ثقافة

100 عام على ميلاد محمود أمين العالم.. مفكر موسوعي ومناضل صلب

أكد سياسيون ومثقفون أن جزءا كبيرا جدا من تراث المفكر الكبير محمود أمين العالم لم يجمع حتى الآن؛ مشددين على أهمية إلقاء الضوء على الكثير من المعارك الفكرية التي خاضها؛ حتى تعلم الأجيال الجديدة طبيعة الدور الذى لعبه مفكرا ومناضلا؛ قدّم إسهاماتٍ كبري في مسيرة التنوير في مصر.

وأضافوا خلال احتفالية “100 عام على ميلاد محمود أمين العالم” والتي أقيمت بحزب التجمع مساء السبت 26 فبراير، أن العالِم دفع غاليا ثمن الكثير من قناعاته، لافتين إلى أنه ظل مشغولا إلى أخر يوم في عمره بقضايا التنوير، كما تميّز بأسلوبه السلس الذى استطاع أن يصل به إلى الكثير من شرائح المجتمع .

وقال المهندس أحمد بهاء شعبان أمين عام الحزب الاشتراكي المصري: أن استكمال تراث العالم، مهمة تقع على عاتقنا جميعا، خاصة ما لم ينشر منه حتى اليوم وهو جزء هام.. مشيرا إلى أن هذا الرمز الكبير كان له دور بارز مناضلا ومفكرا، وقد ترك بصماتٍ واضحة في الحياة الثقافية والفكرية المصرية، ومازالت كتبه التي تحمل رؤى تقدمية – مرجعا للكثيرين.

احتفالية 100 عام على ميلاد محمود أمين العالم
احتفالية 100 عام على ميلاد محمود أمين العالم

الدكتور أنور مغيث  أستاذ الفلسفة والمدير السابق للمركز القومي للترجمة، أشار إلى أن محمود أمين العالم خاض مجموعة كبيرة من المعارك الفكرية خلال الخمسينات والستينات، وكان لهذه المعارك تأثير واضح على الحراك الثقافي في بلادنا، بدأت مع زكى نجيب بمقال “ما وراء المدرك الحسى” وامتدت بينهما بعد ذلك إلى الفلسفة الخاصة بالنظام الاشتراكي، في الستينات حيث كانت هناك قناعة في ذلك الوقت؛ بأن أي نظام سياسي يجب أن يستند إلى إطار فلسفي، واقترح زكى نجيب محمود البرجماتية فلسفة للنظام السياسي المصري، وهو ما عارضه محمود أمين العالم مؤكدا أنه لا يصح لنظام تحرري أن يعتنق نفس الفلسفة التي تؤمن بها القوى الاستعمارية، واقترح في المقابل أن تكون الاشتراكية العلمية هي فلسفة نظام الحكم المصري في الستينات.

وأضاف أن العالم حرر التباسا كبيرا أوجدته بعض القوى، عند الحديث عن الهوية والتمييز بين الأنا والآخر، وهو التفرقة بين الحضارة والثقافة، فكل مجتمع له خصوصيته الثقافية، ولكننا جميعا نعيش في ظل حضارة إنسانية واحدة، فلو تحدثنا اليوم عن الصين؛ فإننا لا يمكن أن نقول أنها تقدم حضارة جديدة أو مختلفة عن الحضارة الأمريكية.. على سبيل المثال، ولكن الصحيح أن لكل منهما ثقافته الخاصة به، وفي هذا الإطار فإننا لا يمكن أن نرفض الفكر الغربي بصورة عامة فهو نتاج جهود مفكرين دفعوا ثمن آرائهم غاليا –في أغلب الأحيان– وليس من إنتاج أنظمة أو حكومات.

وقال أن العالم لم يكن من دعاة الانغلاق على الذات، والبحث عن حلول من داخلنا لمشكلاتنا كما هو حال تيار الإسلام السياسي، فهذه أفكار عفا عليها الزمن؛ حيث كان يؤمن بضرورة أن تتشارك البشرية ما تعيشه من تحديات، وما تبدعه في سبيل التغلب عليها.. فمثلا مشكلة التغيرات المناخية تحتاج إلى تعاون بين جميع دول العالم، ولا يمكن لدولة ما أن تقوم بحلها بمفردها مهما كان حجم ما تمتلكه من إمكانيات.

احتفالية 100 عام على ميلاد محمود أمين العالم
احتفالية 100 عام على ميلاد محمود أمين العالم

أما صلاح عدلي الأمين العام للحزب الشيوعي المصري، فأشار إلى انشغال محمود أمين العالم الكبير بالعديد من القضايا الكبرى، مثل القومية العربية والعولمة وهموم الثقافة والفكر، مشيرا إلى أنه صحح منذ وقت مبكر، وهمًا سيطر على عقول الكثيرين حول موقف الماركسيين العرب من الوحدة العربية، حيث أشيع أنهم معادون لها ومتهاونون على أقل تقدير فيما يتصل بالقضية الفلسطينية، رغم أن الحقائق التاريخية تؤكد خلاف ذلك؛ فالحزب الشيوعي المصري كان أول حزب منظم ينادي بالوحدة العربية، وذلك في عشرينات القرن الماضي فهناك وثيقة صادرة عن عصبة النضال ضد الإمبريالية التي تأسست عام 1927، في بروكسل وشارك فيها وفد من الشيوعيين المصريين، تتحدث عن حق العرب في القضاء على تقسيم وطنهم وتكوين دولتهم الموحدة، كما يدلل على ذلك دعمهم للوحدة بين مصر وسوريا في عام  1958، كما أنهم يؤيدون منذ وقت مبكر التحرير الكامل للوطن الفلسطيني.

وأضاف أن العالم حرص على التمييز بين القضية القومية وبين الفكر القومي رافضا الخلط الذى يحدث بينهما في الكثير من الأحيان، وهو أمر غير دقيق بالمرة، وطبقا لمفهوم العالِم فإن الفكر القومي فكر يتبنى القضية القومية ويناضل من أجل تحقيقها؛ ولكن يغلب عليه الطابع الانفعالي الاستعلائي المثالي، ويفتقد الرؤية الموضوعية للتاريخ والمجتمع والواقع بصفة عامة ويؤمن العالِم أن الكثير من المآسي التي تعرضت لها القضية القومية والقضية الفلسطينية كانت بسبب هذا الفكر القومي.. مشددا على أن القضية القومية ينبغي أن تعالج بمنهج آخر، هو المنهج العقلاني العلمي الموضوعي الذى تتعدد داخله الاجتهادات.

وقال أن العالِم وصل إلى نتيجة هامة، وهى أن تسمية أصحاب الفكر القومي وحدهم بالقوميين، وسحب هذه التسمية عن الماركسيين، أمر غير صحيح وغير دقيق، فالماركسيون قوميون كذلك، وهم ليسوا قوميين فكرا، وإنما قوميين نضالا. ومن هنا ينبع الاختلاف بين الماركسيين وبين مختلف الحركات القومية حول قضية الوحدة العربية والقضية الفلسطينية.

دكتور صلاح السروي أستاذ الأدب المقارن أشار إلى أن نضال محمود أمين العالِم على الجبهة الأدبية والثقافية كان مرتبطا على نحو وثيق بالنضال الذى خاضه على الجبهات السياسية والفكرية، فالكشف في بداية الخمسينات عن طبيعة الأدب الجديد أو الظواهر الجديدة في الأدب لم يكن منفصلا بأي حال عن الكشف عن طبيعة الواقع السياسي الجديد، فالارتباط بين الأدب والواقع كان وثيقا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock