاستمرار لأكثر من موسمين، وإن كانت الدراما الإسبانية عامة قد نجحت في ترسيخ أقدامها لتحتل موقعًا متميزًا في السوق حول العالم الآن أكثر من أي وقت مضى، ما ينبئ أن تشهد الساحة الفنية المزيد والمزيد منها في الفترة المقبلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock