ثقافة

من شجرة الدر إلى المجنون بلباي.. حكام المائة يوم في مصر المملوكية

يُخبرنا التاريخ، ذلك العجوز المراوغ، انه لا أمان لهذا المقعد الذي يطلق عليه كرسي الحكم، البعض جلس عليه أياما وفتح له التاريخ أبوابه ليتربع بسيرته، والبعض جلس عليه سنوات طويلة ولم يتذكره أحد. التاريخ هنا يحكي لنا حكايات عجيبة رواها المؤرخون بعضها بقي في ذاكرة الناس، وأغلبها طواها النسيان، ونحن هنا نحاول أن نتذكر فقط، هؤلاء الذين جلسوا على كرسي العرش، ولم يتخطوا المائة يوم، قليلهم لا تزال ذكراهم باقية وكثيرهم لم يعد يتذكرهم أحد.

 شجرة الدر.. ملكة لمدة ثمانين يوما

شجرة الدرّ أو شجر الدرّ، الملقبة بعصمت الدين أم خليل، الشهيرة بقصة جلوسها على العرش وقصة موتها، والتي دخلت التاريخ، من أوسع أبوابه، جلست على عرش مصر لمدة ثمانين يومًا فقط.

شجرة الدرّ

ثمانون يومًا لا تزال بقايا آثارها شاهدة عليها في كل مكان حولنا، سواء آثار تاريخية أو منقوشة أو حتى سيرة شعبية تُحكي على ألسنة الرواة والعامة.

شجرة الدر: تلك الجارية الخوارزمية الأصل أو التركية، والتي اشتراها الملك «الصالح نجم الدين أيوب»، حتى حظيت لديه بمكانه عالية إلى أن أعتقها وتزوجها لتنجب له ابنه خليل، جلست على عرش مصر بعد وفاة زوجها الصالح، والذي أخفت خبر وفاته، خاصة في ظل هجوم الحملة الصليبية السابعة على مصر بقيادة لويس التاسع. والتي استطاعت احتلال دمياط  وكانت في طريقها لغزو القاهرة.

هجوم الحملة الصليبية السابعة على دمياط

استدعت شجرة الدر قائد الجيش المصري «الأمير فخر الدين يوسف» ورئيس القصر السلطاني «الطواشي جمال الدين محسن»، وتم الإتفاق بين الثلاثة على إخفاء خبر وفاة الملك الصالح أيوب، حتى لا يؤثر ذلك على معنويات الجنود ويتشجع الصليبيون، فقامت شجرة الدر بنقل جثمان الملك الصالح في مركب إلى القاهرة ووضعته في قلعة جزيرة الروضة. 

جزيرة الروضة

وكانت قد وضعت خطة مع قائديْها عبارة عن «فخ» لجذب الصليبيين إلى المنصورة، تلك الخطة التي قامت على إخلاء حواري شوارع المنصورة، حتى يدخل الصليبيون، وبالفعل نجحت الخطة وانتهت المعركة بالانتصار الساحق للمصريين وأسر لويس التاسع في فارسكور وقتل أخيه.

 أسر «لويس التاسع» في فارسكور

في تلك الأثناء تم تنصيب توران شاه ابن الملك الصالح أيوب سلطانًا على مصر، بعد أن تم استدعاؤه من الشام، لكنه بعد النصر على الصليبيين تنكر لشجرة الدر، وبدلاً من أن يحفظ لها جميلها بعث يهددها ويطالبها بمال أبيه، فأجابته بأنها أنفقته في شؤون الحرب وتدبير أمور الدولة، كما لم يكتف توران شاه بذلك بل امتد حنقه وغيظه ليشمل أصحاب الفضل الأول في تحقيق النصر العظيم وإلحاق الهزيمة بحملة لويس التاسع، وبدأ يفكر في التخلص منهم غير أنهم كانوا أسبق منه في الحركة وأسرع منه في الإعداد فتخلصوا منه بالقتل على يد أقطاي.

قتل توران شاه

وجد المماليك أنفسهم في وضع جديد؛ فهم اليوم أصحاب الكلمة الأولى في البلاد ومقاليد الأمور في أيديهم، ولم يعودوا أداة في يد من يستخدمهم لتحقيق مصلحة أو نيل هدف وعليهم أن يختاروا سلطانًا للبلاد. وبدلاً من أن يختاروا واحدًا منهم لتولي شؤون البلاد اختاروا شجرة الدر لتولي هذا المنصب الرفيع.

أُخذت البيعة للسلطانة الجديدة ونُقش اسمها على السَّكة بالعبارة الآتية «المستعصمية الصالحية ملكة المسلمين والدة خليل أمير المؤمنين».

العُملة في عهد «شجرة الدر»

استطاعت شجرة الدر فور جلوسها على العرش أن تقبض على زمام الأمور، وأحكمت شئون البلاد، خاصة تصفية بقايا الوجود وإدارة مفاوضات معه انتهت بالاتفاق مع الملك لويس التاسع، الذي كان أسيرًا بالمنصورة، على تسليم دمياط وإخلاء سبيله وسبيل من معه من كبار الأسرى مقابل فدية كبيرة قدرها ثمانمائة ألف دينار، يدفع نصفها قبل رحيله والباقي بعد وصوله إلى عكا، مع تعهد منه بعدم العودة إلى سواحل البلاد الإسلامية مرة أخرى.

لكن يبدو أن الظروف لم تكن مواتية لأن تستمر شجرة الدر في الحكم طويلاً حيث لقيت معارضة شديدة، فقد خرج المصريون في مظاهرات غاضبة تستنكر جلوس امرأة على عرش البلاد، وعارض العلماء ولاية المرأة الحكم وقاد المعارضة العز بن عبد السلام لمخالفة جلوسها على العرش للشرع.

وفي الوقت نفسه، ثارت ثائرة الأيوبيين في الشام لمقتل توران شاه وأغتصاب المماليك للحكم بجلوس شجرة الدرّ على سدة الحكم، ورفضت الخلافة العباسية في بغداد أن تقرّ صنيع المماليك، فكتب الخليفة المستعصم بالله إليهم: «إن كانت الرجال قد عدمت عندكم فأعلمونا حتى نسيّر إليكم رجلاً».

وتحت الضغط العام من الشعب، والضغط الخارجي لم تجد شجرة الدرّ إزاء هذه المعارضة الشديدة بدًا من التنازل عن العرش للأمير «عز الدين أيبك» أتابك العسكر الذي تزوجته، وتلقب باسم الملك المعز، وكانت المدة التي قضتها على عرش البلاد ثمانين يوماً.

عز الدين أيبك

وإذا كانت شجرة الدر قد تنازلت عن الحكم والسلطان رسمياً، وانزوت في بيت زوجها، فإنها مارسته بمشاركة زوجها مسؤولية الحكم، فخضع هذا الأخير لسيطرتها، فأرغمته على هجر زوجته الأولى أمّ ولده علي وحرّمت عليه زيارتها هي وابنها، وبلغ من سيطرتها على أمور السلطان أن قال المؤرخ الكبير «ابن تغري بردي»: «إنها كانت مستولية على أيبك في جميع أحواله، ليس له معها كلام».

المؤرخ ابن تغري بردي

ساعدت شجرة الدر عز الدين أيبك على التخلص من فارس الدين أقطاي الذي سبب لهم مشاكل عديدة في حكم البلاد. وكأنه جحر أفاعي وليس مقعد حكم، فقد تنكر أيبك لها، وانقلب عليها عندما أحكم قبضته على البلاد، واستطاع التخلص من منافسيه. 

لكن عندما وصل لشجرة الدر نبأ اتجاه عز الدين أيبك للزواج من ابنة حاكم الموصل «بدر الدين لؤلؤ»، غضبت غضبا شديدا وأسرعت في تدبير مؤامرتها للتخلص من أيبك، فأرسلت إليه تسترضيه وتطلب عفوه، فاستجاب لدعوتها وذهب إلى القلعة حيث لقي حتفه هناك في 1257م.

بدر الدين لؤلؤ في بلاطه من كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني

وقد أشاعت شجر الدرّ أن المعزّ لدين الله أيبك قد مات فجأة بالليل، لكن مماليك أيبك لم يصدقوها فقبضوا عليها وحملوها إلى زوجة أيبك الأولى التي أمرت جواريها بقتلها، فقاموا بضربها بالقباقيب على رأسها وألقوا بها من فوق سور القلعة، ولم تدفن إلا بعد عدة أيام. وذلك في 3 مايو 1257م. بعد أن حكمت مصر ثمانين يومًا لا تنسي.

وهكذا انتهت حياتها على هذا النحو بعد أن كانت ملء الأسماع والأبصار، وقد أثنى عليها المؤرخون المعاصرون لدولة المماليك، فيقول «ابن تغري بردي» عنها: «وكانت خيّرة دَيِّنة، رئيسة عظيمة في النفوس، ولها مآثر وأوقاف على وجوه البِرّ، معروفة بها».

ابن البدوية: صاحب المائة يوم

حكم مصر لمدة مائة يوم، توفي صغيرًا قبل العشرين، وهو ابن السلطان ركن الدين بيبرس، لقب بابن البدوية، تم تنصيبه سلطانًا وهو في السابعة من عمره بلقب «الملك العادل بدر الدين»، بعد أن أُجبر أخوه «الملك السعيد» على خَلع نفسه، ورحيله إلى الكرك، وهو سادس سلاطين الدولة المملوكية.

وكان من الأوصياء عليه «قلاوون» الذي خلع أخاه، و أصبح «قلاوون» هو الحاكم الفعلي للبلاد وأمر بأن يخطب باسمه واسم سُلامش معاً في المساجد وبأن يُضرب اسمه مع اسمه على السكة.

العُملة في عهد «قلاوون»

وعندما شعر «قلاوون» أن البلاد قد صارت في قبضته بالكامل استدعى الأمراء والقضاة والأعيان بقلعة الجبل وقال لهم «قد علمتم أن المملكة لا تقوم إلا برجل كامل» فوافقه المجتمعون وتم خلع سُلامش بعد أن ظل سلطاناً اسمياً لمدة مئة يوم ونُصب قلاوون سلطاناً.

كان «سُلامش» محبوبًا من العامة، مثل أبيه الملك الظاهر، كان جميل الشكل وبهي الطلعة، لدرجة افتتنان جماعة من الناس به، وأنه كان أحسن أهل زمانه، لدرجة أن الشعراء تغنوا بحسنه وجماله ومنها يقولون في حسنه «الثغرالسُلامشي» كناية عن حسنه. 

تسعون يومًا من القلق 

ثلاثة شهور مقلقة هي فترة جلوسه على كرسي السلطنة المصرية، ثلاثة شهور منهم خمسون يومًا كان في الكرك، أيامه كانت مضطربه، وقد أخذ حوله مجموعة من الأصدقاء من الأعراب. 

إنه الملك الناصر شهاب الدين أحمد بن الناصر محمد بن قلاوون الصالحي، وهو خامس عشر سلاطين الدولة المملوكية، وثالث من تربع على عرش السلطنة من أبناء السلطان الناصر محمد بن قلاوون. نصب سلطانا وهو في الكرك في عام 1342م، وبقي على كرسي العرش ثلاثة شهور فقط.

قلعة الكرك

والدته اسمها «بياض» كانت مغنية وأحدي محظيات والده الناصر محمد، وهو حفيد السلطان المنصور قلاوون، ولد في القاهرة، وتعلم الفروسية في الكرك، وعاش هناك إلى أن مات والده «الناصر محمد»، لكنه سمح لأخيه «سيف الدين أبو بكر» الذي كان يصغره بتولي السلطنة بدلا منه. كان سلوكه غريبًا، ويرتدي ثياب الأعراب وتقديم أصحابه القادمين معه من الكرك على المصريين.

ثلاثة شهور فقط هي فترة حكمه، منها خمسون يومًا كان جالسًا في الكرك، وقد خلعه الأمراء بعد فترة حكم قصيرة سيئة الذكر، قام خلالها بتقديم خاصته من الكرك على الأمراء وولاهم المناصب وأغدق عليهم فنهبوا وعاثوا في البلاد فسادا. وقتل وسجن بعض الأمراء المرموقين كما قام بنقل أغنام أبيه وذهبه وجواهره وأغنام الأمير قوصون وأفضل الخيول والهجن إلى الكرك. وسلب مجوهرات جوارى أبيه والذهب الذي كان يزين أجزاء من القلعة وبعض قبابها و«ما ترك بالقلعة مالا حتى أخذه».

وبسبب ذلك أرسلت التجريدات إلى الكرك وحوصرت ونصب عليها المنجنيق، وطلب منه اعادة ما نهبه من مصر والا هدمت الكرك حجرا حجرا، وقبض على الناصر أحمد وقتل في عام 1344 وأرسلت رأسه إلى القاهرة.

السلطان المنصور عز الدين.. شهران وعشرة أيام في الحكم

شهران وعشرة أيام، فقط هي فترة حكمه، وهو خامس سلاطين الدولة المملوكية البرجية «الشركسية»، جلس على كرسي العرش في أواخر عام 1405 و تم خلعه في بدايات سنة 1406 بعد ان جلس على كرسي السلطنة المصرية شهرين و عشر أيام. 

تولي الحكم وفي في العاشرة من العمر، بعد أن تم خُلع أخوه «السلطان الناصر فرج بن برقوق» وذلك لشدة الاضطرابات في فترة حكمه، بالإضافة إلى مشكلات مع رجال دولته، فتم خلعه وتعيين عز الدين وهو في العاشرة من العمر.

وقد تمت توليته بناء على وصية من والده الظاهر برقوق لأخيه، وتم تنصيبه بلقب «المنصور» وكانت كنيته «أبو العز»، ولأنه كان صغيرًا في السن فقد تم تعيين الأتابك «بيبرس»، وهو ما أدي إلى أن يغار الأمير «يشبك العثماني» الذي عاد لمنصبه في مجلس الوصاية، وبالتالي كان يريد أن يعود «الناصر فرج بن برقوق» لكرسي العرش.

رسم تخيلي للظاهر بيبرس

عندما تم خلعه، وعوده اخيه الناصر فرج بن برقوق، أرسلوا عز الدين لأمه في دار الحريم، بعد أن جلس على عرش مصر سبعين يومًا لم يحكم فيها. وتوفي وهو في السادسة عشر من عمره في 1406م.

الظاهر ططر.. أربعة وتسعون يوما

هو الملك الظاهر أبو الفتح ططر الظاهري، والذي جلس على كرسي العرش فعليًا أربعة وتسعين يومًا، أي إنه لم يكمل مائة يوم على كرسي العرش، فقد تم تنصيبه سلطانا في 8 أغسطس 1421، وتم تسميته بـ«ططر»، حيث كان من عادة الجراكسة تسمية المولود على اسم أول شخص يدق باب بيتهم بعد الولادة، وعندما ولد كان أول من دق الباب رجل «ططري» فتم تسميته بذلك الاسم.

الملك الظاهر أبو الفتح ططر الظاهري

وسبب اعتلائه كرسي السلطنة، إنه كان وصيا على السلطان الرضيع «شهاب الدين ابو السعادات»، وقد سمحت له تلك الوصاية أن يتزوج أم شهاب الدين «سعادات»، وهي أرملة السلطان المؤيد أبو النصر، وفور الزواج خلع الطفل الرضيع ونصب نفسه سلطانا وطلق زوجته «سعادات» في اليوم التالي خوفًا منها.

لكن مكر النساء لا يأتمنه أحد، حيث يذكر أنها استطاعت الانتقام منه حيث دست له السم في فراشه ليموت وهو في الخامسة والخمسين. وكان قد استمر وصيا لمدة ثمانية شهور ثم حكم لمدة أربعة وتسعين يوما كسلطان رسمي على عرش مصر.

العزيز جمال الدين يوسف.. ثلاثة شهور على العرش

إنه السلطان الملك العزيز جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن الأشرف برسباي، السلطان الحادي عشر في الدولة المملوكية البرجية، حكم عام 1438م لمدة ثلاثة أشهر، وكان في عمر الرابعة عشرة.

وهو ابن السلطان الكبير الأشرف برسباي وأمه الجارية «جلبان»، وعندما مرض ولده الأشرف برسباي، وشعر بقرب موته، اقترح عليه الأمراء أن يعتزل ويعطي العرش لابنه «يوسف» وذلك بسبب عدم استقرار الاحوال، بالإضافة إلى هجمات البدو والعربان، وفسادهم في كل من البحيرة والصعيد.

وعندما مات الأشرف برسباي، صار «جمال الدين يوسف» سلطانا على مصر وهو في الرابعة عشرة وسبعة أشهر وتلقب بـ «العزيز»، وعين الأمير «جقمق» في وظيفة «نظام الملك» بجوار وظيفته كأتابك العسكر.

حكم العزيز يوسف ثلاثة أشهر فقط، لانه في يوم 7 سبتمبر 1438 قام الأمير «قرقماش القبانى» للأتابكى «جقمق» واستدعى بقية الأمراء والخليفة العباسى المعتضد بالله الثالث في القاهرة، والقضاة الأربعة، وطلب منهم عزل الملك العزيز وتنصيب «جقمق» بدلا منه فعزلوا العزيز وأرسلوه لكي يعيش في دار الحريم مع أمه في قلعة الجبل وأصبح «جقمق» بدلا منه سلطانا علي مصر.

 السلطان جقمق 

السلطان المنصور أبو السعادات.. حكم 43 يومًا 

هو السلطان الملك المنصور أبو السعادات فخر الدين عثمان ابن الملك الظاهر جقمق محمد العلاى، جلس على عرش مصر فى 1 فبراير سنة 1453 وكان في التاسعة عشرة من عمره. وقد استمر حاكمًا لمدة ثلاثة وأربعين يومًا فقط.

ورغم أن والده السلطان الظاهر جقمق قد خلع نفسه أثناء مرضه وسلمه العرش، إلا أنه بعد رحيل والده بعد توليه بعدة أيام، طالبه الأمراء بمناقشة موضوع «نفقة العسكر» وهم الذين بايعوه ووافقوا عليه، فأخبرهم أن والده لم يترك في الخزانة إلا 30 ألف دينار.

واعتقد الأمراء أنه يكذب خاصة أنهم كانوا قد ساعدوه بعد رحيل والده «جقمق» حين طلب منهم السلطان فخر الدين عثمان مساعدته، ولكن عندما بدأ في تنظيم أمور حكمه، استطاع أن يقبض على عدد من الأمراء «المؤيدية» ويسجنهم في الإسكندرية، وقرب له الأمراء «الأشرافية».

فبدأت الكراهية تزداد ناحيته، فتم التمرد عليه بعدما اتفق الأمراء مع العسكر، خاصة إنه دفع لهم مرتباتهم بنقود مغشوشة، واستطاعوا محاصرته في القلعة. وبعد معركة استمرت سبعة أيام بين أتباعه والأمراء، تمت تولية الأتابك اينال بدلا منه. وتم القبض عليه عن طريق بعض الأمراء الأشرافية، و سجنه بالإسكندرية بعد أن حكم مصر 43 يوما فقط.

المجنون: بلباي الذي لم يكمل الشهرين

عجوز في السبعين، لم يكن يرغب في الحكم، إلا أنه وجد نفسه موضوعا على كرسي العرش في 9 أكتوبر 1467، كانت مدة حكمه الصورية شهرين إلا يومين، وقد تم عزله في 7 ديسمبر 1467م.

هو السلطان الملك الظاهر أبو سعيد سيف الدين الاينالي المؤيدي، وقد سمي في شبابه بـ«بلباي» وتعني «المجنون». لم يكن يرغب في الحكم، وأن كان قد وصل إلى مركز حاجب حجاب مصر، إلا أنه قد تم تنصيبه وقد ناهز السبعين ولقب «الظاهر».

وقد أصيب الظاهر بلباى بحالة نفسية غريبة بعد سلطنته أو كما قال ابن تغرى بردي «غطاه المنصب وصار كالمذهول، ولزم السكات وعدم الكلام».

ظل سلطانا ضعيف الشخصية، جاهلا لا يعرف القراءة أو الكتابة، لا يحكم في شيء، والحاكم الفعلى كان الدويدار الكبير «خاير بك» «أو خير بك»، وكان «بلباي» كلما سئل عن شيء كان يرد: «إيش كنت أنا، قل له « «يعنى لخاير بك» حتى انتشرت الجملة بين المصريين وأصبحوا يسمونه «إيش كنت أنا قل له»، وكانت عندما تُقدم له قضية أو مظلمة كان يقول: «قولوا لخاير بك». وعلاوة على ذلك يقول ابن تغري أن بلباي لم يكن يعرف القراءة و لا يستطيع توقيع المستندات دون أن يضع له نقاطا يملؤها وبتلك الطريقة اضطربت أحوال السلطنة وعانى الناس في فترة حكمه القصيرة.

بسبب ذلك نشب تمرد قام به المماليك «المؤيدية» وكان هؤلاء مماليك السلطان «المؤيد أحمد»، و قامت معركة بين الطرفين انتهت بإنتصار الخشقدمية وعندما تم عزله وسجنه بالإسكندرية كان يقول: «واالله ما أنا بسلطان، أنا أمير، وماذا أعمل بالسلطنة، سني كبر وعقلى ذهل، بالله سلم على السلطان وقل له أنى لستُ السلطان»، وظل يبكي فيقول ابن تغري: «كان قديماً يُعرف ببلباى المجنون، فهذه كانت شهرته قديماً وحديثاً في أيام شبابه، فما بالك به بعدما شاخ و كبر سنه وذهل عقله وقل نظره وسمعه».

توفي الظاهر بلباي في عهد السلطان الأشرف قايتباي في 19 سبتمبر 1468 في سجن الإسكندرية بعدما مرض بالطاعون، بعد أن حكم شهرين إلا أربعة أيام.

السلطان الأشرف قايتباي

الظاهر قانصوه خمسمائة صاحب الثلاثة أيام على كرسي العرش

الظاهر قانصوه أو الأشرف قانصوه خمسمائة، هو الحاكم الواحد والعشرون من حكام المماليك البرجية، تولي الحكم في عام 1497، واستمر حكمه ثلاثة أيام فقط. 

الظاهر قانصوه

كان الظاهر قانصوه أتابك لدي الناصر محمد بن قايتباي، وذات يوم استطاع أن يأسر السلطان الناصر، واستطاع اثبات أنه عاجز عن القيام بشئون الحكم. وتم خلعه. في حضور الخليفة العباس والقضاة.

لكن الأمور لم تسر كما كان يريد حيث فُقد في واقعة خان يونس، وعاد السلطان الناصر محمد بن قايتباي للحكم مرة أخري بعد اثبت رشده وقدرته على الحكم. لقب الظاهر قانصوه بخمسائة لأنه كان من طبقة الأمراء الأولي ممن كان تحت يد الواحد منهم خمسائة فارس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock