رؤى

عودة داعش لشن هجمات في العراق.. انتهازية أكثر ما هي استعادة قوة

 بريان بيركينز – محلل استراتيجي متخصص في شئون الإرهاب والعنف السياسي في منطقة الشرق الأوسط وشمال ووسط أفريقيا

عرض وترجمة – أحمد بركات

نفذ تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» سلسلة من الهجمات الخطيرة في جميع أنحاء العراق في الوقت الذي تواصل فيه الدولة العراقية مواجهة حالة الغموض السياسي التي تكتنفها، وتحاول احتواء تفشي وباء كورونا. واستهدف التنظيم بشكل متزايد القوات العراقية في محافظات الأنبار وديالي وكركوك وصلاح الدين، مما أثار مخاوف من «بعث» داعشي محتمل. كان من بين أهم هذه الهجمات التفجير الانتحاري الذي استهدف مقر المخابرات في كركوك في 28 أبريل، والهجوم الليلي في 1 مايو الذي أدى إلى مقتل 10 أعضاء من وحدات الحشد الشعبي على بعد 60 ميلا فقط شمال العاصمة بغداد في قريتي مكيشفة وتل الذهب.

ومع ذلك، فإن تصاعد وتيرة الهجمات على مدى الشهر الماضي ليس دليلا على تطور قدرة تنظيم الدولة الإسلامية بدرجة كبيرة بقدر ما هو دليل على انتهازيته، رغم أن النجاحات المستمرة يمكن أن تعمق من تمكين الجماعة. وبرغم أن تنظيم الدولة لم يعد يتحكم في جزء كبير من الأرض في العراق، إلا أنه لا يزال يحتفظ بقدرته على الصمود عن طريق استغلال الانقسامات الأمنية بين القوات العراقية والكردية، وحالة عدم اليقين التي تسود داخل الحكومة العراقية، وتراجع الحضور العسكري الأمريكي، وتفشي كوفيد – 19 في الوقت الراهن.

وركزت نسبة كبيرة من الهجمات التي شنها داعش هذا العام على المناطق المتنازع عليها في شمال العراق، حيث خلًف التعاون الأمني الفقير بين البيشمركة الكردية والقوات العراقية مساحة من الأرض خارج نطاق السيطرة الحكومية. في الوقت نفسه، أدت سياسات الإغلاق الناجمةعن تفشي مرض كوفيد – 19 إلى انسحاب القوات بعيدا عن المناطق الريفية لفرض إجراءات الإغلاق، مما أدى إلى تقليل الدوريات وترك نقاط التفتيش والمواقع العسكرية الريفية دون قوات كافية. وبرغم رفع بعض القيود التي كانت مفروضة بسبب تفشي كوفيد – 19، إلا أن بعض القوات لا يزال تجري إعادة توجيهها.

داعش.. واستغلال الاضطرابات السياسية

في هذه الأثناء، أعلن البرلمان العراقي أخيرا في 6 مايو عن تشكيل الحكومة الجديدة – وإن كانت لا تزال غير مكتملة – برئاسة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بعد مرور أشهر بدون وجود حكومة فاعلة بعد استقالة رئيس مجلس الوزراء السابق عادل عبد المهدي في نوفمبر الماضي. وبرغم هذه الخطوة الإيجابية، لا يزال المشهد السياسي العراقي يعاني من انقسامات حادة، ولا تزال تلح عليه العديد من الأسئلة العالقة بشأن الدور المستقبلي لوحدات الحشد الشعبي الشيعية القوية في البلاد. كما تبقى أيضا الكثير من علامات استفهام حول كيفية تعامل الكاظمي مع القرار غير الملزم الذي تم تمريره في يناير الماضي بطرد القوات الأمريكية، التي أخلت بالفعل بعض القواعد الأمامية مما أدى إلى توقف العديد من الأنشطة المناهضة لتنظيم الدولة. وسوف يواصل التنظيم محاولاته لاستغلال الاضطرابات السياسية في الوقت الذي يعمل فيه الكاظمي وحكومته الجديدة على تحقيق الاستقرار في البيئة السياسية العراقية، ومحاولة إصلاح العلاقات مع الولايات المتحدة.

وتُظهر الموجة الأخيرة في هجمات داعش أن التنظيم لا يزال يمتلك القوة البشرية اللازمة لشن تمرد منخفض الكثافة، ومن المرجح أن يستمر كذلك لسنوات قادمة، لكنها لم تُظهر حتى الآن تطورا مهما في قدراته، ناهيك عن حرية الحركة. ومن المرجح أن يعاني التنظيم مجددا من تراجع قدرته على المناورة بعد تخفيف القيود التي فرضها انتشار مرض كوفيد – 19، واستئناف القوات المحلية والدولية عملياتها وتكثيفها. في الوقت نفسه، تسود حالة من التفاؤل بشأن قدرة الكاظمي على تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة من جديد، والحصول على استجابة «الناتو» لمطالبه بشأن تقديم مزيد من الدعم في المعركة ضد تنظيم الدولة.

*هذه المادة مترجمة. يمكن مطالعة النص الأصلي باللغة الإنجليزية من هنا

أحمد بركات

باحث و مترجم مصرى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock