لابد من مقدمة تمهد للحديث عن واحد من أهم ثلاثة مفكرين كبار بدأت على أيديهم الفلسفة الإسلاميّة المبكّرة، في القرن الثاني من التقويم الإسلامي (أوائل القرن التاسع الميلادي) أولهم «الكندي»، وثانيهم «الرازي» وثالثهم «الفارابي»، وهو من نُخصص هذه المقالة للحديث عنه باعتباره واحداً من المجددين الكبار في الفكر الإسلامي.
مات «الكندي» (805 ـ 873)، ووُلد «الفارابي» (874 ـ 923) وكان بينهما «الرازي» (864 ـ 950)، وثلاثتهم شاركوا كل بنصيبه في وضع أحجار الأساس الذي بني عليها صرح الفلسفة الإسلامية، وكان لكل منهما إسهامه المميز، وجاء من بعدهم آخرون شيَّد بعضهم ذلك الصرح وأضافوا إلى بنيانه لبنات جديدة ومفيدة، وحاول البعض الآخر تقويض البنيان واعتبار الفلسفة برمتها مادة دخيلة على العقل الإسلامي.
علم الكلام
في البدء كان «علم الكلام»، الذي نشأ نتيجة ما اعتبره المسلمون ضرورة للرد على ما اعتبروه بدعة من قبل بعض «الفرق الضالة» وكان الهدف الرئيسي هو إقامة الأدلة وإزالة الشُبهات، ولذلك عرفوا علم الكلام بأنه «علم يقتدر معه على إثبات العقائد الدينية بإيراد الحجج ودفع الشبه»، وقال ابن خلدون: «هو علم يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية»، وعُرِّف أيضاً بأنه: «علم يبحث فيه عن ذات الله تعالى وصفاته وأحوال الممكنات من المبدأ والمعاد على قانون الإسلام».
فتح «علم الكلام» الباب أمام الفلسفة الاسلامية وبعث على ميلادها فبقيت على صلة معه، وليس من شك في أن النشاط الفكري في مواجهة ما سمي «الفرق الضالة» من ناحية، وفي مواجهة التحديات النظرية التي يطرحها أصحاب الديانات والملل المختلفة من ناحية أخرى، والذي تبلور في «علم الكلام» عند علماء المسلمين، وكان ضمن عوامل أخرى فتحت الطريق أمام العقل المسلم لكي يستقبل علوم الحكمة أو الفلسفة، وإذا اعتبرنا أن الفلسفة هي محاولة نظرية لتقديم تصور ورؤية شمولية للكون والحياة، فإن بذور تلك المحاولة عند المسلمين بدأت بـ«علم الكلام»، ووصلت الذروة عندما أصبح علماء المسلمين على إطلاع معمق على الفلسفة اليونانية القديمة، وكانت تلك هي النقلة التي أدت ـ بحكم التطور ـ إلى نشوء رعيل من رواد الفلسفة الإسلامية، الذين كانوا يختلفون عن علماء الكلام.
انطلق «علم الكلام» من النص، بينما انطلقت «الفلسفة» من العقل، حيث تأسس علم الكلام على النصوص الشرعية من قرآن وسنة وأساليب منطقية لغوية، وبذلك فهو يتناول قضايا عقلية ويطرحها داخل إطار عقائدي، بينما تتناولها الفلسفة وتطرحها طرحا حراً لا يخضع لأي سلطة، وكان مرجع علماء الفلسفة المسلمين الأوائل يعود إلى التصور الأرسطي أو التصور الأفلاطوني الذي اعتبره بعضهم متوافقاً مع نصوص وروح الإسلام.
تطورت الفلسفة الإسلامية من مرحلة دراسة المسائل التي لا تثبت إلا بالنقل والتعبّد، إلى مرحلة دراسة المسائل التي ينحصر إثباتها بالأدلة العقلية، ولكن النقطة المشتركة عبر هذا الامتداد التاريخي كان معرفة الله وإثبات الخالق. ومن خلال محاولتهم لاستخدام المنطق لتحليل ما اعتبروه قوانين كونية ثابتة ناشئة من إرادة الله، قاموا بداية بأول محاولات توفيقية لجسر الهوة التي كانت موجودة أساساً في التصور لطبيعة الخالق بين المفهوم الإسلامي لله والمفهوم الفلسفي اليوناني للمبدأ الأول أو العقل الأول. وقد بلغ هذا التيار الفلسفي منعطفا بالغ الأهمية على يد «ابن رشد» الذي تمسك بمبدأ حرية الفكر وتحكيم العقل على أساس المشاهدة والتجربة.
وفي مرحلة متأخرة من مسيرة الحضارة الإسلامية، ظهرت حركة نقدية للفلسفة أهم أعلامها «ابن تيمية» الذي يُعتبر أحد أعلام مدرسة الحديث الرافضة لكل عمل فلسفي، لكن ردوده على أساليب المنطق اليوناني ومحاولته تبيان علاقته بالتصورات الميتافيزيقية، وذلك في كتابه «الرد على المنطقيين»[1] اعتُبر من قبل بعض الباحثين العرب المعاصرين بمثابة نقد للفلسفة اليونانية أكثر من كونه مجرد رافضا لها، واعتبر بعضهم هذا النقد محاولة جادة مبنية على دراسة عميقة لأساليب المنطق والفلسفة لبناء فلسفة جديدة.
أول من برز من فلاسفة العرب كان «الكندي» الذي يلقب بفيلسوف العرب، ثم جاء من بعده «أبو بكر الرازي» الذي وصف بأنه رائد تيار فكري يرفض إقحام الدين في شؤون العقل، كما يرفض في نفس الوقت نظرة أرسطو للميتافيزيقيا، وكان الرازي» مقتنعاً إن التحليل العقلي والمنطقي هو الطريقة الوحيدة للوصول إلى المعرفة، وعليه فإن البعض لا يعتبرون الرازي» مسلما بالمعنى التقليدي للمسلم، ويرى كثيرون أنه كان النقلة الحقيقية الأولى نحو الفلسفة والفيلسوف كما كان يعرف في الحضارة اليونانية.
من ثم كان «الفارابي» الذي تبنى الكثير من الفكر الأرسطي من العقل الفعال، وقِدم العالم، ومفهوم اللغة الطبيعية، وأسس مدرسة فكرية كان من أهم أعلامها: «الأميري» و «السجستاني» و«التوحيدي»، ولقب بالمعلم الثاني ، ومثل أدوار الرواد (دائماً يتعلق دورهم بالتأسيس للمجال الذين سيصيرون من بعد رواده) كان دور «الفارابي» تأسيسياً أكثر منه دور تجديدي، فقد كان هو أول من فتح باب الاجتهاد في الفلسفة، ومهد لمن بعده طريق الابتكار فيها، ونمى الحوافز على إمكانية التجديد في علومها.
من هو الفارابي؟
هو أبو نصر محمد بن محمد بن أوزلغ بن طرخان «الفارابي» (ولد عام 260 هـ ـ موافق 874 م) في فاراب في بلاد ما وراء النهر، وتقع فاراب اليوم في قزخستان، وتوفي عام 339 هـ موافق950 م)، ولهذا اشتهر باسمه، نسبة إلى المدينة التي ولد فيها. عكف «الفارابي» في مسقط رأسه على دراسة طائفة من مواد العلوم والرياضيات والآداب والفلسفة واللغات وعلى الأخص التركية وهي لغته الأصلية بجانب معرفته للغات العربية والفارسية واليونانية. ثم خرج من بلده حوالي سنة 310 هـ، وهو يومئذ يناهز الخمسين، قاصداً العراق، حيث أتم دراساته فيما بدأ فيه في مسقط رأسه، وأضاف إليه مواد أخرى كثيرة، فدرس في «حرّان» الفلسفة والمنطق والطب على الطبيب المنطقي المسيحي «يوحنا بن حيلان»، ودرس في بغداد الفلسفة والمنطق على «أبي بشر متى بن يونس»، وهو مسيحي كان حينئذ من أشهر مترجمي الكتب اليونانية ومن أشهر الباحثين في المنطق، ودرس في بغداد كذلك العلوم اللسانية العربية على «ابن السراج»، وأتيح له فيها أيضاً دراسة الموسيقى وإتمام دراساته في اللغات والطب والعلوم والرياضيات.
قال عنه «شمس الدين الذهبي» في «سير أعلام النبلاء»: «الفارابي شيخ الفلسفة الحكيم أبو نصر، محمد بن محمد بن طرخان بن أوزلغ، التركي «الفارابي» المنطقي، أحد الأذكياء. له تصانيف مشهورة، من ابتغى الهدى منها، ضل وحار، منها تخرج ابن سينا، نسأل الله التوفيق». ويخبرنا الذهبي أن الفارابي «أحكم العربية بالعراق، ولقي متى بن يونس صاحب المنطق، فأخذ عنه، وسار إلى «حران»، فلزم بها «يوحنا بن جيلان» النصراني. وسار إلى مصر، وسكن دمشق. فقيل: إنه دخل على الملك «سيف الدولة بن حمدان» وهو بزي الترك. وكان فيما يقال: يعرف سبعين لسانا، وكان والده من أمراء الأتراك، فجلس في صدر المجلس، وأخذ يناظر العلماء في فنون، فعلا كلامه، وبان فضله، وأنصتوا له، ثم إذا هو أبرع من يضرب بالعود، فأخرج عوداً من خريطة، وشده ولعب به، ففرح كل أهل المجلس، وضحكوا من الطرب، ثم غير الضرب، فنام كل من هناك حتى البواب فيما قيل، فقام وذهب. ويقال: إنه هو أول من اخترع آلة القانون».
تنقل «الفارابي» في سبيل طلب العلم بين العراق ومصر وسوريا، وأقام في بلاط «سيف الدولة الحمداني، وأتاح له ذلك الحصول على بيئة مناسبة لتلقي مختلف العلوم والانصراف إلى التعلم وتزويد العقل بالفهم والقراءة. وقد آثر «الفارابي» حياة الزهد والتقشف فلم يتزوج، ولم يقتن مالاً، ولم يشأ أن يتناول من سيف الدولة إلى أربعة دراهم في اليوم -كما يذكر كثير من الرواة، ينفقها فيما احتاج إليه من ضروري العيش، وقد اكتفى بذلك قناعة منه، وكان في استطاعته وهو الأثير عند الملك «سيف الدولة بن حمدان» أن يكتنز الذهب والفضة ويقتني الضياع، ويروى أنه قد بلغ به التقشف أنه كان يسهر الليل للمطالعة والتصنيف مستضيئاً بقنديل الحارس، لأنه لم يكن يملك قنديلا خاصاً، وأنه قد بقي على ذلك أمداً طويلاً.
جمع «الفارابي» بين الزهد والعزلة فكان يؤثر الوحدة ليخلو إلى التأمل والتفكير، وكان طول مدة إقامته بدمشق، كما يقول ابن خلكان في «وفيات الأعيان» يقضي معظم أوقاته في البساتين وعلى شواطئ الأنهار، فلا يكون إلا عند مشتبك رياض، حيث يؤلف بحوثه ويقصد إليه تلاميذه ومساعدوه. وانتهى به المطاف في دمشق التي بقي فيها حتى دفن فيها حين توفي عن عمر يناهز 80 عاماً.
شهد القرن الرابع الهجري اضمحلال الدولة العباسية وسقوط هيبتها وانفراط عقدها، ووصل التنازع بين الفرق الإسلامية إلى التقاتل والاحتكام إلى السيف، إضافة إلى الكثير من النكسات على كل الأصعدة، وهو ما جعل «الفارابي» ينشغل بفكرة الوحدة، وتطلع لتوحيد الملة عن طريق توحيد الفكر، لذلك سنجده يحاول التوحيد بين الأمة (الشريعة) والفلسفة في كتاب «الحروف»، وسيحاول أن يجمع بين رأي الفيلسوفين: «أفلاطون»، و«أرسطو» في كتابه القيم «الجمع بين الحكيمين»، وهو ما يضعه على رأس المجددين في ذلك القرن.
التفت «الفارابي» مبكراً إلى الانتقاد الموجه لسلفه «أبو بكر الرازي» وللفلسفة بصورة عامة،وهو الانتقاد الذي ينظر إلى الفلسفة بحسبانها بلا فائدة تذكر، وثار التساؤل عن فائدتها في تنظيم الحياة اليومية للإنسان البسيط الذي تبتعد الفلسفة كل البعد عن مستوى استيعابه ولا يجد في ذلك النوع من المناقشات أي دور عملي ملموس في حياته اليومية، فعمل الفارابي على تضييق حجم الفجوة بين المسلم البسيط والفلسفة، ويعتبره البعض رائدا في هذا المجال حيث حاول في كتابه «آراء أهل المدينة الفاضلة» التطرق إلى القضايا الاجتماعية والسياسية المتعلقة بالمسلمين. ودور «الفارابي» في علم المنطق كبير ومشهود له فيه، حيث تعتبر الكثير من الدراسات أن «الفارابي» استطاع إيصال وشرح علوم المنطق بالعربية.
و«الفارابي» عند من عدَّوه من المجددين في الفكر الاسلامي هو صاحب الفضل الأول على الفلسفة الإسلامية، فقد وضع أساسها، ورتب مسائلها، ولهذا يعد أول فلاسفة المسلمين بلا منازع، وكان بين علماء المسلمين يشبه «أرسطو» بين فلاسفة اليونان، ولذلك أطلق عليه لقب المعلم الثاني كما كان «أرسطو» يلقب المعلم الأول، وبسبب اهتمامه بالمنطق وإقدامه على شارح مؤلفات «أرسطو» المنطقية.
اهتم «الفارابي» بتهذيب ما ترجم قبله من علوم الفلسفة، وقام على ترتيبه ترتيباً علمياً ومنهجياً، يسهل طريقة البحث لمن بعده، وعلى يده وصلت الفلسفة «الأرسطوطاليسية» إلى أقصى ما وصلت إليه من ازدهار، وبفضل شروحه وأفكاره وأسلوبه تمكَّن من تقريب الفلسفة اليونانية إلى الفكر الإسلامي، وتبنى الفارابي مذهبا فلسفياً يقوم على نزعة روحية واتجاه صوفي، تلتقي النزعة الروحية مع الاتجاه الصوفي في فلسفته في نواحٍ متعددة، وكان لمذهبه هذا أثر كبير فيمن جاء من بعده من فلاسفة المسلمين. كما انفرد «الفارابي» بالكتابة في موضوع إصلاح الحكم في كتابه المهم «أراء أهل المدينة الفاضلة» الذي تأثر فيه بكتاب «جمهورية أفلاطون»، وكانوا يلقبونه بصاحب المدينة الفاضلة كما كان يلقب أفلاطون بصاحب الجمهورية.
أرسطو
المدينة الفاضلة
يعد «آراء أهل المدينةِ الفاضلة»، من أشهر كتب «الفارابي» وأهمها، وقد قدَّم من خلاله نظام المجتمع الإنساني الأمثل، وحاول أن يُفَسِّر نواحي الإسلام المختلفة، والجوانب المتعددة للثقافة العربية الإسلامية في ضوء فلسفته الخاصة، وتحدث «الفارابي» في كــتابه عن المجتمع الفـاضل «يوتوبـيا» من نوع المجتمـعات التي فـكر فيـها من قبـله طائـفة من فلاسفة اليــونان كجمهــورية أفلاطون، وقد أراد أن ينــشئ مدينته وفــقًا للمــبادئ الرئيــسية التي تــقوم عليــها فلسفته وآراؤه في السعادة والأخلاق والكون وخالقه وما وراء الطبيعة، والمدينة الفاضلة في نظر« الفارابي» هي ما تتحقق فيها سعادة الأفراد على أكمل وجه، ولا يكون ذلك إلا إذا تــعاون أفـرادها عــلى الأمور التي تــنال بــها الــسعادة، واخــتص كل منــهم بالعــمل الذي يحــسنه وبالوظيـفة المهـيأ لـها بـطبيعته.
الدين والفلسفة عند «الفارابي» يخبراننا الحقيقة الواحدة، فالفلسفة تبحث وتقرر الحقائق، والدين هو الخيالات والمثالات التي تتصور في نفوس العامة لما هي عليه الحقيقة، وكما تتوحد الفلسفة مع الشريعة والملة كذلك يجب أن تبنى المدينة الفاضلة على غرار تركيب الكون والعالم بحيث تحقق النظام والسعادة للجميع، كما حلم «الفارابي» في مدينته الفاضلة التي اهـتم بوظيـفة الرئـاسة فيها وحدد لرئيـسها صفات فطـرية وصفات مكتـسبة يتمـثل فيـها أقـصى ما يمـكن أن يـصل إلـيه الكـمال في الجـسم والعـقل والعلم والخلق والدين».
مؤلفات غزيرة
ألَّف «الفارابي» معظم كتبه في بغداد، ثم انتقل إلى الشام، فمصر، وعاد إلى دمشق ثانية وألف العديد من الكتب والرسائل خلال حياته وأسفاره، ولم يصل إلينا من مؤلَّفات الفارابي الغزيرة العدد إلا أربعون مؤلَّفًا، منها اثنان وثلاثون باللغة العربية، وستة وصلت إلينا مترجَمة إلى العبرية، ومؤلَّفان مترجَمان إلى اللاتينية، ولعل من أشهر كتبه «آراء أهل المدينة الفاضلة»، «الموسيقى الكبير»، و«إحصاء العلوم والتعريف بأغراضها».
ويذكر مؤرخو العلوم أنه ألّف أكثر من مائتي مؤلف، فقد كتب في المنطق خمسا وعشرين رسالة، وكتب أحد عشر شرحا على منطق أرسطو، وسبعة شروح أخرى على سائر مؤلفات أرسطو ووضع أربعة مداخل لفلسفة أرسطو، وخمسة مداخل للفلسفة عامة، وعشر رسائل دفاعا عن أرسطو وأفلاطون وبطليموس وإقليدس، و15 كتابا فيما وراء الطبيعة، و7 كتب في الموسيقى وفن الشعر، وستة كتب في الأخلاق والسياسة، وثلاثة كتب في علم النفس.كما وضع تصنيفا للعلوم في كتابه «إحصاء العلوم وترتيبها والتعريف بأغراضها». وبذلك فهو أول من وضع نواة أو منهج لدائرة معارف إنسانية وعلومها في عصره، ومعظم كتب الفارابي ورسائله وشروحه مفقودة، وبعضها لا يوجد إلا في ترجمات عبرية.
ورغم كثرة مؤلفات «الفارابي»، لم يصل إلينا من هذه المؤلفات إلا أربعون رسالة، منها اثنتان وثلاثون رسالة وصلت إلينا في أصلها العربي، وست رسائل وصلت إلينا مترجمة إلى العبرية، ورسالتان مترجمتان إلى اللاتينية، حيث نُقِلَ بعض كتبه إلى اللاتينية في العصور الوسطى، وطُبِعَتْ في باريس سنة (1638م)، فكان لها أثرٌ فلسفي عظيم على أوربا. وقد طُبع نصف مؤلفاته التي وصلت إلينا في أصلها العربي في حيدر آباد والقاهرة وبيروت وغيرها، ولا يزال باقيها مخطوطاً.
ولذلك يرى عدد كبير من المؤرخين أن الفلسفة الإسلاميّة كان لها تأثير كبير على أوروبا المسيحيّة، حيث أدّت ترجمة النصوص الاغريقية القديمة إلى العربية، ثم ترجمة النصوص الفلسفيّة العربيّة إلى اللاتينيّة «إلى حدوث تحوّل في جميع التخصّصات الفلسفيّة تقريبا في العالم اللاتيني في العصور الوسطى»، مع تأثير قويّ بشكل خاصّ للفلاسفة المسلمين المتخصّصين بالفلسفة الطبيعية وعلم النفس والميتافيزيقيا.
…………………………………………
[1] الرد على المنطقيين (نصيحة أهل الإيمان في الرد على منطق اليونان).