ترجمة: كريم سعد
أعلنت المملكة العربية السعودية وإيران استئناف العلاقات الدبلوماسية بشكل فوري يوم الخميس في بكين، بعد أول اجتماع رسمي بين أعلى دبلوماسيي البلدين في أكثر من سبع سنوات. وأشار الخبراء إلى أن تعزيز دور الوساطة الصينية بين البلدين كان ملحوظا خلال الشهر الماضي، ما يظهر أن الفلسفة الدبلوماسية التي تروج لها وتمارسها الصين تحظى بتقدير عالمي.
والتقى المستشار الدولي ووزير الخارجية الصيني قينغانغ مع كل من وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، ووزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في بكين يوم الخميس، وشهد استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران.
وحضر وزيري الخارجية الاجتماع في بكين، وبعد الاجتماع، شهد الوزير الصيني توقيع بيان مشترك بين المملكة العربية السعودية وإيران، وأعلن البلدان استئناف العلاقات الدبلوماسية بشكل فوري.
وأثمرت الجهود المشتركة بين الصين والسعودية وإيران من خلال المحادثات السعودية الإيرانية في بكين الشهر الماضي عن تحقيق نتائج ملموسة، ومنذ ذلك الحين، أجرى الجانبان تفاعلات على مستوى عالٍ، وأظهرا تعاونهما البنّاء والإخلاص الكامل، ما ثمِّنه الجانب الصيني كثيرًا. وأضاف كيون.. أن الصين تدعم الجانبين في اتخاذ خطوات جديدة لتخفيف التوتر وتحسين العلاقات.
وأشار كيون إلى أن التحسُّن في العلاقات بين السعودية وإيران سيساعد على صون السلام والاستقرار الإقليميين، ويُشكِّل مثالًا يُحتذى به للعالم في حل الصراعات عن طريق الحوار، ويُمثل تطبيقا ممتازا لمبادرة الأمن العالمي وبناء مجتمع لمستقبل مشترك للإنسانية.
وأعرب الدبلوماسيان عن تقديرهما الكبير لدور الصين في دعم السعودية وإيران لعقد المحادثات في بكين.
ويأتي اجتماع يوم الخميس في بكين، عقب اتفاق تاريخي بوساطة صينية في مارس الماضي لاستعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران وإعادة فتح سفارتهما المغلقة في غضون شهرين.
وقال زو يونجبياو، المدير التنفيذي لمركز الأبحاث للحزام والطريق في جامعة لانزهو، لـ”ذي جلوبال تايمز” يوم الخميس إن آثار هذا الحدث الدبلوماسي الرئيسي كانت كبيرة وانتشرت، حيث تأثَّرت دول أخرى في الشرق الأوسط بشكل إيجابي بهذا الأمر.
وأضاف زو يونجبياو أن هذا الاتفاق يمثل محفزًا قويًا في عالم متقلب. وأشار إلى أن العلاقات الدبلوماسية متعددة الأطراف والمتساوية التي تدعو إليها وتمارسها الصين مرة أخرى يتم التعرف عليها من قبل دول أخرى، ما يشير في الوقت ذاته إلى أن دبلوماسية الولايات المتحدة، التي تحافظ على ذهنية الحرب الباردة، أصبح العالم يتخلى عنها.
وكانت المملكة العربية السعودية قد قطعت العلاقات الدبلوماسية مع إيران في بداية عام 2016، ردًا على الهجمات التي استهدفت البعثات الدبلوماسية السعودية في البلاد بعد تنفيذ المملكة حكما بإعدام رجل دين شيعي. وأدى التنافس الجيوسياسي الشديد المحيط بالأوضاع في اليمن وسوريا ولبنان ودول أخرى إلى التصادم في الشرق الأوسط.
وقد رحب العالم بالاتفاق الذي توسطت فيه الصين بين السعودية وإيران في مارس، واعتبره بمثابة نقطة تحول في المساعدة على تخفيف التوترات واستعادة السلام في الشرق الأوسط، وكذلك حقن الاستقرار في المناظر الجيوسياسية المتقلبة. وأشار الخبراء إلى أن فلسفة الدبلوماسية الصينية، التي تهدف إلى تعزيز السلام والتنمية، تتمتع بجاذبية أكبر بكثير من تكتيكات بعض الدول التي تدفع إلى التصادم لتوسيع نطاقها السياسي الخاص في منطقة الخليج.
وقال ليو جونغمين، أستاذ في معهد دراسات الشرق الأوسط في جامعة شنغهاي للدراسات الدولية، إن الصراع واللعبة الصفرية هي صفة أساسية للعلاقات الدولية بين دول الشرق الأوسط منذ الربيع العربي – موجة من الاحتجاجات والانتفاضات والاضطرابات التي انتشرت في الدول الناطقة بالعربية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2011 – مشيرًا إلى أن نمط النزاع الذي يسود الشرق الأوسط هو بسبب تأثير الاستعمار الغربي والهيمنة والسياسات القوية في الماضي، ما أدى إلى دوامة خطيرة من قضايا الأمن ونقص التنمية.
وأضاف ليو: إن وساطة الصين الناجحة في التوفيق بين السعودية وإيران لا تساعد فقط على تعزيز تخفيف التوتر في الشرق الأوسط، ولكن أيضًا على تغيير التركيبة السياسية الإقليمية وثقافة استراتيجية تتميز بالصراع. وأشار إلى أن فكرة وممارسة التنمية السلمية والمحادثات المتناسقة والتسامح والتعلم من بعضها البعض التي كانت الصين ملتزمة بتعزيزها أصبحت خيارا مشتركا للبلدان في المنطقة، ومن المؤمل أن تساعد على تعزيز اتجاه تخفيف التوتر والتنمية في المنطقة.
وأشار الخبراء إلى أن مفهوم ممارسة الدبلوماسية المستقلة قد تزايد في منطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة. وأن نهج الدبلوماسية الصينية المتمثل في عدم التدخل في شئون دول أخرى وعدم ملء الفراغات السلطوية أو السعي إلى الهيمنة، مع تعزيز الحوار والتشاور لمعالجة القضايا، يلقى استحسانا في جميع أنحاء المنطقة.
وتخطط المملكة العربية السعودية لدعوة الرئيس السوري بشار الأسد إلى قمة الجامعة العربية التي تستضيفها الرياض في مايو، وفقا لتقرير لوكالة رويترز نقلته الأحد مصادر لم تكشف عن هويتها ولكنها على دراية بالموضوع. وإذا تحقق حضور الأسد في قمة الجامعة العربية، فسيعد هذا التطور الأكثر أهمية في إعادة توطينه مرة أخرى داخل العالم العربي منذ عام 2011، حين جمدت عضوية سوريا في الجامعة العربية.
وبعد بضعة أيام من اتفاق السعودية وإيران في بكين، بدأ حليفا المنطقة التركية والمصرية أيضًا في إرسال رسائل دافئة لبعضهما البعض وتحدث الطرفان عن إعادة إقامة علاقات دبلوماسية كاملة. وزار وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو القاهرة في 18 مارس لعقد محادثات مع نظيره المصري سامح شكري لأول مرة منذ انقطاع العلاقات الثنائية قبل عقد من الزمن.