مختارات

مركز “بيجن-السادات”: الصوت صوت بايدن واليد الممسكة بالخيوط يد أوباما؟

مقدمة “أصوات”: تقدم هذه الرؤية نموذجاً على مخاوف اليمين الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية العسكرية الإسرائيلية من تبعات فوز جو بايدن على المكاسب المذهلة وغير المسبوقة التي مُنحت ظلماً وعدواناً “لإسرائيل” في السنوات الأربع من إدارة ترامب/ كوشنر.

على أن هذه التخوفات لا تعكس فقط القلق لدى اليمين الحاكم ومؤسسة الأمن والاستخبارات العسكرية؛ وإنما تعكس أيضاً الأسلوب الإسرائيلي التقليدي في المبالغة السياسية بغرض توجيه رسائل إرهاب فكري وسياسي لبايدن وفريقه؛ رسائل تشكل قيداً على حركتهم في التعامل مع الشئون الشرق أوسطية، بالذات في ملف الصراع العربي الإسرائيلي والملف الإيراني من ناحية، وتحفز اللوبي الصهيوني على ممارسة ضغوط مستمرة على بايدن وفريقه.

ومن هذه المبالغات التي تصل إلى حد إثارة الضحك أن بايدن ليس سوى واجهة لأوباما، وأن أوباما سينفذ من خلاله انتقاما مزعوما من نتنياهو، وأن اليسار الراديكالي يسيطر على الحزب الديمقراطي، وسيتخذ مساراً يؤثر على العلاقات الخاصة جداً بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية..

على أي حال تظل المقالة أو ورقة تحليل السياسات مؤشراً على حاجة العالم العربي إلى إجراء تقديرات موقف لتحديات وفرص وصول بايدن للسلطة، تقديرات تكون مبنية على مصالحها الوطنية والقومية وليست على الهوي الإسرائيلي.
………………

فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة استُقبل بتنفّس الصعداء، وبالأمل لدى اليسار – الوسط السياسي في إسرائيل، وبشعور بخيبة الأمل وقلق في اليمين السياسي. في المرحلة الحالية يلاحظ توجه، علني على الأقل، لتقديم بايدن كصديق حقيقي لإسرائيل وليس أقل من ذلك كصديق لبنيامين نتنياهو، وكشخص سيواصل التزامه بمبداً العلاقات الخاصة مع إسرائيل. معلقون يكثرون من ذكر لقاءات حارة لسياسيين إسرائيليين مع بايدن أصر خلالها على التزامه بأمن إسرائيل وضرورة المحافظة على تفوقها العسكري النوعي. لذا فإن الانقلاب الذي يرتسم في واشنطن يعكس إلى حد كبير تغييراً في الأسلوب وليس في الجوهر.

أسلوب بايدن المعتدل إزاء إسرائيل كنائب للرئيس وازن فعلاً إلى حد ما من المقاربة الباردة وغير الحساسة للرئيس أوباما، وفي الأساس من عدم وجود كيمياء بينه وبين نتنياهو في أقل تقدير. لكن ليست هذه الفوارق الطفيفة هي التي تهمنا إنما المضامين وبلورة السياسات التي في إطارها كان لنائب الرئيس وزن هامشي، إذا وجد.

هل بايدن في سنة 2021 سيكون الصديق نفسه لإسرائيل كما كان في الماضي أم أن شخصيته وعمره المتقدم يمكن أن تظهر علاماتهما في حالته الذهنية؟
تلميحات في هذا الصدد حُبكت في حملات معادية له، وحتى من جانب مرشحين ضده في الانتخابات التمهيدية في الحزب الديمقراطي.

هذا البعد يمكن أن تكون له أهمية لا بأس بها.

على افتراض أن بايدن سيدخل إلى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني/يناير2021، يتعين على أطراف التقدير في إسرائيل أن تستعد لسيناريو يكون فيه الرئيس المنتخَب، بهذا المقدار أو ذاك، مجرد “واجهة” بينما الذي يمسك بالخيوط من وراء الكواليس ليس إلاّ الرئيس السابق أوباما الذي ساهم بكامل قوته في نهاية حملة بايدن لهدف مقدس وحاسم يمكن تصنيفه “فقط ليس ترامب”. أوباما وصف نائبه السابق بـ”رجل استثنائي” و”رئيس استثنائي” ودفع قدماً على وسائل التواصل الاجتماعي بشعار “يوم الأصدقاء المخلصين”. بايدن من ناحيته وصف نفسه كشريك لأوباما.

يعتقد أوباما أنه لم يقل بعد كلمته الأخيرة في السياسة الأميركية، وبناءً على ذلك يمكن أن يعتبر انتصار بايدن اللحظة المؤاتية لإعادة أجندته التقدمية إلى مقدمة المنصة، سواء على الصعيد الداخلي أم على صعيد السياسة الخارجية.
لذا يمكن أن يكون هناك تداعيات لا بأس بها على جدول الأعمال السياسي في الشرق الأوسط، مثل عودة محتملة للولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي الإيراني، وتحوّل على الصعيد الإسرائيلي- الفلسطيني، والشك في استمرار الزخم في علاقات إسرائيل مع دول الخليج.

لقد أثبت أوباما أكثر من مرة أنه حقود وانتقامي. وعلى افتراض أن ندوب “المناوشات” مع نتنياهو التي لم تلتئم بعد ستدفع البيت الأبيض إلى تفضيل معالجة الشرق الأوسط على موضوعات دولية أُخرى، فإن “حساب” أوباما مع رئيس الحكومة الإسرائيلية لا يزال مفتوحاً، وهو يعتبر أن نتنياهو يتحمل مسؤولية إحباط الأمرين الأساسيين في سياسته الشرق أوسطية: الاتفاق النووي مع إيران وحل الدولتين.

https://www.youtube.com/watch?v=Vy7h8E261Rw&ab_channel=RTArabic

أولئك الذين يؤمنون بديمومة العلاقات الخاصة بين الولايات المتحدة وبين إسرائيل يمكن أن يواجهوا واقعاً مختلفاً وإن كان، عملياً، ينذر بسحب قاتمة في الأفق.

التطابق الفكري بين إدارة تقدمية وجالية يهودية ذات توجه ليبرالي تشكل أغلبية كبيرة وسط يهود الولايات المتحدة يمكن أن تولد بوادر تدخل خارجي مؤثر في بلورة سياسة إسرائيل بصورة لم نشهدها من قبل، وهذا في فترة الحزب الديمقراطي واقع فيها إلى حدٍّ كبير تحت تأثير اليسار الراديكالي، الأمر الذي يمكن أن تبرز مؤشراته في مجمل القضايا الشرق الأوسطية.

*رفائيل بوحنيك – خبير في الشؤون الشرق الأوسطية والدولية، عمل 26 عاماً في سلاح الاستخبارات، و3 سنوات في مكتب رئيس الحكومة ووزارة الدفاع.

*”مركز بيغن – السادات للدراسات الاستراتيجية”

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock