أعلن مساء اليوم في إمارة “أبوظبي” بالإمارات عن فوز رواية “قناع بلون السماء” للروائي الفلسطيني الأسير باسم خندقجي بجائزة البوكر العالمية للرواية العربية.
كانت ست روايات قد وصلت مارس الماضي إلى القائمة القصيرة للجائزة، على رأسها الرواية المذكورة بالإضافة إلى: “مقامرة على شرف الليدي ميتسي” للمصري أحمد المرسي. و”خاتم سليمي” للسورية ريما بالي. و”باهبل مكة” للسعودية رجاء عالم. و”سماء القدس السابعة” للفلسطينية أسماء العيسة. وأخيرا “الفسيفسائي” للمغربي عيسى ناصري.
تشكلت لجنة تحكيم الجائزة من كل من: الكاتب السوري نبيل سليمان رئيسا، وعضوية الكاتب المصري محمد شعير، والأكاديمي فرانتيشيك أوندراش من التشيك؛ والكاتب السوداني حمور زيادة؛ والكاتبة الفلسطينية سونيا نمر.
في تعليقه على روايات القائمة القصيرة قال رئيس لجنة التحكيم: “تميزت روايات هذه القائمة بالحفر الروائي المعمق في التاريخ، على نحو تشتبك فيه أزمنة الماضي القريب والبعيد مع الحاضر والمستقبل، كما تتفاعل فيه مختلف الحضارات والإبداعات الإنسانية والصراعات أيضا.. من روايات هذه القائمة ما شغلته أسئلة الحب والجسد والتفكك الأسري، وأسئلة الهوية والقمع والتوحش مقابل صبوات البشر، فرادى وجماعات، إلى الحرية والعدالة”.
وأضاف سليمان: “ومن الروايات ما تفاعل بعمق وحرارة مع ما يعصف ببلدانه وبالعالم من الحروب والتهجير والانتفاضات، حيث عبّر الإبداع الروائي بامتياز عن وعي الذات، وعن وعي الآخر، وعن وعي العالم، فتحقق الاندغام بين القاع الاجتماعي والمحلي والعالمي، وتنوعت الرؤى، وتعددت الجماليات من تفكير الرواية بنفسها وتشكلها على مشهد من القارئ، إلى ألوان التخييل الذي لاتفتأ أجنحته تخفق”.
وعلّق رئيس مجلس الأمناء على القائمة قائلا: “تطل علينا روايات القائمة القصيرة لهذه الدورة بسرديات متنوعة للأمكنة والأزمنة والديموغرافيا، رابطةً الماضي القديم، بمساراته المتشعبكة، بحاضر تتلاطم على شطآنه أمواج التشظي الطاحن، وفضاءات الآمال المتلاشية في عوالم تفرِط ما اجتمع عقده. وتأخذنا بعض روايات القائمة القصيرة إلى مدن كـرّست وجودها في مخيالنا العربي بحضورها التاريخي. هنا مكّة، أم القرى، تناديك لتنخرط في عوالمها الداخلية بحذق وحنين. وهناك القدس، زهرة المدائن، كما وسمتها فيروز، تطل عليك من خلف جدرانها العتيقة لتخاطبك بمآلات تحيق بها. وبينهما حلب الشهباء تقف واجمة مدرارة الدمع شيمتها الصبر. وفي حدث أوّل في تاريخ الجائزة تصل رواية يقبع صاحبها لسنوات طوال خلف قضبان سجون الاحتلال مخاطبًا قرّاءه بنَفَس روائي يتوق إلى الحرية، رافضًا منطق الاستلاب والتركيع. في هذه القائمة تلتقي المغرب بجزيرة العرب، وسوريا بمصر، وجميعهم بفلسطين في سرد روائي عربي ينفتح على العالم”.
باسم خندقجي الذي فازت روايته “قناع بلون السماء” بالجائزة هو أسير فلسطيني في سجون الاحتلال الصهيوني منذ عشرين سنة، حُكم عليه بالسجن المؤبد ثلاث مرات.. وخلال العقدين الأخيرين أبدع باسم من خلف الأسوار عدّة دواوين شعرية، وعدد من الروايات هي: “مسك الكفاية” و”خسوف بدر الدين” و” أنفاس امرأة مخذولة” و”عُزلة النرجس” وثلاثية صدر منها “قناع بلون السماء”.
وبالرغم من تجربة الاعتقال المريرة إلا أن خندقجي يخرج بإبداعه إلى فضاء التاريخ الرحب كما في “مسك الكفاية” التي تدور أحداثها في العصر العباسي؛ كما يبحر بنا في عوالم الصوفية الروحانية في روايته “خسوف بدر الدين” أما في “أنفاس امرأة مخذولة” فيصور باسم الظلم المزدوج الواقع على المرأة بسبب العادات والتقاليد البالية جنبا إلى جنب مع ظلم المحتل الغاشم وعسفه.
في الرواية الفائزة بالبوكر لهذا العام لم تكن تجربة السجن الطويل هي بؤرة الأحداث، وإن ظلت ماثلة في خلفيتها و”تدور أحداث الرواية حول مراسلات ما بين نور المشهدي، الشاب الفلسطيني، ابن المخيم، الذي يشبه في شكله اليهود الأشكيناز ( سكناجي) كما كان يطلق عليه أبناء المخيم، ومراسلاته لصديقه الأسير مراد، الذي يتبادل معه نور الرسائل، و يُحدّثه عن مشروعه الروائي، إذ ينوي نور كتابة رواية تاريخية عن مريم المجدلية، يُقدّم فيها سردية جديدة لقصتها.. وهذا يقتضي منه الدخول إلى مجدو المحتلة، وزيارة المستوطنات، وخاصة مستوطنة صرعة المقامة على أنقاض قرية صرعة المـُهجّرة.
نور شاب درس الآثار، وأتقن العبرية والإنجليزية، ولم يجد من حلّ لدخول الأراضي الفلسطينية المحتلة، سوى في الادعاء بأنه يهودي صهيوني اشكنازي.
وهنا تبرز الثيمة التي تعالجها الرواية، ثيمة الهوية، الهوية التي سرقها الاحتلال من أبناء فلسطين، لكن ماذا يحدث للهوية حين تضطر لإثبات فلسطينيتها بالادعاء بأنها إسرائيلية؟ كيف يمكنك أن تلبس قناع قاتلك لتدل على أنك الضحية؟ هذا ما حاول الأسير باسم خندقجي، بقلمه أن يعالجه في روايته”
“قناع بلون السماء” التي فازت اليوم بالبوكر العربية.