رؤى

عهدي صادق.. رحيل ابتسامة خالصة

لعل أول ما لاحظته عليه حين التقيته منذ سنوات مضت، هو ابتسامته الصافية التي يبادرك بها، حين يصافح يدك وثقافته الموسوعية المتشعبة التي تشمل مجالات عدة ولا تقتصر على مجاله كممثل.

إنه عهدي صادق بشاي، الذي عرفه الجمهور العربي باسم عهدي صادق، والذي رحل عن دنيانا عن عمر ناهز الـ٧٢ عاما بعد مسيرة حافلة بالإبداع على خشبة المسرح، وعلى الشاشتين الفضية والصغيرة.

انطلقت مسيرة صادق الذي وُلد في قاهرة المعز عام ١٩٥٠، من خلال عمل مسرحي حمل اسم مدينته وهو “القاهرة في ألف عام” عام ١٩٦٩، والذي تناول – كما يدل عنوانه– تاريخ المدينة في ذكرى مرور ألف عام على تأسيسها، وجسّد من خلاله عهدي دور السلطان العثماني سليم الأول.

وعلى مدار السبعينات، واتت الممثل الموهوب الفرصة للتألق في أدوار صغيرة نسبيا، على شاشة السينما مثل “مدينة الصمت” عام ١٩٧٣، و”المغنواتي” عام ١٩٧٩، و”أنياب” عام ١٩٨١، الذي جسّد من خلاله ببراعة دور الأحدب تابع مصاص الدماء الكونت دراكولا، كما تعاون مع المخرج الكبير يوسف شاهين في فيلم “اليوم السادس”.

وبداية من عام ١٩٨٥، بدأ مسيرته الإبداعية على شاشة التلفاز، من خلال أدوار مميزة في أعمال درامية مثل: الموسم الثاني من “الشهد والدموع” والذي لعب فيه دور “مظهر” الذي يخوض رحلة صعود اجتماعي بفضل دهائه الشديد.

وفي عام ١٩٨٧، يبدأ صادق رحلته مع واحد من أبرز أدواره على الاطلاق، وأحبها إلى الجمهور، وهو دور “خميس” أو “الخُمس” في المسلسل الملحمي “ليالي الحلمية”.

أراد مؤلف العمل الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة، أن يجعل من كل من “الخُمس” الذي جسده صادق، ورفيق دربه “بِسّه” الذي جسده الراحل محمد متولي، نموذجين للصوص المحروسة، إذ تبدأ مسيرتهما بجمع أعقاب السجائر والتجارة مع المحتل الإنجليزي، ثم يتخفيان خلف ستار تجارة مشروعة في الستينات، ثم يعودان بملايين المال والقوة مع الانفتاح الاقتصادي في السبعينات؛ ليكونا معبرين بحق عن كافة التغيرات التي مر بها المجتمع المصري على مدار نصف قرن.

عهدي صادق في دور الخمس من ليالي الحلمية
عهدي صادق في دور الخمس من ليالي الحلمية

وفي مسلسل “رأفت الهجان” أدى صادق دور الصهيوني فيليب الذي يُكلّف من قِبل خلية صهيونية في مصر بتفجير مرافق أمريكية وبريطانية.. ويؤدي القبض عليه إلى كشف الشبكة فيما عُرف ب”فضيحة لافون”.

ويعود صادق لتجسيد دور الصهيوني مرة أخرى عام ٢٠٠٢ من خلال مسلسل “فارس بلا جواد” والذي وصف شخصيته فيه بـ”الصهيوني المفكر” الذي يسعى لتهجير يهود مصر إلى فلسطين.

ومثل هذا الدور.. كانت فكرة السطو على تاريخ الأمة، مسيطرة على عدد آخر من أدوار صادق مثل دور “الخواجة” في مسلسل “حلم الجنوبي” الذي يتاجر بآثار مصر.

إلا أن الخواجة حين يجسده صادق ليس دائما عدوا بل يمكن أن يكون مصريا خالصاً مثل دور صادق في مسلسل “زيزينيا” حين أدى دور “تودري” اليوناني الذي يعتبر الإسكندرية موطنه ومدينته ويشارك في النضال مع المصريين ضد الاحتلال البريطاني.

ولم تكن الكوميديا بعيدة عن إبداعات صادق كمشاركته في الفوازير مثل “حاجات ومحتاجات” مع شريهان أو في أعمال من نوعية “الكبير قوي” مع أحمد مكي أو “لهفة” مع دنيا سمير غانم وغيرها من الأعمال التي أثبتت قدرته على رسم الابتسامة على وجه الجمهور، تماما كقدرته على تجسيد الأدوار الدرامية.

 وكان آخر أعمال صادق على الشاشة الصغيرة هو مسلسل “السر” الذي لم يعرض بعد والذي شارك في بطولته مع حسين فهمى ووفاء عامر وعدد كبير من الممثلين الشبان.

رحل عهدي صادق الذي لم يحظ يوما بفرصة البطولة المطلقة رغم موهبته، لكنه كان دوما عبر مشواره الطويل صاحب الأدوار المميزة والمقربة إلى قلوب الجماهير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock