فن

البلبل الباكي عبد الغني السيد.. وتراث خالد من الأغنيات (1)

ليس فقط ذلك التراث الخالد من الأغنيات التي تخطى عددها المئات، بل هي رحلة فنان مصري أصيل لم يتفرَّد بإبداع لون غنائي واحد؛ ولكنه استطاع أن يؤدي العديد من الألوان الغنائية؛ فارتبط اسمه بالأغنيات العاطفية والشعبية والدينية والوطنية جنبًا إلى جنب مع إتقان القصائد الغنائية والأدوار والمونولوجات والطقاطيق، ما رسَّخ مكانته في قلوب محبيه على مدار عقود، وجعل من أغنياته إضافة بارزة إلى تراث الغناء المصري، وصفحة من صفحاته المضيئة التي ستظل باقية، وسيظل يُردَّد معها اسم المطرب المصري المبدع عبد الغني السيد الذي رحل عن دنيانا منذ ستين عامًا في التاسع من ديسمبر عام 1962.

في مقتبل عمر الفنان عبد الغني السيد، اكتشفه الفنان الراحل زكي مراد والد المطربة الخالدة ليلى مراد فتبناه غنائيًّا، وكان أول من غنى في الإذاعة المصرية، منذ افتتاحها عام 1934.

صوته الرخيم المتميز بالعذوبة والشجن منحه لقب “البلبل الباكي”، فبدأ بغناء الأدوار والمونولوجات والطقاطيق والتي أبدع فيها بالرغم من أنه لم يدرس علم الموسيقى. وكان الموسيقار رياض السنباطي [1906-1981] هو صاحب أول وأهم محطة غنائية مؤثرة في حياة الفنان عبد الغني السيد، فتعاون معه في العديد من الأشكال الغنائية، كان منها الموال مثل موال: (سليت ودادي) عام 1933، من كلمات الشاعر حسين حلمي المانسترلي [1892-1962]. وكان منها أيضا المونولوجات مثل مونولوج “يا آسرة قلبي يا ملاكي” من كلمات عبد الباسط عبد الرحمن، و مونولوج “يا ذكرى أول غرامي” من كلمات إحسان العقاد.

كما تعاون البلبل المصري عبد الغني السيد مع الموسيقار رياض السنباطي في العديد من المونولوجات والطقطوقات مثل “غاب بدري عن عيوني”، و”دلالك في الهوى قاسي عليا”، و”يا ناري من كتر جفاكي”، و”بتبكي ليه يا هل ترى”، و”والله يا ربي الحب مرار”، و”شفت الأمل والهنا” و”الحب له أسرار”، أما طقطوقة “نسيتي حبي بعد اللي كان” فقد حققت في الثلاثينيات مبيعات كبيرة، يقال إنها قاربت المليون نسخة آنذاك، وحصل عنها على الجائزة البلاتينية، فكان أول مصري وعربي يحقق هذا الرقم الضخم من المبيعات من خلال شركة بيضافون التي ضمته هو والموسيقار رياض السنباطي. وكان لذلك الانتشار الملفت أثره في دخول الفنان عبد الغني السيد مجال التمثيل المسرحي الغنائي، ثم مجال التمثيل السينمائي فيما بعد.

وكانت البداية السينمائية للفنان عبد الغني السيد في فيلم “وراء الستار” عام 1937، للمخرج كمال سليم، ومن بطولة تحية كاريوكا وعبد السلام النابلسي، وقد تضمن لحن “قولي لي إيه غيَّر حالي”، وكذلك أوبريت “بدر الدجى” الذي اشتركت معه في غنائه الفنانة رجاء عبده، وهما من كلمات حسين حلمي المانسترلي وألحان رياض السنباطي. وفي عام 1938، اشترك عبد الغني السيد في بطولة فيلم “شيء من لا شيء” من إخراج أحمد بدرخان وغنى فيه عدة ألحان منها “زدني حيرة يا هوايا”، و”غني يا طير بين الأزهار”، وكذلك “يا حزين القلب” بالاشتراك مع المطربة نجاة علي، من تأليف بديع خيري وألحان زكريا أحمد.

أما أشهر أفلام عبد الغني السيد فكان فيلم “شارع محمد علي” للمخرج نيازي مصطفى عام 1944، والذي شاركته بطولته الراقصة والممثلة حورية محمد، وغنى لها فيه أغنيته الشهيرة “وله ويا وله” من كلمات أبو السعود الإبياري، وألحان الموسيقار محمود الشريف. ومن ألحان رياض السنباطي وكلمات عبد العزيز سلام أبدع عبد الغني السيد في هذا الفيلم في غناء أغنية “آه من العيون”.

وفي الأربعينيات والخمسينيات شارك عبد الغني السيد بالتمثيل والغناء في أكثر من ستة عشر فيلمًا سينمائيًّا منها فيلم “عريس من إسطنبول” عام 1941، وفيلم “عايدة” عام 1942، من إخراج أحمد بدرخان والذي شارك فيه في غناء أوبريت “عايدة” وفيلم “سفير جهنم” 1945، وفيلم “ليالي الأنس” 1947، وفيلم “البيت الكبير” 1949، وفيلم “أسرار الناس” 1951، وفيلم “بيني وبينك” 1953، وفيلم “قلوب الناس” 1954، وفيلم “كيلو 99” 1955.

هذا وقد لحّن عبد الغني السيد لنفسه عددا من الألحان منها أغنية “وحياتك ما هعاتبك”، وأغنية “إنت على بالي” وهما من كلمات عبد العزيز سلام، وأغنية “عطشان والنبي عطشان” من تأليف حسين السيد.

وكان من بين الأغنيات التي اشترك فيها الثلاثي رياض السنباطي وحسين حلمي المانسترلي وعبد الغني السيد أغنية “سألوني كتير”. كما تعاون المطرب الراحل عبد الغني السيد، الذي أطلقت عليه مجلة “آخر ساعة” لقب “أشيك مطرب في مصر”، مع العديد من عمالقة التلحين في مصر، بالإضافة إلى الموسيقار رياض السنباطي، كان من بينهم: محمود الشريف، ومحمد عبد الوهاب، ومحمد القصبجي، ومحمد الموجي، وكمال الطويل، وبليغ حمدي، وفؤاد حلمي، وحسين جنيد، ورياض البندك، وأحمد عبد القادر، وفريد غصن، وعبد العظيم عبد الحق، وعلي إسماعيل.

وفي المقالات القادمة سنستعرض أهم أعمال البلبل المصري عبد الغني السيد مع العديد من الملحنين، بعدما قدمنا في هذا المقال لأبرز أعماله الغنائية مع الموسيقار المبدع رياض السنباطي.

نيفين عبد الجواد

كاتبة وباحثة مصرية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock