رؤى

«حول التصعيد في وسط أوروبا» رؤية عابرة

تمثل أوكرانيا منذ ٢٠١٤، وإلى اليوم مشكلة كبرى للأمن العالمي.. هناك استقطاب متسارع.. وتعبئة وحشود.. وهناك أيضًا تصعيد مركب لفظي ودبلوماسي وعسكري.. ربما ما نراه قد لا يزيد عن اللعب باستراتيجية حافة الهاوية.. وربما يكون السقوط الفعلي إلى هاوية.. الحرب تحتاج إلى شروط مسبقة، وكثير منها قائم.. وإلى عامل مفجر.. ولا أستبعد وقوع حدث يتصف بالحماقة.. لكنها في تصوري لن تقع ما لم نجد مئات الآلاف من الجنود الأمريكيين يقفون على الحدود بين روسيا وأوكرانيا.. والأرجح ألا يحدث.. أمريكا لن تورّط نفسها في أوروبا بهذه الطريقة المكلفة.. ستصرخ وتندد وتعاقب.. مفهوم؛ لكنها ستسلم بغلظة “بوتين” فيما تعتبره روسيا جوارها القريب الذي يمنع على الغرب الاقتراب منه أو العبث معه.. معركة أمريكا أبعد من أوكرانيا.. لن تخوض حربا في وسط أوروبا تعزز بسببها التناغم والتنسيق الروسي الصيني.. معركتها ليست في تقريب روسيا إلى الصين وإنما في إبعاد الطرفين عن بعضهما..

روسيا وأوكرانيا

 لهذا ستتجرع مرارة توسع “بوتين” في أوكرانيا.. ستشجب وتفرض عقوبات شديدة.. لكنها لن تخوض بنفسها الحرب.. ستدعم حروبًا بالوكالة.. هذا أقصى مدى مسلح ممكن أن تمضي إليه.. لكنها بالطبع ستوظف كل قاموس التنديد الدبلوماسي، وتطبق كل ما أمكنها من أدوات العقوبات الاقتصادية.. لعبة الأمم طويلة ومركبة تخوضها القوى الكبرى بصبر ومكر وغدر.. القوى الكبرى ليست مثل غيرها.. لا تضع عينيها على بعض قطع الشطرنج وإنما تمعن النظر وتبقيه شاخصًا على رقعة الشطرنج كاملة.. المكسب الاكبر لأمريكا ليس في شل يد بوتين عن أوكرانيا، برغم أهميته، وإنما في وقف التقارب الروسي الصيني، وليس تشجيعه.. لنرى ماذا تخبئ الأيام.. ولنحذر عندما يدعونا أو يشجعنا الكبار على مشاركتهم في لعبة الأمم.

د.إبراهيم عرفات

أستاذ العلوم السياسية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock