تشير العديد من التقارير إلى أنه من المُرجّح تراجع سعر صرف الجنيه خلال الربع الأول من العام الجديد، ليصل إلى 40 جنيها للدولار، مع تنبؤات بتراجع وتيرة التضخم الذي شهد معدلات مرتفعة خلال عام 2023، وصلت إلى 34% ليصل خلال مطلع العام القادم إلى نحو 27%. مع توقع أن يهبط إلى نحو 23% في فبراير 2024، مع استقرار سعر الصرف، ثم صعود إلى نحو 30% في النصف الثاني من 2024، كما تشير بعض التقارير، قبل أن ينخفض إلى 25% بنهاية العام.
الأزمة المتفاقمة منذ شهور تسببت في تباينات غير مسبوقة في سعر صرف الدولار أمام الجنيه، فهناك السعر الرسمي الذي بقي ما دون 31 جنيها للدولار الواحد، والسوق الموازية التي اقترب سعر الدولار فيها من الـخمسين جنيها، وسوق الذهب الذي وصل فيه الدولار إلى 49.20 جنيها، بينما يتعامل مستوردو السيارات مع الدولار عند حدود51 جنيها.. في حين بلغ الارتفاع أقصاه في شهادات إيداع (GDR) بنك CIB ببورصة لندن إذ بلغ 58 جنيها.. وهناك تسعير آخر يخص الشركات الصناعية التي تستورد الخامات؛ إذ تحتسب سعر الدولار وفق حساب ما لديها من مخزون الخامات (متوسط السعر) مع سعر الخامات الجديد؛ تلافيا لارتفاع كبير في أسعار المنتجات؛ يكون من شأنه التأثير سلبا على عملية البيع.
يُرجع البعض هذا التراوح الكبير في سعر الصرف إلى عدم وجود ضوابط حاكمة، ما يجعل العشوائية تسيطر على السوق، في ظل تأثيرات مباشرة لخلل هيكلي في أكثر من جانب من جوانب الاقتصاد؛ حتى أن البنوك المصرية نفسها لديها أكثر من سعر للدولار.. فإلى جانب السعر الرسمي الذي يندر توفير العملة الصعبة به، نجد آخر بزيادة 10% “بحساب عمولة التدبير على العملات الأجنبية باستخدام بطاقات الائتمان في المعاملات الدولية وخارج مصر بالإضافة إلى سعر ثالث للعقود المستقبلية غير القابلة للتسليم، والتي شهدت انخفاض عقود الجنيه لأجل 3 أشهر بنسبة 14% منذ مطلع أكتوبر، وبلغت أدنى مستوياتها عند 37.7 أمام الدولار يوم الأربعاء الماضي، كذلك تراجعت العقود لأجل 12 شهرا 11% منذ أواخر سبتمبر، وبلغت 47 أمام الدولار، مسجلةً مستوى منخفضا جديدا.
كان رئيس الوزراء المصري قد أعلن السبت الماضي أن أزمة العملة الصعبة في مصر توشك أن تنتهي، دون أن يتطرق إلى كيفية انقضائها، وهو ما لم يلق صدى واسعا لدى عدد من المحللين الذين أكدوا أن تحرير سعر الصرف لا يمكن أن يكون أحد حلول الأزمة، ولن يؤدي بحال إلى توحيد سعر الصرف؛ لأن الحل لن يتحقق إلا بتوفير العملات الأجنبية لسد الفجوة التمويلية، وتقليل النفقات ذات المكوّن الدولاري. بحسب تقديرات “بي إم أي”، فإن المركزي المصري لن يلجأ إلى فرض أي زيادة حادة على الفائدة، وسيحافظ على المستويات الحالية حتى مطلع 2024، حيث سيفرض زيادةً بـ300 نقطة أساس قبيل السماح بخفض جديد في قيمة العملة.
لا تبدو الحكومة المصرية في وضعية جيدة تمكنها من التعامل بيقين مع إمكانيات الخروج من الأزمة التي تقترب من الدخول في شهرها التاسع، مع اقتراب الاستحقاق الرئاسي المتوقعة نتائجه، وما يفرضه ذلك من مقدرة على فتح أفق جديد للفترة الجديدة من حكم الرئيس السيسي، بعد عِقدٍ شهد تطورات كبيرة على كافة الأصعدة؛ أصاب غالبية المصريين جرّاءها كثير من الآثار السلبية؛ فهل تنتظر مصر انفراجة حقيقية، أم سيكون العام الجديد كسابقه في فرض مزيد من الضغوط الاقتصادية على السواد الأعظم من الشعب المصري؟ سنرى.