فن

رحيل الفنان أحمد خليل.. وداعا جوكر الفن الهادف

رحل الفنان الكبير أحمد خليل، وأضحت الشائعة التي ترددت منذ سنوات حول وفاته؛ حقيقة مؤكدة.. مضى إلى لقاء ربه بعد أن هزمه كورونا اللعين، وتبقى أعماله المتنوعة لتؤرخ  لسيرة ومسيرة فنان أحبه جمهوره كثيرا لتنوع أدواره التي تنقَّل بينها ببراعة شديدة؛ دون كبير عناء.

كان خليل من ذلك الجيل الذي حمل رسالة الفن السامية؛ ارتقاءً بالذوق العام ونشرا للوعي؛ وليس سبيلا للكسب السريع مثل من ارتفعت أسهمهم مع موجة أفلام المقاولات التي ازدحمت بمشاهد لفتيات الليل والراقصات دون مبرر درامي.

لم تخض أقدام الرجل في مستنقع تزيين العنف والبلطجة للشباب؛ ليقعوا في رذيلة التقليد الأعمى بينما يدفع المجتمع الثمن من أمنه واستقراره؛ كما فعل البعض من محدثي التمثيل في عصرنا هذا.

كان الرجل يتفاخر حتى أيامه الأخيرة بأنَّه لم يقدم عملا واحدا يتضمن لفظا خارجا أو خادشا للحياء.. وبحسب تعبيره ” لم أقدم عملا واحدا يمكن أن تخجل منه زوجتي أو بناتي” هذا درس الفن كما يجب أن يكون، ووصية الفنان الحقيقي لكل من ضلوا السبل فأصبح كل شيء يقاس لديهم بحسابات المكسب والخسارة المادية.

شارك خليل في تجربة مسرح الجيب، التي قدمها الراحل كرم مطاوع، من تسع مسرحيات خلال عامين، تألق فيها بموهبة فنية استثنائية؛ أعطت له مساحات كبيرة للحركة وتقمص الأدوار ورسم الشخصيات، وكان من أبرز هذه المسرحيات “يا طالع الشجرة” و”ياسين وبهية” و “حب تحت الحراسة” وبعد ذلك صدر قرار بإلغاء هذه  التجربة الفنية بالغة الثراء.

لم يكن “خليل” من أولئك الباحثين عن البطولة المطلقة، أو المشغولين بوضع اسمه في مقدمة تتر العمل، كان اهتمامه الأساسي مُنْصَبًّا على أن يكون هناك قيمة مضافة تقدم للجمهور بعد أن يسدل الستار وتظهر كلمة النهاية، إدراكا منه أنَّ العمل الفني الناجح، هو إبداع جماعي بالأساس بعيدا عن أوهام البطل الأوحد، التي غرق فيها البعض.

من منا يمكن أن ينسى دوره في رائعة أحمد زكى “ضد الحكومة”  أو أدواره في “إعدام بريء” و”هوانم جاردن سيتي” و”الصقر” و”أبو حنيفة النعمان” وغيرها؛ فاستحق بذلك الكثير من الجوائز والتكريمات على مدار تاريخه الطويل.

لكن يظل “عطا المراكبي” في “حديث الصباح والمساء” واحدا من أهم أدوار الفنان الراحل على الإطلاق؛  حيث جسَّد خلاله قصة حب بين رجل فقير، وامرأة تنحدر من أحدى العائلات بالغة الثراء.

لقَّب البعض الفنان الراحل بالجوكر، حيث تنقل باقتدار شديد بين أدوار الخير والشر، وكان له حضوره الطاغي على الشاشة في كل الحالات، ولم يمنعه –من ذلك– تقدمه في العمر.

تزوَّج من الفنانة سهير البابلي لمدة عامين قبل أن ينفصلا، فكان  ترتيبه الخامس بين أزواجها. وكانت العلاقة بين الطرفين قد بدأت بلقاء خلال تصوير أحد الأعمال الفنية؛ وسرعان ما جمع الحب بينهما؛ فتزوجا قبل أن ينتهيا من العمل نفسه. وكان “خليل” مازال في بداية مشواره؛ أمَّا “سهير” فكانت ممثلة شهيرة، وربما يكون هذا هو السبب في أن زواجهما لم يدم طويلا. كما اعترف “خليل” بنفسه خلال حوار تليفزيوني؛ مع “محمود سعد” لكنَّه تزوج بعد ذلك بألمانية –هي أم بناته– وهي من ظلت معه حتى النهاية.

ولد أحمد خليل في 15 يناير عام  1941، بمحافظة الدقهلية.. وتخرَّج في معهد السينما عام 1965، وظل قادرا على العطاء حتى أعلن إصابته بفيروس كورونا، حيث خضع للعلاج وغادر المستشفى قبل أن يعود إليه مجددا بعد تدهور حالته الصحية قبل أن يفارق الحياة  عن عمر ناهز الـ 80 عاما .

غاب الكثير من نجوم الفن اليوم عن جنازة الراحل؛ لكنَّه أبدا لن يغيب عن ذاكرة ملايين المشاهدين الذين ارتبطوا به وأحبوه من خلال أدواره الرائعة وفنه الملتزم بقيم أمته وقضاياها. رحم الله الفنان القدير أحمد خليل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock