فن

صدفة البدايات في حياة النجوم (6) أنور وجدي

في الحادي عشر من اكتوبر عام 1904  وفي حي الظاهر بالقاهرة  ولد الطفل محمد أنور لأب  جاء الى مصر من سوريا    يدعى يحيي الفتال  كان تاجر اقمشة بحلب تعرضت تجارته للكساد والبوار فاعلن افلاسه وجاء الى مصر على باب الله باحثا عن  رزق جديد في ارض جديدة   واستقر الشاب السوري في حي الظاهر وتزوج فتاة من الظاهر اسمها مهيبة الركابي و كونا اسرة من ولد هو انور وثلاث بنات اخريات

في القاهرة تراوحت احوال الاسرة المادية بين يسر وعسر .. يسر أتاح للأب أن يلحق نجله  أنور بمدرسة الفرير الفرنسية التي التحق بها بعض النجوم العرب الذين جاؤوا  الى مصر في طفولتهم مثل نجيب الريحاني وفريد الاطرش واسمهان .. وعسر جعل استمرار الفتى الصغير في المدرسة العريقة بمصروفاتها الكبيرة امرا صعبا .. ثم ان انور لم يكنن يروق له التعليم والدراسة فقد كان يفكر في امر آخر مختلف تماما  .. اذ كان حلمه الكبير أن يصبح نجما من نجوم المسرح  ثم اتسعت دائرة الحلم كثيرا حين تعرف انور الى الافلام الامريكية وسينما هوليود  .. كان حلم انور  أن يهرب الى امريكا ليصبح ممثلا ونجما في السينما الهوليوودية

 ووضع انور خطة للهروب الى امريكا مع صديقين له كان لهما نفس حلمه في السفر لبلاد الكاوبوي .. وتسلل الثلاثة الى احدى السفن التي كانت تستعد للابحار في البحر المتوسط من ميناء بور سعيد لكن امر التلاميذ الثلاثة انكشف وقبض عليهم وعاد انور الي بيت والده حزينا مهزوما

وغضب والد انور منه غضبا شديدا وادرك ان نداهة الفن اوقعت ابنه في غرامها وانه لا فائدة من محاولات  نصحه وارشاده للبعد عن هذا الطريق القاتل كما كان يرى الاب المصدوم في ابنه

 أنور وجدي خلال رحلة نهرية مع بعض أعضاء فرقة رمسيس يوسف وهبي وروحية خالد
أنور وجدي خلال رحلة نهرية مع بعض أعضاء فرقة رمسيس يوسف وهبي وروحية خالد

شريد على أبواب المسارح

ووجد انور وجدي نفسه مطرودا ووحيدا  لكنه  ظل قابضا على حلمه ..أخذ الشاب الصغير يتردد على مسارح  شارع عماد الدين وقرر ان تكون اقامته  فى نطاق هذه المسارح .. امامها وخلفها وعلى ابواب دخولها وكان يتسكع  امام كل مسارح عماد الدين وينام بجوارها واحيانا بداخلها بعد ان عقد صداقات مع حراسها وعمالها وصار انور وجدي وجها مألوفا تماما لكل العاملين ولكثير من الممثلين والنجوم

لكن حلمه في ان يصبح كومبارس  يعمل ضمن مجاميع الاعمال المسرحية الصامتة ظل بعيد المنال وكلما حاول ان يقدم نفسه لفنان او لمخرج صُدم بالاهمال والتجاهل

 ظل انور وجدي على هذه الحال الكئيبة حتى داخله الياس واخذ يفكر في العودة لبيت والده والعمل معه في تجارته .. وبينما كان  هاجس العودة لبيته وترك حلم المسرح والفن يلح عليه كثيرا وفي احد الايام  التي كان يقف فيها امام الباب الخلفي لمسرح رمسيس فوجئ انور  بيوسف بك وهبي في وجهه .. ولم يترك الفتى النابه الفرصة هذه المرة تقدم انور من يوسف بيه وعرفه بنفسه  :يا يوسف بيه أنا  ابحث عن فرصة للعمل في المسرح منذ سنوات   ولكن كل الابواب مغلقة .. اعطني الفرصة  ولو حتى اعمل شاي وقهوة للفنانين ولو حتى اكنس غرف  المسرح المهم ان اتواجد  في المسرح .. وشعر يوسف وهبي بصدق الفتى وبانه يحتاج لفرصة فعلا لكنه اراد ان يختبر صموده وعزيمته فنظر اليه بدون اهتمام وقال له . مش دلوقتي ابقى قابلني مرة تانية .. وتركه ودخل المسرح  وفي ذهنه انه لو استمر هذا الشاب الصغير في الحاحه فسوف يستجيب له ويمنحه الفرصة ..لكن جملة “ابقى قابلني مرة تانية كانت بالنسبة لانور هي القشة التي  تعلق بها

فاخر فاخر ويوسف وهبى وأنور وجدي
فاخر فاخر ويوسف وهبى وأنور وجدي

في تلك الفترة كان انور قد تقرب من الريجسير قاسم وجدي واصبح يلح عليه بخصوص فرصة في المجاميع لكن قاسم وجدي لم  يجد لانور اية فرصة تناسبه لدخول المسرح ربما لان قاسم وجدي نفسه لم يكن له اعتبار  كبير في تلك الفترة

وانتظر انور قدوم قاسم وجدي وحين التقاه اخبره بقصة لقائه مع يوسف وهبي .. وأنه وعده بفرصة اذا قابله مرة اخرى ورغم ان قاسم وجدي  لم يكن  قادرا على تقديم خدمة حقيقية لانور الا انه حين اخبره بقصة لقائه بيوسف وهبي   تهللت اساريره    و ادرك ان رد  وهبي يعني انه قد  يمنح انور  فرصة في مسرحه  وعليه – قاسم وجدي – ان يحاول ان يمنحه الفرصة الذهبية بتقديمه مرة أخرى ليوسف بيه

وبالفعل وبعد ايام اخذ قاسم وجدي الشاب انور ليقدمه ليوسف وهبي مرة اخرى وهنا تذكر وهبي انور جيدا  وربت على كتفه وقال لقاسم وجدى : خليه يشتغل معاك  يسلم الاوردرات للفنانين وبالفعل تسلم انور وظيفته التي ظل يحلم بها لانها ستوصله لحلمه الكبير وعمل مع قاسم وجدي مساعد ريجسير  ولشغفه بالمسرح وحبه له   قربه يوسف وهبي منه اكثر حتى  عينه سكرتيرا خاصا له

من هنا جاءت فرصة العمل بالمسرح لانور وجدي  بعد عذاب وتشرد  طويل فعمل في  المجاميع الصامتة كما ادى دور  ضابط روماني صامت في مسرحية يوليوس قيصر  واصبح يتقاضي اربعة جنيهات في الشهر  واستاجر حجرة فوق السطوح بالاشتراك  مع زميله عبد السلام النابلسي لتبدا مسيرة انور  بعدها حيث كتب مسرحيات من فصل واحد  لفرقة بديعة مصابني  ثم اصبح يكتب فواصل  مسرحية خفيفة  ثم عمل مؤلفا ومخرجا اذاعيا  وفي عام 1931 ادى انور دورا رئيسيا في مسرحية الدفاع  ثم ترك انور فرقة رمسيس لينضم لفرقة عبد الرحمن رشدي ومنها ينتقل الى الفرقة القومية نظير اجر شهري قدره ستة جنيهات

 حلم السينما

لكن حلم السينما الكبير ظل يكبر في عقل انور حتى جاءته الفرصة بدور صغير من خلال  يوسف وهبي ايضا في فيلم اولاد الذوات عام 32 ثم مثل عام 35 في فيلم الدفاع وعام 38 في فيلم اجنحة الصحراء ثم تاتى مرحلة الاربعينيات  لتبدا نجومية انور الحقيقية  ليمثل  حوالي 20 فيلما في الفترة من عام 40 الى 45 كان يقوم في اغلبها بادوار الفتى المدلل ابن الذوات والباشوات وساعده شكله الوسيم على ان يتكالب المنتجون والمخرجون عليه بعد ان اصبح  الكاركتر الذي يمثله مطلوبا جدا  لينتقل انور بعدها لمرحلة النجومية الكاملة ليصبح الفتى الاول بعد ان اصبح بارعا في التمثيل والاخراج والانتاج  ليؤسس شركة انتاج كبرى  ويشكل ثنائيا ناجحا جدا مع زوجته ليلى مراد  ويمثل عددا كبيرا من الافلام الناجحة مثل ليلى بنت الفقراء واارع بنات وضابط وطلاق سعاد هانم  وغزل البنات وامير الانتقام وغرام وانتقام وليكون اسمه موجودا في ستة افلام ضمن افضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية هي العزيمة وغزل البنات وريا وسكينة وامير الانتقام والوحش وغرام وانتقام منها اربعة افلام بطولة مطلقة

ويبقى ان انور اختار  اسم وجدي ليصبح اسمه الفني انور وجدي  وفاء لمن قدمه ليوسف وهبي في المرة الثانية التى قابله فيها ليمنحه الفرصة فقد  ادرك انور  ان ذلك اللقاء الذي جمعه فيه قاسم وجدى بيوسف وهبي كان هو الفاصل في انطلاق موهبته ونجوميته وربما لو لم يحدث لعاد الى بيت والده ولاصبح تاجرا  بدلا من ان يكون ذلك النجم الشهير .. انور وجدي

Related Articles

Back to top button

Adblock Detected

Please consider supporting us by disabling your ad blocker