من كان يظن أن منتخبا تعثّر في دور المجموعات، ومُنِيَّ بهزيمتين إحداهما بأربعة أهداف نظيفة، وصعد بثلاث نقاط فقط ضمن أفضل الثوالث- يكون هو المُتوّج بالذهب في هذه البطولة الاستثنائية والرائعة.. إنه منتخب كوت ديفوار الذي قدّم عدة دروس في الإصرار والتحدي بعد الفشل الذريع والسقوط المروع؛ ليصدق فيه المثل القائل “ليس أخطر ممن عاد من الموت”.
في المباراة النهائية لم يكتف الأفيال بما قدموه من suspense”” في المباريات الست السابقة، ليحبس أنفاس أكثر من ستين ألف مشجع في ملعب الحسن واتارا، ونحوا من ثلاثين مليون إيفواري، بعد تأخره بهدف في الدقيقة الثامنة والثلاثين من رأسية تروست إيكونغ أسكنها الزاوية العليا على يمين يحيى فوفانا؛ لينهي المنتخب النيجيري الذي قدّم أقوى أداءٍ في البطولة، الشوط الأول لصالحه؛ كانت تشكيلة المدرب إيميرس فايي قد اكتملت بعودة الموقوفين: المدافعان أوديلون كوسونو وسيرج أوريه، والمهاجمان عمر دياكيتيه وكريستيان كواميه.. وكذلك اشتراك كل من أوريه وكوسونو، إلى جانب مثلث الهجوم جراديل وهالر وأدينجرا، وفي الوسط حلَّ فرانك كيسيه وسيكو فوفانا إلى جانب ميكايل سيري.
الفريق النيجيري اعتمد على دفاعه الحديدي وحارسه العملاق نوابيلي الذي يصب مرماه سوى بهدفين في ست مباريات، في مقابل سبعة أهداف مني بها المرمى الإيفواري، في حين شارك في الهجوم أوسيمن ولوكمان وتشوكويزي، وفي الوسط أيوبي وكالفين وأونييكا.
أخذت كوت ديفوار زمام الأمور منذ البداية، فهاجمت وهددت مرمى نوابيلي مرتين في الدقائق الخمس الأولى عن طريق هالر.. لكن النيجيريون نجحوا في التغلب على عاملي الأرض والجمهور رغم أن أداءهم لم يكن إيجابيا طوال العشرين دقيقة الأولى، واكتفوا بالكرات الطويلة -غير المجدية- المرسلة لأوسيمين الذي شعر بالوحدة وسط دفاع الأفيال.. الذين كادوا أن يحرزوا هدف التقدم بعد مضي ثلث الساعة، لكن كرة جراديل مرت بجوار القائم الأيمن.. وكانت تسديدة أدينجرا في الدقيقة الرابعة والثلاثين، أقرب لأن تصنع هدفا لكنها خرجت إلى ركنية لم تستغل، قبل أن تحرز نيجيريا هدفها الوحيد؛ ليقضي الإيفواريون الدقائق المتبقية من الشوط الأول في محاولة استيعاب ما حدث.
لكن الشوط الثاني سيشهد استفاقة إيفوارية إذ بادر أصحاب الأرض بصنع هجمتين في الدقائق الخمس الأولى، قبل أن يسقط جراديل داخل مربع العمليات إثر دفعة من زايدو.. لكن الموريتاني دحان أمر باستمرار اللعب.
ترك النسور للأفيال الاستحواذ عن طيب خاطر ليصل في نهاية المباراة لـ 62.5%، واعتمدوا على المرتدات؛ لكن تراجعهم كان واضحا ما أحدث حالة من الارتباك في الدفاع تمكّن معها فرانك كيسيه من إدراك التعادل في الدقيقة الثانية والستين بضربة رأسية قوية من تمريرة لأدينجرا.
رد النسور بهجمة انتهت إلى إيكونغ الذي وضع رأسيته فوق المرمى. ويجري فايي تغييرين بدخل سينغو ودياكيتي بدلا من أوريه وجراديل.. قبل أن يضيع هالر فرصة مؤكدة في الدقيقة الخامسة والسبعين.
بدوره أجرى بيسيرو مدرب النسور تغييرين بدخول كيليتشي وموسى في مكان أيوبي ولوكمان، في محاولة لاستعادة زمام الأمور التي خرجت عن السيطرة وسط تفوق الأفيال وإصرارهم على تحقيق الفوز.. لتشهد الدقيقة الحادية والثمانين هدف التتويج برأسية رائعة من هالر سكنت الشباك على يسار الحارس المذهول نوابيلي.
احتسب الحكم سبع دقائق وقتا بدلا من الضائع لم يستطع خلالها النسور تحقيق التعادل.. لينتهي اللقاء بفوز الأفيال وتتويجهم بالكأس الثالثة في تاريخهم، بعد تنظيم رائع ونسخة من أفضل نسخ الكان الأربعة والثلاثين.
وكان منتخب الأولاد قد حصد البرونزية أمس بعد تغلبه على الكونغو الديمقراطية بضربات الترجيح بنتيجة 5-6 بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل السلبي.