مختارات

كورونا.. جاء دور الجنوب الفقير

بقلم د.أشرف عمر الفقي، نقلًا عن صفحته على الفيسبوك

جاء الآن الدور علي الجنوب الفقير (و منه مصر) أن تضربه الموجة الثالثة فغالباً نتيجة لقوة مناعية بيولوچية لدي ساكنى الدول الأفقر سرى الفيروس ببطء ملاحظ فيها الشهور الماضية مقارنة بدول الشمال الغنى الذي انهارت مناعته أسرع قبل أن تجئ الذروة في دول الجنوب الفقير الآن بعد شهور من ذروتها في الشمال الغنى…

١٣ دولة من قائمة ال١٤ دولة الأعلي وباء اليوم و لأول مرة تنتمى لدول الجنوب الفقير النامى فقير المال و التلقيح…الهند باكستان البرازيل شيلي المكسيك جنوب افريقيا (و لا أتمنى أن يكون دور مصر قادم في تلك القائمة الملتهبة رغم الشواهد الجارية)…العشوائيات و القرى في هذه الدول اليوم في يدها مفاتيح دفع هذه الدول خمسين سنة الي الوراء جراء إشتعال الوضع الوبائي الجارى فيها لكثافة سكانها و ما يتتبعه ذلك من ارتفاع صاروخى للإفلاس و الاستدانة (علي مستوى الشخص أو الدولة)..أمثلة عديدة من عشوائيات مدينة مومباي الهندية أو كانو النجيرية فيها أعلي كثافة للجنس البشرى في المتر المربع و تستهدف الموجة الحالية عشوائيات و قرى في دول أخرى لا نريد أن تكون منها قنا أو إمبابة جنباً الي جنب مع مومباي و كانو ..ماذا يعنى ذلك؟؟…

كورونا الهند
كورونا في الهند

١- سيأخذ الجنوب الفقير وقتا أطول حتما لمصارعة محنته مقارنة بالشمال الغنى…قد يقوم البعض منهم من هذه العسرة و لكن من المؤكد أن البعض الأخر سيتعثر لسنوات قادمة طويلة حتى يقوم ثانية (و قد لا يقوم) منذرا بشكل مختلف تماما للخريطة الاجتماعية و السياسية علي المستوى العالمى و الاقليمى بعد ينطفئ حريق الوباء….الهند و باكستان و مصر و جنوب إفريقيا فيهم وحدهم ثلث سكان جنوب الكرة و هم الآن في مرمى نيران الفيروس و نصب عينه و في حين إنهارت جنوب إفريقيا تحت وطأة الفيروس و تنهار الآن الهند ..يحب أن تأخذ الحكومة المصرية و خاصة سلطتى الصحة و المحليات فيها إجراءات شديدة القسوة خلال الساعات القادمة لمواجهة ما هو آت و للأسف أراها إما رخوة للغاية و إما غارقة في حالة الانكار (وزيرة الصحة المصرية عندما سألها إعلامى لامع أمس عن الوضع الوبائي في سوهاج قالت كله تمام و أي كلام غير كده محض شائعات!!)

٢- قد تتعامل مصر في السنوات القليلة القادمة مع قارة إفريقية غارقة في الفقر و الديون (اكثر مما هي اصلا عليه) إذا استشرى الوضع في دولها خاصة تلك جنوب خط الاستواء أو اذا تأخر حصولهم علي لقاحه، و قد يعيد ذلك تشكيل المعادلة الاقليمية الچيوسياسية علي حدود الدولة المصرية اذا استشرى الوباء أكثر لدي جار جنوبي يناطحنا في حصة مياهنا (إثيوبيا) أو جارٍ غربي أكل عليه أصلاً الارهاب و شرب (ليبيا) أو جار جنوب غربي (تشاد) قذف الارهاب برئيسه منذ أيام، فإذا بالاوضاع الوبائية تغرقهم أكثر في الرجوع للوراء أو بالإستئثار بما لديهم من موارد أو بمناوشة جارتهم الكبرى في الشهور و السنوات القادمة….

٣- في حين لا أخفى تحفظي علي مناولة و إدارة الوضع الوبائي علي المستوى المحلي في مصر لكن علي الجانب الآخر قد أحسنت الادارة المصرية صنعا باهتمامها في مواجهة ملف العشوائيات الخمس سنوات الماضية لمًا له من دور في تفكيك كثافة المتر المربع و عليه فأثر ايجابي في الحد من الانتشار “اللهيبي” للمرض مبرزا أن المواجهة الصريحة للملفات الاجتماعية قد تعفي الدولة من تكاليف صارخة بعدها في أوضاع استثنائية كالتى نعيشها

٤- أثبتت أنظمة التأمين الصحى علي مستوى عدد من الدول انها مظلات كرتونية لا تغنى ولا تسمن من جوع و لم تساند شعوبها في جائحة كتلك علي عكس دول أخرى أثبتت فيها هذه المظلات انها الملاذ الامن لشعوبها كما في حال هيئة التامين الصحى البريطانى (NHS) و التى عولج فيها رئيس وزراء بريطانيا شخصيا …مما يؤكد أهمية ضخ موارد كثيفة في مصر لاستنساخ هذه المظلات التى تبحث الشعوب عنها في ليالي ممطرة كالتى نعيشها…

لابد أن تنظر مصر حولها لما حدث ال ١٤ شهر الماضية و تستشرف ماذا سيحدث في ال١٤ القادمين لرسم سياستنا صحيا و اجتماعيا و شعبيا في ضوء المعطيات الدينامكية الطبيعة التى يحركها كائن لا نراه بالعين المجردة …و أضمنلك أن العالم سيواجه مثله مرة أخرى في غضون عشر سنوات قادمة …

قد يكون لنا في قلب كل محنة منحة…..محنتنا هى في وقوفنا مذهولين متجمدين (كما يحدث الآن) أمام الموجة المتعالية غير قادرين علي مواجهة و مكاشفة و إجراءات استباقية إجهاضية سريعة قد تستلزم الحظر تارة أو الغرامات القاسية تارة أخرى ….أما منحتنا هى أن ندرس جيدا في ظل “عادي جديد” قادم قد يحمل لنا إضافة إذا تحركنا جيداً علي المستوى المحلي و الإقليمى …و الآن!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock