انطلقت يوم السبت الماضي في الدوحة منافسات دور الستة عشر في مونديال قطر2022. جمع اللقاء الأول بين الطاحونة الهولندية الطامحة لتحقيق الكأس الغالية لأول مرة في التاريخ بعد الإخفاق الذي تكرر ثلاث مرات بخوض المباراة النهائية وعدم إحراز اللقب رغم الأحقية والأفضلية في دورات 1974، 1978، 2010، أمام ألمانيا والأرجنتين وإسبانيا.. ويسعى رفاق نجم ليفربول فيرجل فان دايك إلى كسر النحس في هذه البطولة في وجود تشكيلة متميزة للمدرب لويس فان جال، استطاعت تصدُّر المجموعة الأولى برصيد سبع نقاط من فوزين وتعادل وبحصيلة أهداف بلغت خمسة أهداف، وكرة وحيدة في الشباك الهولندية.. أما المنتخب الأمريكي الذي أنهى الدور الأول وصيفا للمجموعة الثانية خلف إنجلترا.. فمازال بلا طموح حقيقي، ويكتفي في أغلب الأوقات باجتياز الدور الأول، رغم توفر كل الإمكانات.. ويبدو أن هناك شيء في العقلية الأمريكية، ما زال يناوئ كرة القدم.. إنهم لا يسمونها حتى باسمها.. يقولون “Soccer” ليحتفظوا للعبتهم المفضلة التي هي أقرب إلى الرجبي، بالاسم الاصلي برغم أنها لا تمت لكرة القدم بصلة لا في الشكل ولا في اللعب ولا في القواعد.
في المباراة سيطر الهولنديون بشكل كامل على مجريات اللعب، وافتتح نجمهم ممفيس ديباي التسجيل في الدقيقة العاشرة، وأضاف دالي بليند في الدقيقة الأخيرة من الوقت الأصلي للشوط الأول هدفا آخر.. واستمرت المحاولات الامريكية على استحياء في الشوط الثاني؛ حتى نجح هاجي رايت في إحراز الهدف الأول في الدقيقة السادسة والسبعين.. إلا أن ذلك لم ينعش آمال أبناء العم سام في إدراك التعادل؛ إذ لم تمض سوى خمس دقائق؛ حتى أطلق دينزل دومفريس رصاصة الرحمة محرزا الهدف الثالث لهولندا، لتنتهي المباراة بصعود الطاحونة لدور الثمانية وخروج اعتيادي جدا للأمريكان من الدور الثاني.
في المباراة الثانية التي جمعت بين الأرجنتين واستراليا.. بدا راقصو التانجو ليسوا في أحسن حالاتهم، وبذل ميسي الذي يسعى لإدراك فرصته الأخيرة لتحقيق اللقب العالمي – جهدا كبيرا لتعويض هذا التراجع في الأداء إلى أن أدرك الهدف الأول قبل نهاية الشوط الأول بعشر دقائق. في الشوط الثاني تحسن نسبيا أداء المنتخب الأسترالي الذي ربما راودته أحلام تكرار إنجاز السعودية بالعودة إلى اللقاء سريعا بإدراك مبكر لهدف التعادل وإحراز التقدم في ظل حالة التخاذل البادية على معظم لاعبي الأرجنتين، لكن ليس كل ما يتمنى المرء يدركه.. ولربما تهدم النيران الصديقة الكثير من الأحلام؛ ليشارك الحارس الأسترالي بخطأ ساذج في إهداء الأرجنتين هدفها الثاني من كرة لجوليان ألفاريز بعد مضي نحو ساعة من اللقاء لتتهادى كرته أرضية داخل المرمى الاسترالي.. قبل أن يرد إنزو فرنانديز الهدية بهدف عكسي في المرمى الأرجنتيني في الدقيقة السابعة والسبعين.. لينتهي اللقاء المرتبك بهدفين لهدف، وصعود الأرجنتين لدور الثمانية وسط شكوك عديدة حول إمكانية رفاق ميسي للذهاب بعيدا.
وشهد الأحد لقاء فرنسا حاملة اللقب التي حاولت الاستفاقة سريعا من الهزيمة أمام المنتخب التونسي- والمنافس البولندي بنجمه الشهير لي فان دو فسكي الذي لا يبدو في أحسن حالاته مع المنتخب غير المتحمس دوما لإحراز الألقاب.. ليشهد اللقاء الذي كان تقريبا من طرف واحد تقدم الديوك بثلاثة أهداف عن طريق جيرو في الدقيقة الرابعة والأربعين، وهدفين للمـتألق كيليان مبابي في الدقيقتين الرابعة والسبعين والتسعين، وفي الوقت بدل الضائع يحتسب الحكم للفريق البولندي ضربة جزاء يسددها لي فان دو فسكي، وينجح دي لوريس في التصدي لها، لكن الحكم يعيدها بدعوى تقدم الحارس، ليحرز منها نجم برشلونة هدف بولندا الوحيد قبل الخروج المتوقع وصعود فرنسا لدور الثمانية.
في المباراة الرابعة عقد الأفارقة الآمال على المنتخب السنغالي الذي قدّم أداءً جيدا في الدور الأول وحل وصيفا في المجموعة الأولى بست نقاط من فوزين على إكوادور، وقطر وهزيمة في المباراة الأولى من هولندا.. في غياب اضطراري لنجم السنغال الأول ساديو مانيه.. وكان المنافس هو منتخب الأسود الثلاثة الذي فاجأ الجميع بأداء هجومي كاسح في مباراته الأولى أسفر عن نصف دستة أهداف في الشباك الإيرانية قبل أن يتعادل سلبيا مع نظيره الأمريكي، في طريقه إلى دك شباك الجار البريطاني ويلز بثلاثة أهداف دون رد.
أنهى الإنجليز آمال السنغاليين سريعا بثلاثة أهداف افتتحها كابتن ليفربول جوردن هندرسون في الدقيقة التاسعة والثلاثين، ثم في نهاية الوقت الأصلي للشوط الأول يضيف القائد المتألق هاري كين الثاني.. وفي الشوط الثاني يكتفي الإنجليز بهدف ساكا في الدقيقة السابعة والخمسين.. في ظل تراجع غير مفهوم في أداء رجال إليو سيسيه وخاصة الحارس إدوارد ميندي.. ليعبر المنتخب الإنجليزي بسهولة نحو دور الثمانية بإجمالي اثنا عشر هدفا في أربع مباريات في تهديد واضح للديوك القلقة في دور الثمانية.
في اليوم الثالث للدور الثاني التقى المنتخب الياباني الذي حظي باحترام وتقدير الجميع منذ فوزه المثير على المنتخب الألماني- مع نظيره الكرواتي وصيف الكأس السابقة والذي لم يقدم مستويات مقنعة إلى الآن .. وينجح محاربو الساموراي في ترجمة سيطرتهم إلى هدف لدايزين ماييدا تقدموا به قبل نهاية الشوط الأول بدقيقتين، لكن أصدقاء مودريتش ينجحون في إحراز التعادل عن طريق إيفان بيريشيتش.. وينتهي اللقاء بوقتيه الأصلي والإضافي بالتعادل، ليحتكم الفريقان لركلات الترجيح التي تحمل الكروات إلى الدور ربع النهائي بنتيجة ثلاثة لواحد.
في مساء نفس اليوم تمكن نجوم السامبا الطامحون لاستعادة الكأس الغائبة منذ عقدين، من الصعود على حساب الكوريين الذين استقبلوا أربعة أهداف برازيلية في ستة وثلاثين دقيقة، قبل أن يفيقوا ويحرزوا هدف حفظ ماء الوجه قبيل نهاية اللقاء بتسع دقائق، ليعبر نجوم السامبا إلى دور الثمانية عبورا مريحا لملاقاة كرواتيا.
ونأتي للفوز والعبور التاريخي لمنتخب أسود الأطلس على حساب الماتادور الإسباني الذي افتتح تواجده في قطر بسباعية في شباك كوستاريكا ثم تعادل مع الألمان وهزيمة مريبة ومثيرة للجدل أمام اليابانيين بهدف عجيب كان سببا في خروج الألمان.. أما المنتخب المغربي فقد صعد بطلا لمجموعته بسبع نقاط دون هزيمة، بقيادة ياسين بونو الحارس المتألق أحسن حراس الدوري الإسباني.. عبرت المباراة وقتيها الأصلي والإضافي إلى ركلات الترجيح التي حسمها الأسود دون تهاون بثلاثة أهداف لصفر.. ليصعد المنتخب المغربي لملاقاة المنتخب البرتغالي الذي حسم صعوده بسهولة بنصف دستة أهداف لهدف واحد على حساب المنتحب السويسري المستسلم .
وتبدأ اليوم منافسات دور الثمانية بلقاء البرازيل وكرواتيا يليه لقاء هولندا والأرجنتين، وغدا تعلب المباراتان المتبقيتان فيلتقي منتخبا المغرب والبرتغال، وتختتم مباريات دور الثمانية بالمواجهة المرتقبة بين فرنسا وإنجلترا.