رؤى

التغيرات المناخية.. كيف أصبح كوكبنا على موعد مع كارثة؟

لم يكن أحد يتخيل أن ساعات الندم على إهمال ناقوس الخطر، الذي دقّه عدد كبير من العلماء والمهتمين بشئون البيئة، منذ عدة سنوات بسبب التغيرات المناخية – ستحين سريعا وأن الثمن سيكون فادحا، وسيدفعه الكثيرون من أعمارهم وأوقاتهم كما هو الحال الآن؛ حيث تعصف كارثة غير مسبوقة بالكوكب من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه.

مصر ليست بعيدة عن تأثيرات التغيرات المناخية التي تعصف بالكوكب بأكمله، بحسب ما أكده خبراء وأكاديميون داعين إلى ضرورة أن تشهد السنوات المقبلة توسعا كبيرا، في الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة وحسن استخدام الموارد الموجودة في مياه البحار، والتي لم يتم استثمار جزء كبير منها حتى اليوم.

ومن جانبها أكدت الدكتورة نهى سمير، عميد كلية الدراسات البيئية بجامعة عين شمس؛ أن التغيرات المناخية تفرض نفسها اليوم بقوة، على المشهد في العالم برمته، والجميع الآن مشغولون بمتابعة أخبارها لحظة بلحظة، وهى الأمر الذي لم يكن يخطر على بال أحد، حتى فترة قريبة.

وأضافت خلال ندوة استضافها ملتقى الهناجر الثقافي مؤخرا، حول التغيرات المناخية وتداعياتها.. أن ظاهرة الفيضانات والأعاصير التي تشهدها العديد من دول العالم ليست وليدة اليوم، فمنذ التسعينات بدأنا نرصد العديد من الظواهر الغريبة في هذا الصدد، في ظل تزايد الحديث عن تأثيرات التلوث والانبعاث الحراري.

وقالت أن جزءا كبيرا مما يحدث اليوم، يمكن أن نصفه بأنه شكل من أشكال التمرد من قبل الطبيعة على السلوك الإنساني، خلال السنوات الماضية في ظل التوسع الكبير في استخدام الوقود، والذي تزامن مع التوسع في إنشاء المصانع حول العالم، وما لعبته من دور في زيادة معدلات التلوث ومعدلات انبعاث ثاني أوكسيد الكربون.

ومن ناحية أخرى نبهت الدكتورة أميرة جمال أستاذ الصحة العامة بجامعة قناة السويس– إلى ضرورة إضافة مناهج خاصة بالبيئة للمقررات الدراسية، في ظل التداعيات المناخية الكثيرة الماثلة أمامنا، والتي تستدعي قدرا كبيرا من ترسيخ الوعي لدي الأجيال القادمة بأهمية الحفاظ على البيئة.

وأشارت إلى أن التغيرات المناخية والتلوث، لهما تأثيرات بالغة على صحة الإنسان، وانتشار أمراض بعينها بين البشر، فالخطر ليس بعيدا عن الصحة العامة كما يمكن أن يتوهم البعض.

وبعيدا عن كلام الخبراء؛ فإن تأمُّل المشهد عالميا، يكشف بجلاء أن التغيرات المناخية باتت القضية رقم (1) التي تشغل بال الجميع على ظهر الكوكب،  يستوي في ذلك الشمال والجنوب والشرق والغرب، فالكل يحبس أنفاسه في ظل مشهد يزداد رعبا ساعة بعد أخرى، في ظل موجة من الجفاف الشديد وغير المسبوق تجتاح أوروبا، تسببت في جفاف عدد كبير من أنهارها وتأثر الكثير من الحاصلات الزراعية.. ولأول مرة تجد القارة الأكثر تقدما في العالم نفسها عاجزة، وهى تقف وحيدة تحت رحمة عدو لا تملك مقاومته بكل ما أوتيت من أسباب التقدم ومستحدثات العصر.

كما رأينا كيف تحولت بعض كبريات عواصم ومدن العالم؛ بفعل الحرائق الناجمة عن الارتفاع الكبير وغير المسبوق في درجات الحرارة – إلى مدن أشباح وكيف أصبح الماء عزيزا حتى أن نداءات وجهت للمواطنين في البعض منها بتجنب الاستحمام بالماء، واستخدام المناديل المبللة كبديل.

وتستعد مصر لاستضافة الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف، في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية، بشأن تغير المناخ COP27 بمدينة شرم الشيخ، في نوفمبر المقبل في الوقت الذي تفرض فيه التغيرات المناخية إقامة جبرية على الملايين حول العالم، كما هو الحال في باكستان التي أفقدتها الفيضانات الأخيرة غير المسبوقة الكثير من بنيتها التحتية، وأعادتها عقودا إلى الوراء خلال ساعات معدودة، وهو ما دفع الحكومة الباكستانية إلى إعلان حاجتها إلى عدة مليارات من الدولارات؛ كي تتمكن من إصلاح بعض ما أفسدته الفيضانات.

وبحسبة الأرقام فإن فاتورة التلوث باهظة جدا، فحسب تقرير للبنك الدولي؛ فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وحدها تتكبد سنويا نحو 141 مليار دولار بسبب التلوث، وطبقا للتقرير نفسه فإن مستويات التلوث في المدن الكبرى بالمنطقة هي الأعلى عالميا.

السؤال الذي يشغل بال الكثيرين اليوم: هل ينجح الإنسان في الوقت المناسب، في كبح جماح غضب الطبيعة، قبل أن تصب عليه المزيد من حممها، وهو ما يجعل الكوكب بأكمله على موعد مع كارثة؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock