فن

دراما رمضان… هل عاد التطبيع؟

في عام ٢٠١5 أذاعت  بعض القنوات العربية مسلسلاً بعنوان «حارة اليهود» للمؤلف مدحت العدل وإخراج محمد جمال العدل تناول أوضاع الأقلية اليهودية في مصر ما بين عامي ١٩٤٨ و١٩٥٤. 

أثار المسلسل جدلا واسعاً وقتها  لعدة أسباب لعل أبرزها الطريقة التي قدمت بها الشخصية اليهودية والتي جاءت مغايرة لما  كان عرفا واضحا و مستقرا في الدراما المصري، إذ لم يقدم اليهودي علي أنه عدو بالضرورة أو صهيوني بالفطرة بل أبرز المسلسل وطنية وانتماء عدد غير قليل من سكان حارة اليهود لمصر.

وكان السبب الثاني هو تقديم المسلسل قصة حب بين فتاة يهودية «منة شلبي» وشاب مصري «إياد نصار» يعمل كضابط في الجيش المصري ويخوض مع رفاقه حرب فلسطين عام ١٩٤٨.

ورغم أن المسلسل نال استحسان السفارة الصهيونية في مصر أول الأمر إلا أن السفارة سرعان ما غيرت رأيها بشأنه حين بدأت الحلقات تتعرض لنكبة عام ١٩٤٨ وتُبرز المجازر التي أدت في نهاية الأمر إلى قيام الدولة الصهيونية.

تكررت حالة الجدل مرة اخرى لاحقاً مع مسلسل مختلف وهو العمل الدرامي السوري الشهير «باب الحارة»، حيث أدخل صناع المسلسل الذي تجاوز عدد أجزائه عشر أجزاء على الشخصيات الأصلية شخصية فتاة يهودية، تتزوج من أحد شباب الحارة وتنتقل للإقامة فيها. جسدت الشخصية السورية كندة حنا.

بدت الشخصية غريبة بالنسبه لمحبي المسلسل ومتابعيه خاصة أنه يتناول فترة الاحتلال الفرنسي لسوريا ومقاومة السوريين ضده ولم تكن أوضاع المجتمع اليهودي في سوريا مطروحة في أي من الاجزاء السابقة.

بدأت الأسئلة تتزايد بعد كلا المسلسلين عند الجمهور والنقاد على حد سواء حول ما إذا كان التطبيع مع الدولة الصهيونية الذي طالما قاومته الشعوب العربية من خلال مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني قد وجد طريقه إلى الدراما؟

أم هارون.. والإحتفاء الصهيوني

ويبدو أن الجدل سيتكرر من جديد ولكن مع الدراما الخليجية هذه المرة، حيث تستعد بعض القنوات العربية ولا سيما الخليجية لاستقبال مسلسل جديد في موسم رمضان لهذا العام بعنوان «أم هارون»، وهو دراما كويتية من بطولة الممثلة حياة الفهد.

تدور أحداث المسلسل في أربعينات القرن العشرين في أحد أحياء الكويت الشعبية حول سيدة يهودية تدعى أم هارون، تعاني من مشاكل عديدة بسبب ديانتها اليهودية. ويتناول المسلسل الوجود اليهودي في منطقة الخليج العربي وخاصة الكويت قبل نكبة فلسطين عام ١٩٤٨، وجسدت هذه الشخصية الممثلة السورية كندا حنا.

https://www.youtube.com/watch?v=wEq6AkT5lNk&fbclid=IwAR3zyvKnxuEXeblp5uwkE6l7UDxT-SpzFsAmKDfMScObp71sEwEUUCKkRn0

قبل عرض المسلسل على الشاشة الصغيرة كان الجدل قد تصاعد على مواقع التواصل الاجتماعي، ومما زاد الطين بلة دفاع المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عن الممثلة الكويتية حياة الفهد وعن المسلسل، حيث نشر أدرعي عبر حسابه على تويتر، ما نصه «مسلسل أم هارون لم يُعرض بعد ولكنه أثار ضجة إعلامية واسعة ولذلك أثار اهتمامي أيضًا»، مشيدا بتصريحات حياة الفهد عن أن اليهود كانوا موجودين في كل مكان وأن الكويت كان فيها تعددية دينية في ذلك الوقت.

وأضاف أدرعي: «كالعادة تعرضت الفنانة القديرة حياة الفهد لانتقادات أصحاب نظرية المؤامرة وغيرهم من المفسدين، الذين ينظرون إلى كلمة «تطبيع» كشتيمة، ويفضلون المسلسلات العنصرية التي تروج الأكاذيب المعادية للسامية التي عادة تعرض في شهر رمضان»، على حد تعبيره.

من جانبها دافعت حياة الفهد عن مسلسلها ضد الانتقادات التي اتهمتها بترويج التطبيع، وقالت في لقاء إعلامي إن من وصفتهم بـ« أعداء النجاح والحاسدين»، «ينشرون إشاعات عن وقف مسلسل أم هارون ويهاجمون تلفزيون الكويت ووزارة الإعلام الكويتية». 

ومع بدء عرض حلقات المسلسل يثار السؤال من جديد: هل الغرض من أعمال درامية مثل حارة اليهود و باب الحارة و أم هارون هو الدعوة لعودة روح التسامح الديني التي سادت اغلب المجتمعات العربية قبل عام 1948 وزرع الكيان الصهيوني الغاصب في أرض فلسطين أم أنها استخدام سياسي للدراما لتكريس أجندة التعايش مع الدولة الصهيونية؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock