إن أهم ما تكشفه السنوات العشر بين عامي 2010 و2020 هي أنها أكدت عمق التفكير الاستراتيجي والقدرة على إدارة الأزمات لدى جماعات الإرهاب، وخاصة في حالة «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروف إعلاميا بـ «داعش» وسلفه «القاعدة في بلاد الرافدين».
وقد يفاجأ القارئ حين يعرف ما نفذته وفعلته «القاعدة» في العراق طوال العقد الذي يشرف على الانتهاء، وعودتها واستعادتها دولتها التي سقطت عام 2007، على يد ما يُعرف بمجالس الصحوات، ثم انتقالها للخلافة ومرحلتها التالية واستثمارها الجيد في الظروف العراقية وتوظيف سياسات التمييز الطائفي التي مارسها النظام العراقي بقيادة نوري المالكي ضد المحافظات السنية. ثم أحسنت توظيف الظروف الإقليمية التي غيّرت شكل المنطقة مع ثورات وانتفاضات عام 2011، وخاصة في سوريا التي تمددت إليها بحجة نصرة شعبها وأغلبيته السنية، وتسمى فرعها فيها في البداية باسم «جبهة النصرة» في مواجهة الميليشيات الطائفية التي تم استجلابها لقمع الحراك المدني الذي اندلع في درعا في مارس سنة 2011، وتم توظيفه من قبل نظام بشار الأسد، فأنتجت طائفية ونصرة مضادة.
ورغم تفلّت الوكيل- النصرة- من بيعته إلا أن تنظيم الدولة «داعش» أحسن تجاوز أزمته، وحولّها لفائدته وصنع استقلاليته الكاملة عن القيادة المركزية للقاعدة بقيادة أيمن الظواهري، الذي انضم للجولاني في مواجهة البغدادي، ولم يحفل بالأخير. فما كان من الأخير ومن التنظيم إلا أن تجاوزه وحاصره وتصدر المشهد الجهادي العالمي طوال نصف العقد الماضي.
إرهاب لا يموت فجأة
تمّيز أبو مصعب الزرقاوي (زعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين) عن القاعدة الأم بأمرين أساسيين في تصوره العام، أولهما تركيزه على مقولة الدولة، وسعيه المستمر لها منذ هروبه للعراق عبر باكستان وإيران سنة 2003 ونجاحه في تجميع فلول وجماعات المجاهدين وسيطرته عليها، ثم توحيدها جميعا تحت رايته. كما تميز بأمر آخر هو وحشيته وتوحشه ضد مخالفيه، وكان الذبح سنته التي ورثها الدواعش بعده، فضلا عن نزوعه في مسألة التكفير والقتل على الطائفة واللون.
كانت خلافاته تلك واضحة مع زعيم القاعدة حينها أسامة بن لادن، الذي ثبت انتقاده له، ونصحه سرا في عدد من الرسائل كما كشفت الوثائق التي عثر عليها في موقع مقتل بن لادن في مدينة آبوت آباد في باكستان. كما كانت بينه وبين كل من الظواهري وأبي محمد المقدسي في أكتوبر سنة 2005 سجالات كثيرة حول بعض هذه المواضيع.
وقد حافظ خلفاؤه على هذه التوجهات فيما بعد، حيث استمر صعودهم حتى عام 2007 سريعا ومدويا، ثم خفت الوهج في المرحلة الأولى بدءا من عام 2010، قبل أن يخططوا للعودة واستعادة دولتهم ونجحوا في ذلك، فكانت «داعش» التي تحولت من دولة إلى خلافة.
الاستراتيجية التي أنتجت داعش
تنظيم داعش هو «القاعدة» في العراق بعد توسعها وضمها الشام فترة من الوقت، وقد وصلت سيطرته في سوريا عام 2014 و 2015 إلى ما يصل إلى 70% من مساحة سوريا. وفي سنوات قليلة كانت هناك 25 ولاية تتبع داعش، في مختلف أنحاء العالم، وضمت في صفوفها عشرات الكوادر العسكرية والفنية من مختلف أنحاء العالم، بعضها كانوا جنرالات سابقين في جيوش، وبعضهم كان يعمل في الناتو، وغيرهم من الكوادر الدبلوماسية في بلاده مثل السفير الياباني الأسبق في القاهرة في ثمانينيات القرن الماضي حسن كونكاتا وغيرهم.
في عام 2007 وطوال عام 2008 توقع البعض أن القاعدة في العراق- أصل داعش- قد انتهت وقضي عليها بالفعل، وكذلك تجدد هذا التوقع عام 2010 بعد مقتل قائدها أبي عمر البغدادي ووزير حربها أبي حمزة المهاجر في عملية واحدة في مطلع هذا العقد. كما توقع البعض النهاية حتى كان ظهور أبي بكر البغدادي «الخليفة فيما بعد» وأبي محمد العدناني المتحدث الرسمي باسم داعش (قتل في 30 أغسطس سنة 2016).
لكن على عكس هذا التوقع كان صعودها المدوي الذي لم يهدأ إلا مع تكرار سيناريو عملية 2010 ـ فكما قُتل زعيم القاعدة ووزير حربها في عملية واحدة، قتُل أبو بكر البغدادي مع وزير حربه في 26 أكتوبر الماضي سنة 2019.
والسؤال هنا.. هل يُستبعد أن تعود داعش من جديد خاصة مع استمرار الأزمات الطائفية والتدخلات الإيرانية السافرة في العراق، التي تمثل المهد المتجدد لها؟
وثيقة الإحياء
سنحاول فيما يلي طرح نموذج معبر ثبتت نجاعته في استراتيجية إعادة انتاج داعش نفسها، في بداية العقد، وهو الأمر الذي يظل محتملا أيضا في نهايته، رغم اختلاف بعض سياقاتها للواقع الآن. والمقصود بهذا النموذج هو تلك الوثيقة التي صدرت عما يسمى (قسم الدراسات التاريخية والتوصيات الاستراتيجية) في دولة العراق الإسلامية، في أوائل يناير عام 2010 الموافق محرم سنة 1431 هجريا، والتي نرى أن داعش أو تنظيم الدولة قد نجح في تحقيق ما جاء فيها بشكل كبير في يونيو سنة 2014، واستمر كذلك في تحقيقها حتى انهياره الكبير بمقتل البغدادي.
جاءت هذه الوثيقة تحت عنوان «خطة استراتيجية لتعزيز الموقف السياسي لدولة العراق الإسلامية» في خمس وخمسين صفحة، ورغم أن الناشر وعنوان الوثيقة يحملان دلالة وجود ما يسمى دولة العراق الإسلامية، إلا أن محتويات الوثيقة، في أكثر من موضع، أكدت في حينها على الاعتراف بسقوط هذه الدولة، وكشفت عن قدرة عالية على النقد الذاتي لتنظيمها، حيث أقر التنظيم بالعديد من الأخطاء والأزمات، ومنها أزمة الرموز وتراتبية الأعداء. وقد استفاد داعش مما جاء بهذه الوثيقة، في عودته الصحوية الأخيرة بعد سيطرته على المحافظات السنية الست في العراق، وعلى أجزاء كبيرة من سوريا، ثم إعلانه خلافته.
وجد تنظيم «القاعدة» في العراق في سياسات نوري المالكي منذ عام 2008 واستهدافه لمجالس «الصحوات» السنية العشائرية، التي لعبت دورا في إسقاط التنظيم، فرصة جيدة للعودة، خاصة مع تزايد مظلوميات السنة من تلك السياسات لرئيس وزراء استمر نجاحه وحكمه بخطاب طائفي، بلغ أوجه في معارك فض اعتصام الأنبار السلمي وقتل عدد من شيوخ العشائر واعتقال عدد من ممثليهم في عام 2013، وهو عام ظهور تنظيم الدولة من جديد.
فقد لعبت الصحوات دورا حاسما في محاربة الإرهاب وتنظيم «القاعدة»، ومن ثم وجدت القاعدة في العراق في استهداف هذه المجالس، التي كانت ولا زالت تصفها بمجالس الردة، فرصة لسرعة إنفاذ خططها الجديدة والعودة للساحة بقوة.
وكانت القاعدة قد دخلت في حالة سكون نتيجة ضربات الصحوات لها، إلى أن تصاعدت مظلوميات السنة في العراق وسوريا، فخرجت من بينهم وفي حواضنهم، وبحجة نصرتهم، ثم استهدفتهم، وهذا أيضا كان جزءا من خطوطها العريضة في هذه الوثيقة، حيث أكدت على التركيز على العمليات النوعية دون الكميّة، وتحديد أولويّات أعدائها المستهدفين، وتعزيز الحضور الإعلامي الجديد بعد خفوت في فترة صعود «الصحوات».
وقد كانت العودة القوية للتنظيم عبر عدد من العمليات الانتحارية النوعية التي شهدها العراق، عقب صدور الوثيقة بقليل. ومن بين هذه العمليات ضرب مناطق الصحوات في قرية الصوفية في الرابع من أبريل 2010، وضرب السفارات المصرية والإيرانية والسورية في اليوم التالي. لم تعترف «القاعدة» بقيامها بالعملية الأولى وإن حملت بصمتها وبصمة استراتيجتها الجديدة، بينما اعترفت بالعملية الثانية.
كان الرهان الرئيسي لتنظيم القاعدة في العراق يقوم على التراجع الأمني الملحوظ، منذ منتصف عام 2009، والذي نتج عن تغيير الخطة الأمنية التي اعتمدها قائد القيادة الأمريكية الوسطى، الجنرال ديفيد بتريوس، في الاعتماد على الصحوات لمواجهة التنظيم، وذلك منذ تأسيسها في يوليو سنة 2006، بقيادة الشيخ عبد الستار أبوريشة، رئيس مجلس صحوة الأنبار، والذي تم اغتياله في 13 سبتمبر سنة 2007. وقد نجحت قوات الصحوات منذ منتصف عام 2008 في طرد عناصر القاعدة من كامل مناطق سيطرتها، وإسقاط دولتها، وهو ما تعترف به القاعدة في هذه الوثيقة، لأول مرة.
ولذلك فإن استهداف «الصحوات» من قبل الأجهزة الأمنية العراقية، منح القاعدة الفرصة كاملة لاستعادة قوتها ونفوذها على هذه المناطق، وهو ما يمكن أن يكون ميسورا متى تحقق مطلب رئيسي واستراتيجي تلح عليه هذه الوثيقة، وخاصة في فصلها الأول، وهو «توحيد الجهود الجهادية».
هيكل الاستراتيجية الجديدة
حددت هذه الوثيقة الاستراتيجية حينها، خطط «القاعدة في العراق»، وأولوياتها الجديدة، والخطوط العريضة الممكنة لاستعادة «دولة العراق الإسلامية» أو تحقيق مشروعها «الجهادي» الذي تشترك فيه مع مختلف الفصائل «الجهادية» المسلحة الأخرى في العراق، والرافضة للعملية السياسية وبخاصة الجيش الإسلامي وجيش أنصار السنة، وغيرهما. كما تضمنت الوثيقة استراتيجية عسكرية جديدة حينها، ومعاملة مختلفة للأقليات الدينية وشيوخ العشائر، بهدف استقطاب تأييدهم، وجذب قواعد اجتماعية مؤيدة لمحاولات القاعدة لاستعادة دولتها.
جاء الفصل الأول من الوثيقة معبرا عن الاعتراف بالأخطاء والنقد الذاتي، حيث عرض الأزمة البنيوية المتمثلة في تشرذم القوى الجهادية، تحت عنوان «السعى الجاد لتوحيد الجهود» وفيه تدعو القاعدة القوى الجهادية المختلفة للتوحد تحت راية دولة العراق الإسلامية. بينما كان الفصل الثاني بعنوان «التخطيط العسكري المتوازن» ويمثل طرحا لاستراتيجية عسكرية جديدة تختصرها الوثيقة في التأكيد على ضرورة استهداف الصحوات قبل غيرها، حسب نصها، كما تدعو للتركيز على العمليات النوعية دون الحرب الموسعة ضد القوات الأمريكية.
وجاء الفصل الثالث تحت عنوان «مجالس الصحوة الجهادية»، وفيه تدعو القاعدة لاستقطاب وإقناع شيوخ العشائر وأفرادها من المناصرين للدولة، والناقمين على قيادات الصحوات، من أجل إقامة قوات للصحوة الجهادية، بديلا عن الصحوات التي تصفها الوثيقة بالمرتدة، في مناطقها. بينما كان الفصل الرابع والذي جاء بعنوان «العناية بالرمز السياسي» معبرا عن أزمة الرمز في صفوف القاعدة في العراق بعد مقتل الزرقاوي، الذي كان مجمعا عليه بدرجة أكبر من خلفائه، وهو ما أكد ضرورة إبراز رموز جديدة من داخل التنظيم أو من التنظيمات المرتبطة به.
وجاء الفصل الخامس والأخير تحت عنوان «طمأنة المخالفين» وفيه تدعو الوثيقة- الاستراتيجية الجديدة- إلى ضرورة طمأنة الأقليات الدينية، وتشير بها إلى المسيحيين، (الذين دفعوا للدولة في عهدها السابق الجزية وهم راضون، مستدلة بموقف النبي من اليهود في صحيفة المدينة)، لكن نظن أن داعش خالفت هذا الذي دعت إليها في مواقفها من مسيحيي الموصل وكذلك من الأيزيديين حيث أمنتهم ثم حاصرتهم وخيرتهم بين الإسلام أوالرحيل من أراضيهم.
ولكن لم تشر الوثيقة في هذا الفصل للموقف من الشيعة مطلقا مما يعني بقاء الموقف الزرقاوي السابق في استهداف الطائفة تكفيرا وتخوينا لكل أعضائها، واعتبارهم جميعا متحالفين مع الأعداء يجب قتالهم وقتلهم دون تمييز، وهو ما استمر جليا في استراتيجية القاعدة في العراق والانضمام الرسمي لتنظيم القاعدة سنة 2004، ثم دولة العراق الإسلامية التي ظهرت آواخر العام 2005، واتخاذها الرمادي عاصمة لها في أكتوبر سنة 2006.
خطة إعلامية مختلفة
رأت الوثيقة الاستراتيجية الجديدة حينها أن أهم أوجه الحرب الإعلامية الأمريكية ضدها هو «تجاهل وجود دولة حقيقية» للقاعدة هناك، ووصفها بأنها «إنترنتية و أنها مجرد كيلو بايتات على الشبكة العنكبوتية مرتهنٌ وجودها بالكهرباء» ( ص 3، 4)
ورغم أن القاعدة في العراق- في هذه الوثيقة- اعترفت بسقوط دولة العراق الإسلامية، لكنها تتيقن الأمل في استعادتها مع انحسار الصحوات، حين تقول «إن الدولة كما سقطت بعد أن كانت قائمة على أصولها في كثير من المناطق، فإنها ستعود» وتستدل بتناقص عدد الصحوات، التي تقدرهم الوثيقة بحوالي 100 ألف «مرتد صحوي» (الوثيقة ص 5)، وتراها في تناقص كبير، وتدعو في هذا السياق لاستراتيجية إعلامية جديدة يلتزمها التنظيم في تنفيذ عملياته وفي خطابه تلح على كسب العوام واستهداف الرموز السياسية الأخرى، وبخاصة الحزب الإسلامي، الذي تشير الوثيقة إلى دور كبير له في تأسيس الصحوات، في شكل قوى جهادية مواجهة للاحتلال، وتذكر أن القاعدة ساعدتهم في البداية انخداعا بأنهم ضد الأمريكان، ولكن كانت المفاجأة اكتشاف أنها قوات لمواجهة القاعدة ذاتها، وتؤكد الوثيقة أن وحدة الجهاديين واستعادة الدولة الساقطة يمثل قاصما لمشروع الحزب الإسلامي السياسي في الاستقلال بالمناطق السنية قبل ظهوره الذي تفترضه أو تخشاه القاعدة في هذه الوثيقة (ص 23) رغم أن الحزب لم يعلن مشروعا رسميا بهذا الخصوص.
وقد كشفت الوثيقة عن واقع القاعدة المأزوم حينها في العراق، وعن الأزمات البنيوية التي تواجهها القاعدة في الساحة العراقية، ويأتي في مقدمتها تشتت القوى الجهادية المسلحة وصعوبة توحيدها، وهو ما ألحت عليه القاعدة كثيرا في الفصل الأول الذي ناقشت فيه حجج الرافضين أو المتحفظين تجاه هذه الوحدة، مثل الجيش الإسلامي الذي يرفض وحدة الفصائل تحت راية فصيل واحد، واتخاذ القرارات بصيغة الإجماع دون الاتباع لتنظيم القاعدة المسيطر على دولة العراق الإسلامية، وهو ما تناقشه الوثيقة تفصيلا، كما تلح على مناقشة بعض الحجج الأخرى لبعض القوى الجهادية، مؤكدة على هدف وحيد وهو أن توحيد الجهود يعجل بقيام المشروع الجهادي بدلا من سرقته من قبل القوى السياسية السنية- وبخاصة الحزب الإسلامي- التي يمكن أن تقيم حكما ذاتيا في مناطق السنة، وتقتل مشروع القاعدة وسائر الفصائل.
ومن الأزمات الإعلامية التي كشفتها الوثيقة أزمة الرمز السياسي في تنظيم القاعدة في العراق، خاصة بعد رحيل أبي مصعب الزرقاوي سنة 2006 وخفوت رمزية أبي عمر البغدادي أو أبي حمزه المهاجر من قيادات القاعدة، وهو ما تعاني منه داعش الآن بعد رحيل خليفتها أبي بكر البغدادي وتولي المجهول أبي محمد القرشي والذي يحتاج استراتيجية ترميز جديدة قد يقوم بها التنظيم قريبا.
أكدت الوثيقة الاستراتيجية حينها عام 2010 أنها بدأت في تسويق نائب رئيس دولة العراق الإسلامية وزعيم تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين أبي حمزه المهاجر عبر نشر تسجيلات صوتية ومصورة له، ونشر أخبار عنه، تحسبا لاعتقال ومقتل زعيم ورئيس دولة العراق الإسلامية الحالي أبي عمر البغدادي، الذي خدمته إشاعة اعتقاله، والقبض عليه، إعلاميا، حيث أخذت تتلهف وتتسابق وسائل الإعلام ووكالات الأنباء على التقاط وتسجيل أخباره، كما تشير الوثيقة.
وتؤكد الوثيقة على هذه الاستراتيجية الإعلامية الجديدة بقولها: «تحتاج إلى كثير من المرونة السياسية وكثير من الذكاء والاستخدام الإعلامي والدعائي الجيد أكثر من أي أمر آخر»، فالقوى السياسية تستطيع من خلال القدرات المادية والتمويلية كسب عواطف الناس وضمها لصفوفهم، أما الصحوات فتظل على المستوى السياسي والمستقبلي أقل قدرة على المأسسة خاصة بعد انحسارها واستهدافها وعدم إمكانية مأسستها في تصور هذه الاستراتيجية الجديدة.
هكذا اتسم التفكير الاستراتيجي والقدرة على النقد الذاتي بالعمق والتحديد والقدرة على تمرينه وتهذيبه وتغيير الممارسات بغية تحقيق الاهداف وحسن استغلال الفرص التي تمثل البعث وعودة الحياة للتنظيم، وربما هكذا تفكر داعش الآن وتخطط، وتنتظر ما ستسفر عنه الأحداث هنا وهناك.