استقبل المصريون عامهم الجديد بعدد من الارتفاعات في أسعار الخدمات الأساسية وبعض السلع.. بدءا من زيادة أسعار تذاكر السكة الحديد ومترو الأنفاق في اليوم الأول من العام؛ مرورا بخدمات الاتصالات والكهرباء ورسوم تسجيل السيارات، ومواد البناء.. ويترقب المصريون إعلان الحكومة الارتفاعات الأخرى تباعا.
ويعد مترو الأنفاق الوسيلة الأكثر استخداما في القاهرة وضواحيها، ويخدم ما يقارب العشرين مليون مواطن.. وقد ارتفعت أسعار التذاكر بنسب تراوحت بين 12% و33%، بهدف زيادة الإيرادات بنحوٍ من مليار جنيه؛ ليصل مجمل الإيرادات المتوقعة خلال 2024 إلى 4 مليارات جنيه.
وكانت الشركة المصرية للاتصالات قد قررت رفع أسعار باقات الإنترنت الأرضي بنسبة 33.3 % اعتبارا من اليوم الجمعة الموافق 5 يناير، كما رفعت شركات المحمول أسعار الباقات، وعدد من الخدمات بنسبة تتراوح من 10% إلى 15%، على أن يبدأ التطبيق بداية الشهر القادم.
لم تتخلف وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة عن المشاركة في الحدث بإقرار زيادة جديدة في أسعار الكهرباء للمنازل والمحال التجارية، بنسب تتراوح بين 7% و26% وفق نظام شرائح الاستهلاك.. والمصانع بنسبة زيادة بلغت 20%.
وقد شهد الثلاثاء الماضي إقرار وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة زيادة جديدة في أسعار الكهرباء بدءا من شهر يناير الجاري، بحسب كمية الاستهلاك.. وتطال هذه الزيادة الاستخدام المنزلي والمحلات التجارية.. وقد أثارت تصريحات المسئولين بهذا الشأن لغطا واسعا، إذا اعتبر البعض الزيادة جزءا من خطة رفع الدعم التدريجي؛ وعند مقارنة هذه التصريحات بتصريحات سابقة تبين أن الحكومة قد رفعت الدعم بالكامل عن الاستهلاك المنزلي والتجاري منذ 2020.
رسوم تسجيل بيع ونقل ملكية السيارات في الشهر العقار ارتفعت هي الأخرى بعد صدور قرار وزير العدل بهذا الشأن.. الرسوم زادت من 5% إلى 10% دون بيان أسباب ذلك.
كان الأربعاء الماضي قد شهد زيادة في أسعار الحديد تراوحت بين 171 و190 جنيه للطن، والإسمنت بزيادة قدرها 59 للطن، بينما زاد سعر “الطوب” من 850 لـ 1000 جنيه للألف طوبة.
ومازالت تداعيات التضخم الهائل الذي ضرب مصر على نحوٍ غير مسبوق؛ خلال العام المنقضي- تعصف بغالبية المصريين، وليس الطبقات الفقيرة فقط.. فوفق الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بلغ الارتفاع في أسعار المستهلكين على أساس سنوي 34.6% ، مقابل 35.8% في أكتوبر الماضي، مع استمرار الضغوط التضخمية في أسعار المأكولات والمشروبات.. إذ ارتفع سعر الأرز بنسبة 70%، والسكر بنسبة 17% في المجمعات مع عدم توفره معظم الوقت، بينما تجاوز سعر الكيلو في السوق الحر الـ50 جنيها.. أما زيت الطعام فقد ارتفعت أسعاره خلال العام الماضي بنسبة تراوحت بين 14.74% : 39.90%.. والسمن الصناعي بنسبة بلغت 56.8%، كما تراوحت الزيادة في أسعار كرتونة البيض من 48.53% : 53.68%. وقُدّرت نسبة الزيادة في أسعار اللحوم البلدية من 63.30% : 115.87%.
أما الخضراوات فقد شهد بعضها ارتفاعا جنونيا، إذ بلغ سعر كيلو البصل من النوع الجيد 40 جنيها، والبطاطس 30 جنيها للكيلو الواحد والخيار 20 جنيها.. وقد ظلت هذه الأصناف لعقود طويلة زهيدة الثمن يعتمد عليها الفقراء كغذاء أساسي.
ويتوقع كثيرون تعويما جديدا للجنيه خلال الايام القليلة القادمة بعد أن اقتربت الفجوة بين سعر الدولار الرسمي وفي السوق الموازية من الـ 25 جنيها إذ وصل سعر الدولار إلى 55 جنيها فعليا -كان قبل عام دون الـ28جنيها- بينما تجمّد سعره الرسمي ما دون 31 جنيها للدولار الواحد، وهذه النقطة تحديدا تؤرق مسئولي صندوق النقد الدولي، الذين لا يكفون عن مطالبة الحكومة بتبني سعر صرف أكثر مرونة؛ بينما تسعى مصر إلى زيادة قرض الصندوق من ثلاثة مليارات دولار إلى خمسة، مع قرب تحديد موعد جديد للمراجعات المؤجلة من مارس وسبتمبر الماضيين.
وفي محاولة من الحكومة لاستيعاب السيولة من السوق بعد انتهاء آجال الشهادات التي طرحتها البنوك خلال العام الماضي- قرر أكبر بنكين حكوميين في مصر(الأهلي ومصر) طرح شهادات ادخار بعائد %23.5 سنويا يصرف شهريا، ويصل إلى 27% حال صرف العائد سنويا.. ويدعم هذا الإجراء آراء القائلين بقرب التعويم الجديد.
الأداء الاقتصادي لحكومة الدكتور مصطفى مدبولي كان مثار تساؤلات عديدة، وقد جرى العُرف أن تتقدم الحكومة باستقالتها عقب أداء الرئيس اليمين الدستورية والتي تقرر لها أبريل القادم.. لتقترب فترة حكومة الدكتور مدبولي من السنوات الست، كانت بما لا يدع مجالا للشك من أقسى الفترات التي مرت بالمصريين على المستوى الاقتصادي.. فهل تشهد البلاد في ولاية السيسي الثالثة انفراجة اقتصادية مع الحكومة الجديدة، أم أن النهج ذاته سيظل قائما.. ومن ثم افتقار للحلول الجادة.. ومراوحة مستمرة في مضمار الأزمات، ومراكمة للمشكلات دون أفق للخروج من الوضع الاقتصادي الحرج؟
