عرض وترجمة: احمد بركات
نظريا، الولايات المتحدة ملتزمة بسحب آخر 2500 جندي من جنودها في أفغانستان قبل 1 مايو بموجب الاتفاقية التي وقعها ترامب في العام الماضي مع حركة طالبان الإسلامية التي تحارب حكومة كابول.
لكن، ليس من المؤكد أن هذا سيحدث؛ إذ لم تف طالبان والحكومة الأفغانية والولايات المتحدة بكافة التزاماتهم على مدى أقل من عام من توقيع الاتفاق. فقد وعدت طالبان بتقليل هجماتها على الجنود التابعين لحكومة كابول والمسئولين المدنيين. ووعدت الحكومة الأفغانية بالدخول في محادثات سلام جادة مع طالبان، لكنها لا تزال مترددة. كما وعدت الولايات المتحدة ببدء رفع العقوبات الدولية عن طالبان، لكنها تراجعت بعد تصاعد الحرب ووصول محادثات السلام إلى طريق مسدود.
في غضون هذا ، واصلت طالبان دفع جيش الحكومة الضعيف للخروج من مساحات شاسعة من الأراضي. وشنت جهة ما – يفترض أن تكون طالبان – حملة شعواء من الاغتيالات ضد القضاة والصحفيين والمعلمين، وأكثر من كل ذلك النساء، لكن طالبان أنكرت مسؤوليتها، ونحن نصدق هذا الإنكار.
ونتيجة لذلك، فإن طريق الرئيس بايدن لإنهاء حرب بدأت منذ رئاسة جورج بوش الإبن باتت أكثر صعوبة.
والآن، يواجه بايدن إشكالية بالغة التعقيد: هل يجب عليه سحب معظم أو جميع الجنود، كما قال المرشح بايدن قبل شهور إنه يود أن يفعل، ويخاطر بمشاهدة أفغانستان تهوي في مستنقع دماء؟
أو، يبقي على الجنود جميعا (2500 جندي) في مواقعهم، ويعلن أنهم سيغادرون بمجرد عودة محادثات السلام إلى مسارها؛ ولكن ليس قبل ذلك؟
أو، كما يؤكد مسؤولون سابقون، هل يجب عليه إرسال مزيد من الجنود حتى يتم التوصل إلى تسوية سلمية نهائية، فيما يمثل وصفة محتملة لإقامة مفتوحة؟
من المغري للأمريكيين الذين أنهكتهم الحرب أن ينظروا إلى أفغانستان ويقولوا: لقد فقدنا أكثر من 2400 جندي، وأنفقنا ما يزيد على تريليوني دولار، وأخفقنا في النهاية؛ لقد آن الآوان أن نرحل.
لكن الولايات المتحدة لا يزال لها مصالح في هذا الجزء من العالم، بما في ذلك احتواء القاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى التي تصول وتجول في المنطقة.
ثلاثة خيارات
وبعد 19 عاما، يبقى جديرا بالمحاولة أن ننهي هذه المغامرة المأساوية بطريقة تتجنب الأضرار التي يمكن تجنبها على طول الطريق. وهنا، توجد ثلاثة خيارات أساسية:
الأول هو البقاء، وربما زيادة أعداد الجنود ولو بهامش محدود. وهذا ما أوصت به هذا الشهر اللجنة التي يشارك في رئاستها الجنرال المتقاعد جوزيف دونفورد، الرئيس السابق لهيئة الأركان المشتركة.
“نحن نعرف ما سيحدث لو غادرنا في 1 مايو،. إذا غادرنا سنخلف وراءنا فوضى عارمة، ما لم تكن حربا أهلية”، كما قال الجنرال دونفورد.
وأكد أن استمرار الوجود العسكري الأمريكي ضروري لدفع طالبان إلى مائدة المفاوضات مجددا، لأن إخراج القوات الأجنبية من أفغانستان كان دائما الأولوية الأولى للحركة.
على الجانب الآخر من النهر، يقول أحد مستشاري دونفورد السابقين، كارتر مالكاسيان، إن الوقت قد حان للخروج.
“عندما أنظر في ’التكاليف‘، تكون المغادرة الآن أكثر إلحاحا من أي وقت مضى”، كما أخبر مالكاسيان صحيفة واشنطن بوست مؤخرا. ويؤكد أن بقاء القوات الأمريكية في أفغنستان لن يقنع طالبان بالدخول في مفاوضات طالما أن الجماعة تحقق مكاسب على الأرض، والوجود الأمريكي المحدود لم يوقف ذلك.
لكن، لا يزال هناك حل وسط، وهو تأجيل لانسحاب ستة اشهر والتفاوض حول وضع جدول زمني جديد لمحادثات السلام، ومحاولة دبلوماسية أكثر نشاطا، بما في ذلك طلب المساعدة من الدول المجاورةمثل روسيا والصين للضغط على طالبان على حمل التفاوض على محمل الجد.
“تمثل عملية السلام الخيار الأفضل للوصول إلى نتيجة لائقة، رغم أن فرص نجاحها ضئيلة للغاية”، كما أخبرتني لوريل ميلر، مبعوثة وزارة الخارجية السابقة إلى أفغانستان. وأضافت: “نحتاج إلى التمديد لمدة ستة أشهر لتتاح لنا فرصة للعودة إلى المسار الصحيح”.
وأكدت أن النفوذ الأكبر للولايات المتحدة على المتمردين لا يتمثل في وجودها العسكري، وإنما في قدرتها على أن تظهر لهم أنهمسيتحولون إلى منبوذين دوليين إذا اغتصبوا السلطة بالقوة.
“نعرف أنهم يريدون رفع العقوبات، يمكن أن نبدأ هذا كمحفز إيجابي لبدء المفاوضات”، كما قال بارنت روبين، المستشار السابق في وزارة الخارجية.
وأضاف أن التمديد يجب أن يكون تجربة لمرة واحدة، وليس إقامة مفتوحة؛ “وإذا لم يؤت ثماره بحلول 1 نوفمبر، فيجب علينا أن نغادر. كما يجب علينا أن نخبر الناس مقدما بأن هذا ما سنفعله”.
يبدو هذا وكأنه إجابة معقولة. وبعد 19 عاما، وأكثر من 2400 قتيل، لا نتحمل أي مسؤولية لمواصلة دعم حكومة لا يمكن لهذا الدعم أن يجعلها تعمل . ولكن لا تزال هناك حجة أخلاقية لمحاولة ترك الطريق الصحيح، لفعل ما وسعنا لتجنب الفوضى التي لا داعي لها على طريق الخروج.
ستة أشهر ليست فترة أبدية، وإنما فقط وقت كاف لمنح فرصة لمفاوضات السلام.
____________________
دويل ماكمانوس – كاتب في صحيفة Los Angeles Times ومدير برنامج الصحافة في جامعة جورجتاون
*هذه المادة مترجمة. يمكن مطالعة النص الصلي باللغة الإنجليزية من هنا