نقلا عن مونت كارلو الدولية
يختبر شبح أزمة مصرفية كبرى تصميم البنك المركزي الأوروبي الذي سيتخذ يوم الخميس 16 مارس 2023 قرارا بشأن رفع جديد لمعدلات الفائدة لمحاربة التضخم، لكنه في المقابل قد يتوخى الحذر.
بعد إفلاس بنك سيليكون فالي في الولايات المتحدة، هل ستؤدي المخاوف بشأن مصرف كريدي سويس إلى إعادة خلط الأوراق بالنسبة لأوصياء اليورو؟.
ستكون مؤسسة فرانكفورت أول بنك مركزي رئيسي يصدر قرارا نقديا بعد ظهر الخميس منذ انهيار بنك سيليكون فالي ومصرفين أميركيين إقليميين آخرين، مما أثار مخاوف من تكرار الأزمة المالية لعام 2008.
يوم الاربعاء واجه العملاق السويسري “كريدي سويس” أسوأ جلسة في تاريخه في البورصة بعد حالة من الهلع اثر تصريحات أكبر مساهميه، البنك الوطني السعودي. سجل سهم المصرف أدنى مستوى تاريخي له عند 1,55 فرنك سويسري.
يعقد البنك المركزي الأوروبي اجتماعه الخاص بالسياسة النقدية في سياق لم يتصوره ويتعين عليه الآن التصدي للتضخم المستمر دون أن يزعزع أكثر استقرار الأسواق المالية.
المجال ضيق لإدارة معدلات الفائدة التي تقع حاليا في نطاق يتراوح بين 2,5% و3,25%، وهو أعلى مستوى منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2008.
سيناريو غير متوقع
كثفت السلطات والقادة على جانبي الأطلسي التصريحات التي قللت من مخاطر انتقال العدوى لباقي القطاع المصرفي والاقتصاد. وسعى المشرفون الأميركيون إلى طمأنة المستثمرين من خلال ضمان وصول العملاء إلى أموالهم المودعة في المصرف الذي يتخذ من كاليفورنيا مقرا له.
كما انتعشت الأسواق الأوروبية صباح الخميس بعد أن أعلن بنك كريدي سويس أنه سيطلب من البنك المركزي السويسري اقتراض ما يصل إلى 50 مليار فرنك سويسري(50,7 مليار يورو).
في هذه الأجواء غير المستقرة، من الصعب التنبؤ برد فعل البنك المركزي الأوروبي، كما يشير محللون.
تقول إيبيك أوزكاردسكايا المحللة في بنك “سويس كوت” انه “من الصعب التنبؤ بالأهمية التي سيوليها واضعو السياسات النقدية لهذا الضغط المصرفي مقارنة بالتضخم”.
حتى فترة ليست ببعيدة، اعلن عن زيادة قدرها 50 نقطة هي الثالثة على التوالي بهذا الحجم – بما أن البنك المركزي الأوروبي نفسه اعلن ذلك الشهر الماضي. لكن السيناريو المتمثل في زيادة تقدر بربع نقطة لم يعد مستبعدا من قبل الأسواق.
قالت أوزكارديسكايا “يمكن للبنك المركزي الأوروبي أن يختار زيادة أقل أو لا زيادة على الإطلاق حتى تهدأ الامور قبل اتخاذ أي إجراء إضافي”.
وقال المحللون في بنك “آي أن جي” انه “استنادا إلى البيانات الاقتصادية وحدها يتوقع أن يرفع البنك المركزي الأوروبي اليوم الفائدة 50 نقطة”.
وأضافوا “لكن الانتقال السريع لعدوى إفلاس بنك إقليمي أميركي إلى المصارف الأوروبية لا يمكن تجاهله تماما”.
نقاشات حامية
أمام ارتفاع الأسعار في أعقاب الهجوم الروسي على أوكرانيا، بدأ البنك المركزي الأوروبي في تموز/يوليو دورة غير مسبوقة لرفع أسعار الفائدة.
هذا التشدد النقدي القسري، الذي طبقته جميع البنوك المركزية الرئيسية لزيادة تكلفة الائتمان وإبطاء ارتفاع الأسعار، ساهم أيضا في إضعاف المصارف التجارية.
وفقا لمصرف “آي أن جي” فان “الحكمة تملي علينا أخذ قسط من الراحة (في التشدد النقدي) وأن تستأنف الزيادات لاحقا لكن البنك المركزي الأوروبي قد يعتبر أن مصداقيته في مكافحة التضخم التي تأثرت أصلا، ستتضرر أكثر”.
سيساهم ذلك في إحياء الجدل بين حكام البنوك المركزية في منطقة اليورو، بين “الحمائم” الذين يدعون إلى الحذر و”الصقور” الذين يريدون الإستمرار في نهج التشدد النقدي وسيطالبون بعدم وجود مخاطر عدوى على الاقتصاد.
لأن المعركة على الأسعار لم تنته بعد ولا تزال تضع البنك المركزي الأوروبي تحت الضغط.
تراجع التضخم في منطقة اليورو في شباط/فبراير للشهر الرابع على التوالي، إلى 8,5% على أساس سنوي لكن ما يسمى بالتضخم “الأساسي” باستثناء الطاقة والغذاء، ارتفع إلى مستوى قياسي بلغ 5,6%.
ستساعد توقعات التضخم والنمو الجديدة التي نشرتها المؤسسة النقدية الخميس على إعادة تقييم الوضع، لكن سيتعين على رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد أن تختار كلماتها بعناية في تصريحاتها لكي لا تؤجج العاصفة في الأسواق المالية.