أى مستقبل ينتظر تويتر بعد إعلان إيلون ماسك الهيمنة عليه؟ هذا هو السؤال الذي يتردد بقوة في مختلف أرجاء العالم، بعد اتفاق يسمح باستحواذ الرئيس التنفيذي لشركة تسلا الأمريكية على موقع التواصل الاجتماعي الشهير مقابل 44 مليار دولار.
تصريحات ماسك المتلاحقة، أثارت قلقا لدي البعض حول مستقبل تويتر، حيث قال في وقت سابق أن الموقع بحاجة لأن يعمل كشركة خاصة؛ من أجل أن ينمو ويصبح منصة حقيقية لحرية التعبير، كما انتقد صراحة إيقاف حساب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لأن تصريحاته “كانت تحرض على العنف” وفقا للموقع، وقال ماسك أنه لن يقف في وجه حرية التعبير أيًا كانت.
كما أكد ماسك عزمه العمل على ما وصفه بتخليص الموقع من المحتالين والروبوتات، لإنشاء مكان أكثر أمانا للمستخدمين، لكنه لم يتطرق في هذا الصدد صراحة إلى أى ذكر إلى الكيفية التي سوف يعتمد عليها لتحديد ماهية المحتوى الاحتيالي.
في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها؛ لم تتردد بعض الأصوات في الإعلان صراحة عن المخاوف القوية لديها، من أن يستغل المليادرير الأمريكي هيمنته على تويتر في تصفية الحسابات مع خصومه وتعزيز مصالحه الخاصة على حساب منافسيه، وهناك حالة من الترقب الآن لمعرفة الطريقة التي سوف يتصرف بها الرجل، فيما يتصل بتغريدات محل خلاف بينه وبين صحفيين أو رجال أعمال منافسين.
منذ عدة سنوات.. تطالب بعض الحكومات الاستبدادية بفرض نوع من الرقابة على تويتر، وإذا كان من المستبعد أن يستجيب “ماسك” لطلب من هذا النوع بشكل مباشر؛ فإن هناك مخاوف من أن يلجأ في المقابل إلى تقديم تنازلات أخرى حرصا على مصالحه الاقتصادية كرجل أعمال وهو الأمر الذى من شأنه أن يلحق ضررا بالغا بسمعة موقع التواصل الاجتماعي الشهير.
كي تتضح الصورة أكثر –في هذا الصدد– يمكن الإشارة إلى أهمية تحسين العلاقات مع دولة مثل الصين التي تعد واحدة من أكبر أسواق السيارات في العالم لـ”ماسك” الذي يمتلك أيضا شركة تسلا، وهو ما يعني أن النفوذ الصيني في ساحة تويتر أصبح أكبر في عهده، في ظل لعبة المصالح المشتركة التي تحكم علاقة ماسك وبكين.
بالنسبة لـ”ماسك” فإن الهيمنة على تويتر تمنحه نفوذا سياسيا هائلا، ومن البديهي –لملياردير مثله– أن يقوم جاهدا بتوظيفه لمضاعفه أرباحه ومكاسبه الاقتصادية، وفي هذا الصدد يمكن أن نطالع تصريحات أنجيلو كاروسوني، رئيس “ميديا ماتيرز” وهي مجموعة رقابية دعت تويتر إلى الحفاظ على قواعد منصتها الحالية حيث دق جرس تحذير من خطورة إتمام مثل هذه الصفقة قائلا: “هذه الصفقة المحتملة تتعلق بما هو أكثر بكثير من مجرد مستقبل تويتر، فالبيع إلى “إيلون ماسك” دون أي شروط سيلوث النظام البيئي للمعلومات بأكمله من خلال فتح بوابة من الكراهية والأكاذيب”.
ربما يبدو عدد مستخدمي تويتر الذى يقدر بـ 217 مليون شخص؛ أقل بشكل كبير عن ما تتمتع به شركة ميتا المنافسة؛ لكن الإشارة إلى التأثير الكبير لتويتر الذى يبقي الساحة المفضلة للكثير من السياسيين والمشاهير وقادة المجتمع؛ تجعله مصدرا مهما للأخبار وللتأثير حول العالم؛ لذا فإن مساس “ماسك” بعملية تدفق المحتوى عليه؛ سيكون له تداعيات على نطاق واسع.
حقق “ماسك” نجاحا كبيرا في مجال الاقتصاد، والدليل على ذلك الأرباح الهائلة التي يجنيها سنويا، لكن تجربة إدارة موقع تواصل اجتماعي شهير مثل تويتر؛ لاتبدو من الناحية النظرية كأحد مشاريع البيزنس التي يتقنها الرجل جيدا، ولذلك فإن تجربة تويتر في عهد “ماسك” تبدو محفوفة بالمخاطر دون أى قدر من المبالغة، وفي هذا الصدد لايمكن فقط الاعتماد على التصريحات الوردية التي أدلى بها، والتي يقول فيها أنه يريد أن يجعل تويتر افضل من أى وقت مضى.
ومما يتردد أن صفقة استحواذ “ماسك” على تويتر لم تحسم بشكل كامل، وهناك مخاوف من أن يتراجع عنها الملياردير الأمريكي المعروف بتردده في أية لحظة؛ لسبب أو لأخر خاصة أن حسابات المكسب والخسارة ولغة الأرقام هى التي تهيمن على تفكيره حتى النهاية.
في المحصلة فإننا سنحتاج إلى المزيد من الوقت قبل أن يتم إبرام هذه الصفقة بشكل نهائي، وبعدها فإننا جميعا سنكون مدعوون إلى مراقبة تويتر في عهد “ماسك” لمعرفة إلى أي مستقبل يقود الملياردير الأمريكي موقع التواصل الاجتماعي الشهير.
في وقت لاحق من هذا العام يتوقع بنسبة كبيرة أن يتولى “ماسك” إدارة شركة تويتر بعد اتمام الصفقة، وهو ما يثير قدرا كبيرا من المخاوف لدي العاملين بالشركة الذين يشعرون بالقلق من الطريقة التي سوف يقوم بالتصرف بها، والتي ربما تؤدي إلى تسريح أعداد كبيرة منهم من العمل بشكل مفاجئ بحجة ترشيد النفقات.
وبحسب الأرقام يعد “إيلون ماسك” أغنى أغنياء العالم إذ تقدر مجلة “فوربس” ثروته بنحو 245 مليار دولار، لكن معظم ثروته مرتبط بأسهم تسلا (شركة صناعة السيارات الكهربائية التي يرأسها) وفي الأسبوع الماضي أعلن أنه باع أسهما في تسلا تصل قيمتها إلى 8.5 مليار دولار في أعقاب اتفاقه لشراء تويتر.