ترجمة: كريم سعد
نادرًا ما تتبع العقوبة الجريمة بهذه السرعة في الأحداث السياسية، حيث تضافرت الأخطاء الفادحة في السياسة الخارجية والداخلية لواشنطن؛ لتسفر عن أسوأ انخفاض في شيكات الرواتب الحقيقية المسجلة، فضلاً عن أقل دعم شعبي للسياسة الاقتصادية الرئاسية.
وأشار تقرير الجمعة الماضية أن أسعار المستهلكين، ارتفعت بنسبة 8.6٪ على أساس سنوي اعتبارًا من يونيو، ما يعني انخفاضًا في الأرباح الأسبوعية المعدلة، حسب التضخم بنحو 4٪، وهو المعدل الأسوأ منذ فترة الركود الكبير 2008-2009. مع الأخذ في الاعتبار التضخم غير المبلغ عنه، في تكاليف المأوى، فإن معدل التضخم الفعلي أقرب إلى 11٪ والانخفاض الحقيقي في الأرباح يبلغ حوالي 7٪.
وهذا يعني انهيارًا سياسيًا لإدارة بايدن، والتي تواجه تصنيفًا رافضًا بنسبة 83٪ لأدائها الاقتصادي. وعلى النقيض من ذلك، كان لدى جيمي كارتر في ذروة التضخم العظيم في السبعينيات تصنيفًا سلبيًا بنسبة 78٪ للأداء الاقتصادي.
وكان التضخم قد ارتفع بالفعل في فبراير، عندما تداول النفط عند 88 دولارًا للبرميل، قبل أن ترفع العقوبات الأمريكية على النفط الروسي، من السعر الذي يدفعه المستهلكون الأمريكيون والأوروبيون. بينما تواصل روسيا تصدير النفط إلى الهند والصين وغيرهما بخصم يزيد عن 30 دولارًا للبرميل، أي بالسعر السائد تقريبًا قبل حرب أوكرانيا.. وبناء على ذلك، لم تبطئ العقوبات روسيا، لكنها ضربت المستهلكين الغربيين.
وتظهر الدراسات الاستقصائية الخاصة التي أجراها “Zillow” و “Apartmentlist” أن تضخم الإيجارات يبلغ حوالي 16٪ على أساس سنوي، وبمعدل سنوي قدره 15٪ خلال شهر مايو. وتقول حكومة الولايات المتحدة أن تضخم العقارات بلغ 5.5٪ فقط خلال العام الماضي. وتعكس الدراسات الاستقصائية الخاصة عقود الإيجار الجديدة بدلاً من المتوسط الذي يدفعه المستأجرون، ولكن المتوسط سوف يلحق بالركب خلال العامين المقبلين، مما يبقي التضخم مرتفعًا.
وبصرف النظر عن الإيجارات، أظهرت العناصر التي يتعين على الأسر شراؤها، بما في ذلك الطعام والوقود، قفزات أكبر بكثير. حيث ارتفع البنزين بنحو 50٪ والمواد الغذائية بأكثر من 10٪.
وأدى نقص النفط الناجم عن العقوبات إلى تفاقم ضغوط الإمدادات التي بدأت بمجرد أن تولت إدارة بايدن السلطة، وتوقفت عن بيع عقود التنقيب عن النفط للأراضي الفيدرالية.
ولم يشجع البيت الأبيض تطوير الهيدروكربون التقليدي، ويعود الفضل في ذلك إلى إدارته التقدمية والواعية للبيئة! مما قلل إمدادات النفط المحلية الأمريكية بحوالي 20 ٪ من ذروة يناير 2020.
إن تقلص الاستثمار في الهيدروكربونات هو السمة الأكثر وضوحًا لتدهور ملف الاستثمار الأمريكي.
إذ قلت طلبيات الآلات من الشركات المصنعة الأمريكية بنسبة 70٪ تقريبًا عن الذروة المسجلة منذ 22 عامًا في عام 2000، وحوالي 30٪ أقل من مستوى عام 2007. حتى الطلبات على الآلات الكهربائية (بما في ذلك أجهزة الكمبيوتر) انخفضت بنحو 10٪ منذ الذروة التاريخية.
ويعد التضخم في الولايات المتحدة في المقام الأول، مشكلة تتعلق بجانب العرض: حيث لا توجد قدرة صناعية أو تعدين كافي لمواجهة تسونامي الطلب الذي أطلق العنان لـ 6 تريليونات دولار في التحفيز الفيدرالي الذي تم دفعه خلال وباء كوفيد.
وهو أيضًا نتيجة ثانوية للسياسة الخارجية، التي تتخذ شكل الكمثرى.. حين عمدت إدارة بايدن إلى سحق الاقتصاد الروسي. وبجانب إن روسيا تتضرر، فكذلك أوروبا والولايات المتحدة أيضًا، وكذلك معظم العالم النامي.
أدت حرب أوكرانيا والعقوبات الغربية إلى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، ما أدى إلى انخفاض الدخل الحقيقي للمستهلكين الغربيين، ودفع العديد من أفقر سكان العالم إلى المجاعة الفعلية.
أحد أفضل إشارات الإنذار المبكر للتضخم المستقبلي هو مسح فيلادلفيا الفيدرالي للأعمال غير التصنيعية؛ حيث أنه اعتبارًا من نهاية مايو، أفاد 73٪ من المستجيبين بارتفاع تكاليف المدخلات.
وحتى الآن، كان رد واشنطن الوحيد هو تشجيع الاحتياطي الفيدرالي على رفع أسعار الفائدة. والذي لن يساعد ف شيء.
وكما جادلت في مقال سابق بتاريخ 8 أبريل 2022. فالمشكلة الحقيقية هي نقص الاستثمار. . وفي النهاية، قد تؤدي المعدلات الأعلى إلى حدوث ركود، وتكون فترات الركود انكماشية. لكن على المدى الطويل، لن يؤدي ذلك إلا إلى تفاقم ضغط العرض، لأن فترات الركود تسحق أيضًا الاستثمار الرأسمالي.